أدركهم يا رئيس الوزراء..



بمناسبة يوم الثقة برئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان الذي عانق اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة، دعوني أتقدم بهذا الخطاب المشرب بالأمل والرجاء، الموجه إلى مجلس رئاسة الوزراء ووزارة التعليم العالي، نيابةً عن الفئة الأشد ضعفا وهشاشة على مستوى هذا الوطن، أولئك هم الأبناء الذين ساقهم القدر إلى أحضان أُسر فقدت المعيل حقيقةً أو حكما، تلك الأسر الأردنية النبيلة التي ابتليت بمعيل من الأشخاص ذوي الإعاقة، الأمر الذي أوقعها فريسة العوز والحرمان، وأصابها بالضُّرِّ والخذلان، وجعلها عاجزة عن تلبية أدنى متطلبات الحياة الكريمة، وها هم أبناؤها اليوم يتعرضون إلى أشد ألوان البلاء ظلمة؛ فيحرمون من مواصلة دراستهم الجامعية، مصير محتوم لا منجى لهم منه ولا مفر، تلك الدراسة التي دخلوها من بوابة قانون المنح والقروض الجامعية، ومن خلال تلك النقاط الإضافية التي كانت تمنح لهم بوصفهم حالات إنسانية خاصة، وها هم اليوم يفقدون هذه الصفة، وتنتزع منهم تلك النقاط المزيدة، التي كانت تعد تعويضا لهم عن تلك الظروف القاهرة، التي لا ذنب لهم فيها، تلك الظروف التي من شأنها أن تنأى بهم بعيدا عن المنافسة العادلة، وتقصيهم عن مبدأ تكافؤ الفرص، وذلك كله بسبب ما تم تعديله مؤخرا من بنود القانون، تلك التعديلات التي نزلت بهم كالصاعقة، وعليه فها هم واقفون على أبواب قلوبكم الرحيمة، يناشدونكم في الرئاسة العلية والوزارة السَّمِيَّة أن تردّوا إليهم أفاق المستقبل، وأن تحفظوا عليهم كرامتهم وعِفَّة أنفسهم وطهارة أيديهم، وتعاملونهم وفق ما كانت عليه بنود القانون سابقا.

وإنا لنعلم أن هناك بعض ضعاف النفوس يعمدون إلى زج أنوفهم من هذا الباب الضيِّق؛ إفتئاتا وتحايلا؛ من خلال ابراز تقارير طبية زائفة، يزاحمون بها هذه الفئة على حقهم، ولعل هذا ما دفع الوزارة إلى هذا القرار القاسي بحق أضعف خلق الله إنسيا، بيد أن هذا السلوك منزوع الأمانة لا يسوغ للوزارة حرمان هذه الفئة من طوق النجاة، ولا يبرر تركهم يواجهون الهاوية، فلا يؤخذن الصالح بجريرة غيره، فالشرع الحنيف قد حارب الخمرة ولكن لم يأمر بقطع أشجار العنب، ولا يساورني شك بقدرة هذه الوزارة أن تميز الخبيث من الطيب، ثم تلحق الحقوق بأهلها.

وإنا ندعوكم بحق من أولاكم نعمته، وبحق من منحكم ثقته، وبحق هذا الوطن الذي هو أمانة في أعناقكم، ندعوكم -وأنتم أهل النخوة والحمية- أن تفيضوا على هذه الفئة من كرمكم وفضلكم، وأن تعاملوهم بوصية ربكم، وبسيرة نبيكم، وبمضامين كلمات ورسائل جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين المعظَّم أعز الله ملكه، الذي لم ينفك يوما يهدي إلى الرشد، ويؤكد على ضرورة إيلاء هذه الفئة أتم العناية، ندعوكم ونعلم أنكم خير من أجاب، ندعوكم وقد تقطعت الأسباب، وغلقت الأبواب، فلا أبواب المعالي فتحت، ولا آذان السعادة سمعت، ولا المجلس الأعلى مد إليهم يدا.

فيا دولة الرئيس المنشود في هذا اليوم المشهود، أدرك هذه الفئة ممن وليت أمرهم، وأصبحوا أمانة في عنقك، أدركهم بفضلك ورعايتك، فإن لم تفعل، -والحال كما تقدم- فإن لهم مصيرا لن يخلفوه، مصير من تقطعت به السبل، وفقد روح الأمل، وسيكونون بين عشية وضحاها مدحورين مقهورين مغلقة بأوجههم أبواب الجامعات، قد اجتثت آمالهم، وتناثرت أحلامهم، وذهبت سنين جهدهم أدراج الرياح، فمنهم قاب قوسين أو أدنى من التخرج، ومنهم من ينتظر، فامدد فضلا إليهم يدا، وكن لهم أبا وسندا، وخذ بأيديهم إلى بر الأمان، وأنت صاحب البر والإحسان..