السياحة.. من المثلث الذهبي إلى الماسي



كتب - معتصم الدلابيح

في ظل التغيرات السياسية والعسكرية والاقتصادية التي شهدتها المنطقة على مدار السنوات الماضية، اعتمد الأردن على استراتيجية تسويقية ناجحة تمحورت حول الربط السياحي بين الأردن والأراضي المقدسة. هذه الاستراتيجية استهدفت السائحين من القارتين الأمريكيتين وشرق آسيا، وشجعتهم على زيارة أكثر من دولة عند قدومهم إلى المنطقة.

لكن مع تطور الأوضاع الإقليمية وتأثيرها السلبي على القطاع السياحي الأردني، أصبح من الضروري إعادة النظر في الاستراتيجيات الحالية وإيجاد شراكات جديدة. وفي هذا السياق، برز الدور المحوري للمملكة العربية السعودية، التي تشهد طفرة سياحية هائلة، كفرصة ذهبية لإعادة صياغة المنتج السياحي الإقليمي. بدلاً من التركيز على "المثلث الذهبي” التقليدي الذي يضم العقبة، وادي رم، والبتراء، يمكن التحول إلى "المثلث الماسي”، الذي يربط بين الأردن ومواقع بارزة في المنطقة، مثل شرم الشيخ ودهب في مصر، ونيوم ومشروع البحر الأحمر في السعودية. هذا التحول من المنافسة إلى الشراكة الاستراتيجية يمكن أن يعزز التكامل الإقليمي ويخلق منتجًا سياحيًا أكثر شمولية وجاذبية.

إلى جانب ذلك، يفتح التطور التكنولوجي في مجال النقل الجوي، خصوصًا مع ظهور التاكسي الطائر (eVTOL)، آفاقًا جديدة لربط هذه الوجهات السياحية بسهولة وبتكاليف تشغيلية منخفضة. تعتبر تقنية التاكسي الطائر حلاً مبتكرًا لتجاوز تحديات البنية التحتية التقليدية، حيث يمكن لهذه الخدمة ربط مناطق مثل العقبة، وادي رم، البتراء، شرم الشيخ، دهب، ونيوم في رحلات سريعة ومريحة. هذه الميزة تضيف قيمة تنافسية كبيرة للمنطقة، وتوفر تجربة سياحية استثنائية قائمة على الابتكار والتكنولوجيا الحديثة.

ومثلما كانت شركة الجسر العربي للملاحة نموذجًا ناجحًا للتعاون الإقليمي في الربط البحري بين الأردن، مصر، والعراق، يمكن تأسيس شراكة جديدة على نفس النهج ولكن في السماء. إنشاء شركة طيران إقليمية مشتركة تضم الأردن، السعودية، ومصر يمكن أن يمثل خطوة استراتيجية لتعزيز التكامل الإقليمي. هذه الشركة يمكن أن تعتمد على تقنيات النقل الجوي الحديثة مثل التاكسي الطائر، مما يتيح للسائحين التنقل بسهولة وسرعة بين الوجهات السياحية الرئيسية في المنطقة.

هذا النهج الجديد يجمع بين الرؤية التكنولوجية والابتكار السياحي والتكامل الإقليمي، ويعكس تطورًا حقيقيًا لمفهوم السياحة الاستراتيجية في المنطقة. من خلال هذه الرؤية، يمكن للمنطقة تقديم منتج سياحي مميز يجذب السائحين من جميع أنحاء العالم، ويعزز مكانتها كوجهة رائدة للسياحة المستدامة والمدعومة بالتكنولوجيا.