الأفضل في إفريقيا.. تربية "عاملة نظافة" وضحية "بانينكا"
يتذكر النيجيري أديمولا لوكمان طفولته الصعبة في جنوب شرق لندن، ومحاولات والدته للحصول على وظيفة لتوفير الطعام له ولأخته قبل أن ينتهي بها المطاف كعاملة نظافة أحياناً لتوفير احتياجاتهم، كما يمكنه أن يسترجع بفخر لحظات القلق التي عاشها لعدم حصوله على فرصة الانضمام لأحد الأندية ببلوغه 16 عاماً، وربما وقتها لم يتوقع أن يعتلي قمة كرة القدم الإفريقية يوماً ما.
وفاز الدولي النيجيري لوكمان، نجم أتالانتا الإيطالي، بجائزة أفضل لاعب إفريقي لعام 2024، يوم الثلاثاء في الحفل الذي أقيم بمدينة مراكش المغربية، بعدما ساهم في فوز فريقه بلقب الدوري الأوروبي.
يسترجع لوكمان ذكريات طفولته في تصريحات سابقة لصحيفة "إندبندنت" البريطانية: كانت الحياة صعبة أثناء نشأتي، مرت بعض الليالي لم يكن لدي فيها... كيف يمكنني أن أقول ذلك؟ لم يكن لدي أفضل طعام. كما لم يكن لدي أشياء معينة عندما كنت صغيراً، كان الأمر صراعاً حقيقياً بالنسبة لأمي وكان عليها أن تعتني بنا جميعاً. لقد فعلت أفضل ما في وسعها وتأكدت من وجود طعام على الطاولة وأن لدي ملابس لأرتديها. إنها منحتني كل ما طلبته منها، كنت سعيدًا ولكن مع تقدمك في العمر، تدرك مدى صعوبة الأمر بالنسبة لها.
قدمت كرة القدم فرصة لتغيير الواقع الذي يعيشه لوكمان، واستمتع بالمتعة التي منحته إياها. كونه أحد أكثر اللاعبين الشباب إثارة للاهتمام في إنجلترا، رغم معاناته من تجاهل جميع الأندية حتى سن 16 عامًا، إذ لعب في "دوري الأحد" وهي بطولة للهواة لفريق في لامبيث يسمى "ووترلو"، ونجح في تجنب المخاطر التي يواجهها العديد من الأولاد في شوارع لندن.
بهذا الصدد قال لوكمان: بالطبع هناك ضغوط من الكثير من المناطق. ولكن، حتى كطفل، عليك اتخاذ القرارات التي لا تعرضك أو عائلتك للخطر. كنت قادرًا على التمييز بين الصواب والخطأ، التجول مع الأشخاص المناسبين كان أمرًا أساسيًا بالنسبة لي. لقد أخذت الدراسة على محمل الجد وفي امتحانات الثانوية حصلت على درجات مميزة.
وأضاف: لقد أحببت لعب كرة القدم لأنني كنت جيدًا فيها ولكن أيضًا لأنني كنت أستمتع كثيرًا مع أصدقائي. أعطتني كرة القدم شعورًا جديدًا بالطاقة والحماس. كانت بمثابة الحرية. كنا نلعب في أماكن مختلفة حول جنوب شرق لندن وكان الفوز على الفرق في مناطق معينة أمرًا كبيرًا. نشأت بين منطقتي بيكهام وكامبرويل. يعرف الجميع المواهب التي تأتي من جنوب شرق لندن. أثناء نشأتي، كان الكثير من أصدقائي موهوبين مثلي تمامًا. حتى يومنا هذا أتساءل لماذا لم ننجح جميعًا. مع تقدمي في السن، أصبح حبي لكرة القدم أقوى وأقوى.
بدأ القلق يتسرب داخل لوكمان عندما بلغ سن الـ16 ولم يلتحق بأي ناد، قبل أن يتم اختيار للعب مع فريق لندن كاونتيز في مباراة ودية ضد فريق أكاديمية تشارلتون في 2013، إذ بدأ تلك المباراة على مقاعد البدلاء قبل أن يتعرض أحد اللاعبين للإصابة ليشارك ويقدم أداء أبهر الفريق المنافس رغم خسارة فريقه.
يتذكر لوكمان هذه المباراة قائلاً: شعرت وكأن الباب قد انفتح في ذلك اليوم، لكنني لم أشعر بذلك حتى اللحظة التي قالوا فيها بعد المباراة إن تشارلتون سيعرض عليَّ منحة دراسية. صُدمت والدتي لأنها اعتقدت أنني سأذهب بالتأكيد إلى الكلية. كان العرض من تشارلتون غير متوقع. كانت سنوات سعيدة بالنسبة لي في تشارلتون. لم يكن هناك خياراً سوى التقدم من فريق تحت 18 عامًا إلى فريق تحت 23 عامًا وصولاً للفريق الأول.
وفي 2018، انتقل لوكمان إلى إيفرتون، ورغم بدايته القوية وتسجيله هدفاً في مرمى مانشستر سيتي، تراجع دوره ليصر على الانتقال إلى لايبزيغ الألماني بعد فترة، بدلاً من إعارته إلى ديربي كاونتي في دوري الدرجة الأولى الإنجليزي.
وعاد النيجيري إلى إنجلترا معاراً لفولهام، إذ عانى من "أسوأ لحظة في مسيرته الكروية" حين حاول تسديد ركلة جزاء أمام وست هام على طريقة "بانينكا"، إذ يقول: عندما حدث ذلك، لم أستطع حتى وصف الدمار الذي عشته. كنت أحاول التكفير عن هذا الخطأ. لكني حاولت استخدامها وتحويلها إلى شيء إيجابي.
عاد لوكمان إلى ألمانيا لتتم إعارته إلى ليستر سيتي، قبل أن ينتقل بشكل دائم إلى أتالانتا وتبدأ رحلة تألق أسفرت عن 39 مساهمة تهديفية في 57 مباراة ولقب الدوري الأوروبي، ليتفوق على المغربي أشرف حكيمي والغيني سيرهو غيراسي والإيفواري سيمون أدينغرا والجنوب إفريقي ورونوين ويليامز ليصبح سابع لاعب نيجيري يفوز بجائزة الأفضل في إفريقيا.
وقال لوكمان: كانت رغبتي في النجاح لها علاقة بكوني الصبي الوحيد في عائلتي. كنت على استعداد للتطور والقيام بشيء لعائلتي. أردت أن أجعل أمي وأخواتي فخورات، كان هذا بالتأكيد أحد أهدافي، ولا يزال كذلك حتى اليوم.