هل في نتائج الأردن الدولية على مؤشر المعرفة بارقة أمل؟
كتب الدكتور محمود المساد - بداية، ومن أجل الإجابة على هذا السؤال المهم، لا بدّ من الوقوف على معنى المعرفة، فهي "الإدراك والوعي، وفهم الحقائق عن طريق العقل المجرد، أو بطريقة اكتساب المعلومات بإجراء تجربة، وتفسير نتائجها، أو تفسير خبر، أو عن طريق التأمّل في طبيعة الأشياء، وتأمّل النفس، أو بوساطة الاطّلاع على تجارب الآخرين، وقراءة استنتاجاتهم".
وهنا، لا بدّ من أن نستثني على الأقل 60% من طلبة التعليم العام، كون نتائجهم على اختبارات " بيرلز " الدولية التي صدرت مؤخرا، وضعت الأردن في الترتيب الأخير من بين الدول المشاركة. بمعنى أن طلبتنا معظمهم لا يفهمون ما يقرأون، وهذا يتناقض مع مضامين معنى مفهوم المعرفة. وهنا حجر الأساس في غايتي من هذا المقال؛ إذ تُعدّ الموارد البشرية، مادة إنتاج المعرفة الأصيلة، وهي وحدها القادرة على القراءة، والفهم، والتحليل، والنقد، والاستخلاص من كمّ البيانات الهائل، وحجم المعلومات الذي يتضاعف كلَّ عشر سنوات على الأكثر... معرفة أصيلة قابلة لتُشكِّل نواة الاقتصاد المعرفي المستدام المنشود.
وهنا، لا بدّ من الإشارة إلى أن هذه الموارد البشرية القادرة على تحسين ترتيب الأردن موجودة في مجموعة من المؤسّسات الحكومية، والخاصة مثل: التعليم قبل الجامعي، والتعليم العالي، والمِهْني، وتكنولوجيا المعلومات، والبحث العلمي، إضافة للبيئة التمكينية، والاقتصاد. وهذا يعني أننا لا نتحدث عن وزارة تربية وتعليم، بل نتحدث عن حكومة أردنية عليها أن تلتزم بتحقيق أهداف رؤية التحديث الاقتصادي التي تهدف إلى تعزيز تنافسية الأردن على المستوى العالمي، ودعم اقتصادها القائم على المعرفة، كما العمل الجاد في المكان الصحيح لتحقيق هدفها بتحسين ترتيب الأردن إلى 50 % من عدد الدول المشاركة.
وهذا يعني بشكل محدَّد أن علينا نحن الدولة الأردنية، وعلى الحكومة أيضا التنفيذ في الاستثمار بفئة الموارد البشرية ذات المعرفة الأكاديمية الجيدة، والكفايات العالية، والقدُرات فوق الجيدة المنتشرة في المؤسّسات الحكومية، والخاصة المستهدفة في مؤشر المعرفة، من دون أن نهدر الوقت في برامج تستهدف جميع الموارد البشرية، بما فيها جميع طلبة التعليم العام.
وعليه، فإني آمل أن يحمل هذا الملف الوطني الذي يتوقف عليه مستقبل الأردن المنيع المزدهر، لجنة من الفنيين أصحاب القرار في مؤسّساتهم، وأن يرأس اللجنة شخصية مؤثرة مختصة في المجال، مع الدعم السياسي الكافي لهذه اللّجنة لتنفيذ برنامجها، كما أتوجه بدعوة صادقة لوزارة التربية والتعليم بإعادة النظر في قراراتها التي اتخذتها بشأن برامج رعاية الموهوبين والمتفوقين كافة، وفي مقدمتها مدارس الملك عبد الله الثاني للتميز، وغرف مصادر التفوق، وبرنامج التسريع الأكاديمي، وأن تدعم أو تؤسّس مدرسة، أو أكثر على غرار مدرسة اليوبيل. وأن تعمل الحكومة على تأسيس حواضن الابتكار في كل محافظة، ولواء إن أمكن ذلك، وأن تدعم البحث العلمي، والابتكارات التكنولوجية، وأنظمة التطوير الإداري، وتعزيز لُحمَة المجتمع بتأصيل العمل الجَمعي، والتطوعي، عن طريق عقد المسابقات، والجوائز. فقوّة الأردن، وازدهاره يكمُنان في إنتاج الموارد البشرية للمعرفة الأصيلة.