سلاح العار.. وشهوة الطغيان على الذات
الجيش الاسرائيلي بناءاً على قرار المجلس الوزاري الإسرائيلي يبدأ بتزود السلطة الفلسطينيه بالاسلحة لمواجهة المقاومين الفلسطينين في جنين وطولكرم.
إن هذا القرار، إن صح، ليس إلا طعنة مسمومة في خاصرة القضية الفلسطينية، وفخاً مُحكماً يُراد منه إشعال فتيل الفتنة، لتغرق الأرض في بحرٍ من الدماء، لا يَسلم منه إلا المحتل وأعوانه.
يا للمهزلة! أن يُسلم المحتل سلاحه إلى يد فلسطينيةٍ تُلوِّح به نحو أبناء جلدتها! كأننا في مسرح عبثيٍّ يَسخر فيه الجلاد من الضحية، ويُحوِّلها إلى أداةٍ تُنفِّذ رغبته المريضة في تدمير الروح قبل الجسد. أهذا هو قدر الأرض التي أنجبت الثوار؟ أن يصبح الرصاص موجَّهاًا إلى الصدور التي وقفت حصناً منيعاً أمام الطغيان؟
إن تسليح السلطة لمواجهة المقاومين ليس إلا انتحاراً أخلاقياً ومصيرياً، إنه تفكيك لفكرة الوطن وتحويلها إلى كيان هلامي، بلا مبدأ، بلا كرامة، بلا روح. في هذا القرار المخزي تكمن أعظم خيانة عرفتها فلسطين منذ أن وُلدت الفكرة في رحم الحرية.
السلاح الذي يُشهر في وجه المقاومين ليس سوى انعكاسٍ لموت الضمير واستلاب الوجود؛ إنه إعلانٌ فاضح أن القضية قد اختُزلت في نزوات السياسة ومساومات الاحتلال. كيف يُمكن للعقل أن يُبرر هذا العبث؟ كيف للأيدي أن تُصافح التاريخ، وهي تُلطِّخ نفسها بدم الأخ؟
أيها المتآمرون على الوطن، اعلموا أن الأوطان لا تُبنى بالخيانات، وأن النضال لا يُختزل في أروقة المؤامرات. إن رصاصة تُطلق نحو المقاوم هي رصاصة تُردي فلسطين شهيدةً للمرة الألف، لكنها هذه المرة برصاص أبنائها.
لا يُمكن لعقل حرٍّ أن يقبل بهذا المخطط الدنيء، ولا لقلب صادق أن يرى الوطن يُذبح بسكاكين الأخوَّة الزائفة. على السلطة أن تختار الآن: بين شرف المقاومة أو هاوية الخيانة. فالزمن يُراقب، والتاريخ يُدوِّن، والله يُمهل ولا يُهمل.
فاحذروا، فقد تأتي لحظةٌ لا يتبقى فيها سوى صدى الخطيئة، يُدوِّي في فراغٍ لا يُسامح ولا ينسى.