استغلال الحمل والولادة على مواقع التواصل يثير غضب المغاربة


يبدو أن لا شيء يستطيع الوقوف أمام رغبة من يسمون أنفسهم بالمؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، في حصد المشاهدات، والجري وراء جني الأموال السهلة، فكل الوسائل متاحة لتحقيق هذا الغرض وإن كان على حساب أنبل مشاعر في هذه الحياة وهي مشاعر الأمومة.

ما يحدث على مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب من استغلال لهذه الأحاسيس الإنسانية أغضب نشطاء المواقع، فما هي التفاصيل؟

 

جشع أم موضة؟

يبدو أن جميع السبل والوسائل لتحقيق الأرباح السريعة والسهلة وحصد المشاهدات وانتزاع عقود الإعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي صارت متاحة، فالمنافسة أضحت شرسة بين المؤثرين، لاسيما الإناث منهم، وأصبحن جميعهن يبحثن عن موطئ قدم في عالم الشهرة الافتراضي. ولعل آخر صيحات الموضة التي أصبحت تقدم عليها هؤلاء المؤثرات هي استغلال الحمل والولادة، واللحظات الجياشة "الافتراضية" في مقاطع فيديو لكسب عطف المشاهدين.

إلى ذلك، أقدمت أكثر من مؤثرة على توثيق مسلسل الحمل بكل مراحله، جاعلين من الأمر فرصة مواتية لعقد شراكات مدفوعة مع أطباء النساء والتوليد، ومع عيادات الولادة التي تتحول في يوم "الخلاص" إلى أكثر من مجرد مصحات خاصة، حيث تكتسي حلة قاعات الأعراس والمناسبات، بسبب تهافت على الحفلات عليها والتنافس في تزيينها بشكل مبالغ فيه، بحجة الاستعدادات لاستقبال المولود الجديد.

ولاقت هذه الموضة استياء كبيرا من النشطاء الذين اعتبروا الأمر مبالغة كبيرة ومغالاة أكبر، وبدلا من أن تركز المؤثرات الحوامل والمقبلات على الولادة على صحتهن وصحة مواليدهن، يقمن باستغلال هذا الوضع لإبرام عقود مع ممولي الحفلات، وصانعي الحلويات، وبائعي الأقمشة، وملابس النساء الأطفال، وكل ما يرتبط بالمواليد الجدد، كما أنهن، حتى قبل الولادة، يتصنعن الفرص ويخلقنها خلقا لإثارة الانتباه لهن، سواء عن طريق ما وصفها النشطاء ببدعة حفل "البي بي شاور" أو حفل "الكشف عن جنس المولود" وصولا إلى الولادة، وحفل استقبال المهنئين في قاعة المصحات، ثم حفل العقيقة، وهي جميعها مناسبات ثمينة تمكن المؤثرات من استعراض الأشياء التي حصلن عليها بفضل عقود الإعلانات.

أرباح على حساب الأمومة

وفي تصريح لها مع موقع "العربية.نت"، عبرت سمية، وهي متابعة لإحدى المؤثرات الحوامل، عن غضبها من سلوكيات المؤثرات أثناء الحمل والولادة، معتبرة أنهن بالغن حد الإسراف في توثيق كل صغيرة وكبيرة، ولهثا وراء المشاهدات، في الوقت الذي تعاني فيه أخريات من الحرمان من أبسط الوسائل، ودعت سمية المؤثرات إلى التركيز على صحتهن وصحة مواليدهن بدلا من مواقع التواصل الاجتماعي وصناعة محتوى يضر بالآخرين أكثر مما ينفعهم، خصوصا أن بعضهن لا يتوانين عن مشاركة كل اللحظات حتى بعد ساعة فقط من الولادة.

من جهتها، قالت سناء بلعثمانية، وهي ناشطة على مواقع التواصل الاجتماعي ومتابعة لكل جديد بها، إن المنافسة الشرسة فرضت قواعدها على المؤثرين والنشطاء على حد سواء، و استباحت هذه المنافسة كل الوسائل لتحقيق المشاهدات، والدليل على ذلك هو أن المتابع يجد نفسه أمام بعض المحتويات التي وإن لم ترقه فإنها تفرض نفسها تحت اسم "الترند" وأحيانا يبحث عنها من باب الفضول بعد تقاسمها الآلاف أو الملايين من الأشخاص.

 فيديوهات من قلب قاعة الولادة

هذا وقد أثار مقطع فيديو لمؤثرة محجبة وهي بقاعة الولادة وبصدد الوضع، قامت بنشره على حسابها على موقع انستغرام، انقساما بين النشطاء، بين متأثر بقوة اللحظات، ولائم بسبب حميمتها وضرورة اقتصارها على المقربين فقط. كما نالت ذات المؤثرة حظها من الانتقاد قبل دخولها قاعة الولادة، وذلك بسبب المبالغة الكبيرة التي صاحبت استعداداتها للوضع، وتحويلها إحدى قاعات المصحة الخاصة إلى ما يشبه جناحا في أحد الفنادق المصنفة أو بالأحرى إحدى قاعات الزفاف، بسبب المبالغة في الديكور والزينة.

كما لفت المعلقون إلى أن هذه المؤثرة قامت بتقليد أخرى كانت قد قامت بنفس السلوكيات خلال فترة حملها وولادتها، مطالبين الجميع بالتوقف عن التفاخر والاستعراض، خصوصا أن عددا من المتابعات من الحوامل ينظرن إليهن بعين الحسرة بسبب قلة حيلتهن وعدم قدرتهن على مجاراتهن، كذلك، تتسبب هذه المشاهد في خلق نوع من التوتر في الزوجين، لاسيما في حالة عدم قدرة الزوج على تلبية جميع مطالب زوجته الحامل ورغبتها في الاحتفال بحملها ومولودها على طريقة مواقع التواصل.