قمّة الدوحة.. مواجهة إسرائيل لا تتم ببياناتٍ هشّة!



انعقدت القمة العربية الاسلامية الطارئة في العاصمة القطرية الدوحة أمس تحت عنوانٍ مُبطّن؛ "البحث عن السلام". لكن، ما خرجَ منها لا يتجاوز سلامًا هشًّا بالكلمات، لا سندَ لهُ على الأرض. فبينما كان القادة يتحدّثونَ عن وقفِ العُدوان وضرورة التهدئة، كانت واشنطن تُرسِل وزيرَ خارجيّتها إلى القُدس ليقفَ عندَ حائطِ المبكى، ويؤكّد بوضوح أنّ "القضاء على حماس هو الهدف الأسمى، ولا رجعةَ عن ذلك".

هذا التّناقُض يكشِف عُمق الفجوة. ففي حين يكتفي العرب ببياناتِ استنكارٍ وإنشاءٍ دبلوماسيّ، تُترجم إسرائيل وحليفتها الكُبرى مواقفهما بالقصف والاغتيال، وبسياسة أمر واقع لا تعرف المُجاملة. فما معنى البحث عن هُدنة أو اتّفاق هدنة، إذا كانت الرّسالة الأميركيّة العلنيّة هي منحُ إسرائيل الغطاء السياسي والعسكريّ لتصفيةِ خصمها؟

أما نتنياهو، فلم يترُك مجالًا للالتباس. إذ أعلنَ أنَّهُ سيضرب حماس "أينما كانت"؛ تهديدٌ لا يستثني أحدًا، ويمتدّ ليطال كلّ مكانٍ قد يتواجد فيه قادة الحركة، حتى لو كانَ ذلك في عواصمٍ عربية. الضّربة الأخيرة في الدوحة كانت رسالة عمليٍة على صدقِ هذا التوجُّه.

هنا، يُصبح سؤال القمّة جوهريًّا: هل ما زال البحث عن "السلام الهَش" كافيًا لمُعادلة لُغة الحديد والنّار؟ أم أنَّ المطلوب رؤية سياسية جديدة تعترف بأنّ إسرائيل، بدعمٍ أميركيٍّ مُباشِر، لا تُفكِّر في حلولٍ وسط، بل في إقصاءٍ كاملٍ لخصمها، وإعادة صياغة قواعد اللُّعبة الإقليميّة بالقُوّة؟

إنَّ أخطر ما في المشهد هو أنّ القِممَ العربيّة، بما فيها قمّة الأمس، ما زالت تُحاول إنتاج بياناتٍ تحفظ ماء الوجه، لكنّها لا تفرض ثمنًا على إسرائيل مُقابل استهداف المدنيينَ أو تقويض الوساطات. والنتيجة أنّ "السلام" الذي يُبحث عنهُ، يتحوَّل إلى غطاءٍ للعجز، في وقتٍ تُصاغ فيه الحقائق الاستراتيجيّة على أرض المعركة، لا على طاولة المؤتمرات.

الخلاصة: مواجهة إسرائيل لا تتم ببياناتٍ هشّة، أو بكلماتٍ سُرعان ما ترتَطم بحائط المبكى، بل بقراراتٍ عمليّة تُشعر المعتَدي (الكيان الصهيونيّ) أنَّ هناك كُلفة لسلوكِه. أما الاكتفاء بالشجب، فهو لا يردع نتنياهو، ولا يُغيّر حسابات واشنطن، ولا يحمي غزة ولا الدّوحة. السلام الهشّ، كما ظهرَ أمس، ليس سوى اسم آخر لعجزٍ عربيٍّ مُزمِن أمام لُغة الحديد والنّار