أبو نوار: التفوق العسكري الإسرائيلي مكفول أمريكياً.. وحلّ الدولتين أبعد من أي وقت

 

مالك عبيدات – قال الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء المتقاعد مأمون أبو نوار إن التفوق العسكري النوعي لإسرائيل ثابت ومكفول بموجب قانون أمريكي يُلزم واشنطن بتزويدها بالسلاح وضمان هيمنتها في الشرق الأوسط، باعتبار أن أعداء إسرائيل هم أعداء للولايات المتحدة أيضاً.

وأوضح أبو نوار لـ"الأردن 24" أن هذا التفوق يجعل إسرائيل لا تكترث عادة بقرارات الأمم المتحدة، إلا أن قرار مجلس الأمن الأخير المتعلق بوقف إطلاق النار أجبرها على الالتزام به، رغم أن الأمم المتحدة – برأيه – لم ترتق لمستوى الحدث في غزة، وكشفت الحرب عن خلل بنيوي أصابها بالشلل أمام مشاهد الإبادة.

وأشار إلى أن الدول الداعمة لخطة رام تحتاج إلى غطاء أممي للمضي في تنفيذ مراحلها، بما في ذلك قوات الاستقرار الدولية المخطط نشرها، لكنه شدد على أن غموض موقف دول مثل باكستان وإندونيسيا، وصعوبة تشكيل قوة من خمس فرق عسكرية، يجعل تنفيذ الفكرة معقداً، لافتاً إلى أنه لا يرى أي دولة عربية ستشارك في مثل هذه القوات.

وأضاف أن الدبلوماسية الأمريكية الجديدة في المنطقة "قلبت المعادلة رأساً على عقب"، خاصة ما يتعلق بتصفية القضية الفلسطينية عبر خطة ترامب، مؤكداً أن نزع سلاح حماس شبه مستحيل إلا بفرض السلام بالقوة، وفق تقديره.

وقال أبو نوار إن مرور شهر على اتفاق وقف إطلاق النار الهش لم يدفع نحو تقدم حقيقي في المرحلة الثانية، التي تتطلب انسحاباً كاملاً لإسرائيل دون وجود جدول زمني أو آليات تنفيذ واضحة، وهو ما يجعل احتمال انهيار الاتفاق كبيراً.

وبيّن أن المرحلة الثانية تنص على انسحاب الجيش الإسرائيلي، ونزع سلاح حماس بالكامل، وتمكين سلطة انتقالية من الحكم، ونشر قوات استقرار دولية، "لكن ذلك يصطدم برفض حماس لنزع السلاح، وغموض تشكيل القوة الدولية، إضافة إلى بقاء نحو 200 مقاتل داخل أنفاق رفح، ما يجعل المنطقة نقطة اشتعال قابلة لتقويض الهدنة".

وأكد أن إسرائيل تسيطر حالياً على 57% من القطاع بينما تسيطر حماس على 43% التي يعيش فيها 95% من السكان، وأن إعادة حماس نشر 7 آلاف مقاتل في تلك المناطق واستمرار عدم انسحاب الجيش الإسرائيلي يعنيان تكرّس تقسيم القطاع عملياً.

وأضاف أن الولايات المتحدة تمتلك تفويضاً قانونياً من مجلس الأمن لتنفيذ خطة ما بعد الحرب، لكن خطة ترامب نفسها تفتقر لأي تفاصيل بشأن شكل الدولة الفلسطينية، ووضع القدس، وحق العودة، والحدود، وهي عناصر يرى أنها تجعل إقامة الدولة "أمراً شديد الصعوبة".

ويرى أبو نوار أن ضعف شعبية السلطة الفلسطينية، وتعقيدات الإعمار الذي قد يستغرق عقداً كاملاً، ورفض حماس للوصاية الدولية كلها تمثل عقبات مركزية أمام أي مسار سياسي، إضافة إلى الرفض الإسرائيلي لأي دولة فلسطينية، والاكتفاء بالمطالبة بنزع سلاح حماس، مقابل استمرار التوسع الاستيطاني الذي "يلغي فعلياً أي سيادة فلسطينية مستقبلية".

وأشار إلى أن إسرائيل لن تنسحب من الساحل الغزي لأسباب تتعلق بالطاقة والغاز وتحالفاتها مع قبرص واليونان وأوروبا، كما أنها لن تتخلى عن المنطقة العازلة، موضحاً أن واشنطن تسعى إلى قوة إنفاذ سلام (وليس حفظ سلام)، وهو ما ترفضه دول الإقليم.

وأضاف أن القطاع أصبح "محاصراً من جديد"، وأن تدمير الأنفاق وقطع الموارد سيقودان إلى صراع جديد، محذراً من الاستخفاف بالقدرات الإسرائيلية ودعم الغرب لها، ومعتبراً أن كثيراً مما يطرح في الإعلام حول ضعف القرار الإسرائيلي "مجرد شعبوية لا علاقة لها بالواقع".

وقال إن المنطقة تشهد "فوضى دبلوماسية" بسبب غياب خطة واضحة ووجود فرق دولي "هاوٍ" يشرف على ملفات مصيرية، فيما تستمر بعض دول الإقليم – بحسبه – بالتحرك وفق إيقاع هذه الفوضى السياسية.

وختم أبو نوار بالقول إن حل الدولتين ما يزال بعيداً جداً، رغم أن الأردن يواصل الدعوة إليه، مضيفاً أن "الواقع الميداني والسياسي لا يحمل أي مؤشرات جادة على إمكانية تحقيقه في المدى المنظور".