كيف تمنحك نصف ساعة قراءة نوما أعمق؟
تعد القراءة من العادات اليومية المفيدة على نطاق واسع، إذ ترتبط بتعزيز القدرات الذهنية وتنمية الذكاء الاجتماعي، بل وتشير بعض الدراسات إلى صلتها بإطالة العمر. لكن إلى جانب هذه الفوائد المعروفة، قد تلعب القراءة دورا مهما أيضا في تحسين جودة النوم وزيادة مدته.
ما الذي تقدمه القراءة قبل النوم؟
تظهر الأبحاث أن الأشخاص الذين يخصصون وقتا للقراءة قبل النوم غالبا ما يحظون بنوم أعمق، ويستيقظون مرات أقل خلال الليل، كما ينامون لساعات أطول. ويرجع المختصون هذه النتائج إلى مجموعة من العوامل، أبرزها:
مساعدة الدماغ على الاستعداد للراحة
تشير الدراسات إلى أن المواظبة على القراءة قبل النوم تسهم في ضبط الساعة البيولوجية للجسم، المسؤولة عن تنظيم إيقاع النوم والاستيقاظ. كما تساعد على الاسترخاء وتبعث بإشارة واضحة للجسم بأن وقت النشاط انتهى، ما يهيئه تدريجيا للدخول في حالة النوم.
ويعود ذلك إلى آلية بيولوجية بسيطة، إذ تعمل القراءة على خفض مستوى اليقظة الذهنية التي تُبقي الإنسان مستيقظا، وتساعد على تهدئة ضربات القلب وإرخاء العضلات. وإضافة إلى ذلك، تعد القراءة بديلا صحيا لاستخدام الشاشات، ما يتيح لهرمون الميلاتونين، المرتبط بالنوم، أن يرتفع بصورة طبيعية.
تهدئة التوتر وضجيج الأفكار
يعاني كثيرون من فرط التفكير قبل النوم، إذ تتزاحم في الذهن ذكريات الماضي ومخاوف المستقبل، ما يصعب الاستغراق في النوم. غير أن استبدال هذا التفكير المشتت بالقراءة والتركيز على قصة أو فكرة واحدة يمكن أن يحد من دوامة القلق ويُسهم في تهدئة العقل. وتشير دراسات إلى أن القراءة قبل النوم قد تكون مفيدة أيضا لمن يعانون من تشتت الانتباه، لأنها توجه التركيز في مسار واحد.
وفي الوقت نفسه، يساعد الانشغال بالقراءة على تهدئة ضربات القلب وإرخاء العضلات تدريجيا، ما يهيئ الجسم للدخول في حالة من السكون استعدادا للنوم.
تحسين جودة النوم
تفيد أبحاث عديدة بأن القراءة قبل النوم تسهم في الاستغراق في النوم بسرعة أكبر، وتحسن جودته، إذ تساعد على الحصول على نوم أعمق ولمدة أطول. كما أظهرت دراسة عرفت باسم "تجربة القراءة" أن إدخال هذه العادة ضمن الروتين الليلي يساعد الدماغ على التحول إلى وضع الراحة، ويعزز نمطا من النوم الأكثر عمقا وانتظاما.
بديل صحي للشاشات
يلجأ كثيرون إلى تصفح الهواتف أو مشاهدة التلفاز قبل النوم، وغالبا ما يمتد ذلك لساعات بدون انتباه. هذه العادة تبقي الدماغ في حالة تنبيه مستمر، وتحد من إفراز هرمون الميلاتونين المسؤول عن النوم العميق. في المقابل، تساعد القراءة على تهدئة النشاط الذهني وتعزيز إفراز هذا الهرمون، ما يجعلها بديلا صحيا وفعالا عن الشاشات قبل النوم.
تعزيز الانتظام في روتين النوم
تسهم القراءة قبل النوم في بناء روتين ثابت يمهد الجسم والعقل للدخول في وقت الراحة، إذ يساعد التكرار اليومي لهذه العادة الدماغ على الربط بين القراءة وموعد النوم. ومع الوقت، تتحول القراءة إلى إشارة واضحة للاسترخاء، ما يسهل الاستغراق في النوم في وقت محدد بدون مقاومة أو أرق، ويساعد على تقليل اضطرابات النوم وتحسين الاستيقاظ بنشاط في اليوم التالي.
ما الكتب الأنسب للقراءة قبل النوم؟
ليست جميع الكتب مناسبة لوقت النوم، فالغرض من القراءة ليلا هو مساعدة الجسم على الاسترخاء لا تحفيزه. لذلك يفضل الابتعاد عن الكتب المليئة بالإثارة والتشويق، كما ينصح بعدم التعامل مع القراءة كهدف لإنهاء عدد محدد من الصفحات أو الفصول، لأن ذلك قد يأتي بنتيجة عكسية ويدفع إلى السهر لفترة أطول من المخطط لها.
ويرى الخبراء أن الاختيار الأمثل يكون لكتب ذات محتوى هادئ أو مألوف، مثل روايات خفيفة، أعمال لكاتب مفضل، مقالات تأملية، أو كتب معرفية بسيطة لا تتطلب تركيزا ذهنيا عاليا.
كما يوصى بتجنب أجهزة القراءة الإلكترونية قبل النوم، نظرا لما تصدره من ضوء أزرق يعيق إفراز هرمون الميلاتونين المسؤول عن النوم. وعلى الرغم من أن بعض هذه الأجهزة تتيح تقليل هذا الضوء، فإنها لا تلغيه تماما، ما يجعل الكتب الورقية التقليدية الخيار الأفضل في هذا التوقيت.
أما الكتب الصوتية، فقد تشكل جزءا من روتين مهدئ يساعد على الاسترخاء، إلا أن الدراسات تشير إلى أنها لا تمنح دائما التأثير نفسه الذي تحققه القراءة المباشرة في تحسين جودة النوم.
ما الإضاءة المناسبة للقراءة في السرير؟
لا تقل الإضاءة أهمية عن نوعية القراءة نفسها. فالإضاءة الساطعة تبقي الدماغ في حالة يقظة، بينما قد تسبب الإضاءة الخافتة جدا إجهادا للعينين.
لذلك ينصح باستخدام مصباح جانبي بإضاءة ناعمة بدلا من الإضاءة العلوية القوية، على أن يكون لون الضوء أبيض دافئا أو محايدا. كما يفضل توجيه الضوء نحو الكتاب من الجانب أو فوق الكتف، لا مباشرة إلى العينين، لتقليل الوهج والإجهاد. وقبل البدء بالقراءة بنحو نصف ساعة، ينصح بتخفيف إضاءة الغرفة تدريجيا، لمساعدة العينين والجسم على الاستعداد للنوم.
كل ما عليك فعله هو البدء بخطوات بسيطة، ابدأ بالقراءة لبضع دقائق فقط قبل النوم ثم حاول أن تزيد المدة تدريجيا لتصل إلى نصف ساعة. واحرص على أن تكون القراءة آخر خطوة تقوم بها بعد إنهاء جميع المهام الليلية، مثل تنظيف الأسنان وضبط المنبه وإبعاد الهاتف. بذلك تصبح القراءة الإشارة النهائية للدماغ بأن وقت النوم قد حان.
كذلك من المفيد أن تختار كتابك بشكل مسبق لأن اتخاذ القرار قبل النوم قد يكون مرهقا، واترك كتابك جانب السرير بشكل دائم.
من المهم أيضا أن تهيئ جوا مريحا يتضمن ذلك تخفيض الإضاءة، والاستلقاء بشكل مريح. وعندما يبدأ النعاس بمداهمتك، يكفي أن تغلق الكتاب وتطفئ المصباح بدون أي مجهود إضافي.
المصدر: مواقع إلكترونية