عايش: قروض صندوق النقد ليست ميسّرة بلا كلفة… والفوائد تستنزف ثلث الإيرادات الضريبية
مالك عبيدات _ قال الخبير الاقتصادي الدكتور حسام عايش إن صندوق النقد الدولي يوجّه تنبيهاً واضحاً للحكومة الأردنية بشأن الكلف الحقيقية المترتبة على برامج التسهيل الممدد وبرنامج الصلابة والاستدامة، مؤكداً أن هذه البرامج ليست قروضاً عابرة أو سهلة التعامل، بل ترتّب فوائد وخدمات دين على الأردن يجب التعامل معها بأقصى درجات الجدية.
وأوضح عايش ل الأردن ٢٤ أن الأردن حصل بموجب هذه البرامج على ما يقارب ملياري دولار، بواقع 1.3 مليار دولار من برنامج التسهيل الممدد، و700 مليون دولار من برنامج الصلابة والاستدامة، مشيراً إلى أن هذه المبالغ مرتبطة بالتزامات واضحة على الحكومة الوفاء بها، وإلا ستتحول إلى ديون مكلفة تضاف إلى رصيد المديونية العامة وتتحمل أعباءها الأجيال القادمة.
وأكد أن الحكومة لا ينبغي أن تنظر إلى هذه القروض على أنها "ميسّرة” فقط، بل كبرامج إصلاح مشروطة بعوائد حقيقية يجب أن تنعكس على الاقتصاد الوطني، وأداء المالية العامة، وتحسين الإنتاجية، محذراً من أن غياب هذه العوائد سيجعل كلف الاستدانة أعلى من فوائدها.
وبيّن عايش أن فترات السداد الممنوحة للأردن تتسم بنوع من التسامح الزمني مقارنة بالمعتاد في برامج الصندوق، إذ تتراوح عادة بين 3 إلى 5 سنوات، مع وجود تسهيلات إضافية للأردن، إلا أن ذلك لا يقلل من خطورة تراكم كلف خدمة الدين.
وأشار إلى أن تعديل سنة الأساس للناتج المحلي الإجمالي وإضافة نحو 3.6 مليار دينار إلى قيمة الناتج حسّن المؤشرات النسبية شكلياً، مثل الدين إلى الناتج أو العجز إلى الناتج، لكنه شدد على أن القيمة الفعلية للدين العام لا تزال مرتفعة جداً، وأن التحسن النسبي لا يعكس الواقع النقدي الحقيقي.
ولفت إلى أن فوائد الدين العام في موازنة عام 2026 تصل إلى نحو 2.26 مليار دينار، أي ما يوازي ثلث الإيرادات الضريبية تقريباً، ما يؤكد أن كلفة الاستدانة أصبحت عبئاً ثقيلاً على المالية العامة، وهو ما يدفع صندوق النقد إلى تحذير الحكومة من الاعتماد المفرط على تحسين المؤشرات النسبية دون معالجة جوهر المشكلة.
وأضاف أن رسالة الصندوق غير المباشرة للحكومة تتمثل بضرورة تحسين جودة الأداء الاقتصادي، وزيادة الإنتاجية، ورفع كفاءة الإنفاق العام، خصوصاً في الموازنة، داعياً إلى مزيد من الحرص في إدارة النفقات.
وانتقد عايش الارتفاع المستمر في نفقات المؤسسات المستقلة، مشيراً إلى أنها ارتفعت من نحو 1.8 مليار دينار في عام 2025 إلى حوالي 1.87 مليار دينار في عام 2026، رغم أنها تستهلك جزءاً كبيراً من الإيرادات الحكومية دون أن تضيف قيمة حقيقية للاقتصاد أو للإنتاج والخدمات.
وشدد على أن واحدة من أبرز التحديات التي يجب التعامل معها بجدية هي إيجاد حلول استراتيجية لقطاعي الكهرباء والمياه، باعتبارهما في صلب برنامج الصلابة والاستدامة الجديد، موضحاً أن الصندوق يتوقع أن تُفضي القروض الممنوحة لهذين القطاعين إلى نتائج إيجابية تتعلق بإعادة توازن الكلف وتقليل الهدر.
ولم يستبعد عايش أن تشمل هذه الحلول إعادة توزين أسعار الكهرباء والمياه، بهدف تقليص الفاقد وتحسين الحصيلة النهائية، خاصة في ظل اقتراب مديونية قطاعي المياه والكهرباء من 9 مليارات دينار، ما يشكّل أحد أخطر ملفات المالية العامة في الأردن.