عائد من حفرة الموت!
حلمي الأسمر
يروي محمد قصته، التي تصلح أنموذجا لممارسات «الدولة الإسلامية» التي يعمل التنظيم على بنائها، فيقول.. إن «قدرة الله تعالى التي هي فوق قدرة داعش، أنقذتني وأعادتني سالماً، بعدما أقدمت مجموعة من عناصر «تنظيم الدولة الإسلامية»، (داعش)، على إعدام مجموعة من المخالفين لتعاليم التنظيم، من سكان نينوى، بعد أن اعتقلتهم ونقلتهم إلى (القيارة) لتنفيذ حكم الإعدام بحقهم. ونفذ الإعدام رمياً بالرصاص، وتم رميهم في حفرة كبيرة وعميقة تدعى (الخسفة) بقرية العذبة التابعة لمدينة القيارة جنوبي الموصل» كما يقول الجبوري. ويروي العائد من حفرة الموت، كيف تم تنفيذ حكم الإعدام بحق العشرات من المخالفين لتعاليم داعش، وأن عملية الإعدام تمت عن طريق إطلاق النار على الرأس وبعدها يرمون الجثث في الحفرة واحدة تلو الأخرى، وفي بعض الأحيان يرمى الشخص حياً بعد أن يتم تكسير يديه أو رجليه، ليلقى مصرعه أثناء سقوطه في هذه الحفرة العميقة التي تعتبر واحدة من أكبر المقابر الجماعية حتى الآن، إذ يتجاوز عدد الجثث فيها 1500 جثة، تم قتلهم على فترات مختلفة طيلة فترة الأشهر التسعة الماضية، أما كيف نجا محمد، فيقول أن «أحد عناصر داعش أطلق عدة أعيرة نارية عليّ، وأصبت برصاصة دخلت ذقني وخرجت من الجهة الأخرى وحطمت أغلب أسناني وأخرى بالكتف، والإصابة كانت غير مميتة وبقيت في الحفرة لنحو 30 ساعة بين الجثث والدم والرائحة المميتة والقوارض والطيور الجارحة وأشباح الموتى، تمكنت بعد ليلة مرعبة من الزحف والخروج من الحفرة، مستغلاً جثث الضحايا كسلم أو متكأ، أدفع بنفسي إلى الأعلى من خلاله. وبعد خروجي ظللت أمشي لنحو 4 كم، حتى وجدت منزلاً ريفياً لعائلة عراقية قامت بإنقاذي من دون أن أعرف مذهبها أو دينها، وبقيت لديها يوماً واحداً قبل أن يصل أهلي لأخذي متخفين، وانسحبنا من المنطقة بهدوء، وهذه العائلة أدين لها بحياتي، لأنها أنقذتني، فلولها لتعفن جرحي أو حتى شاهدني أحد»!!
أين هؤلاء من حديث رسولنا صلى الله عليه وسلم المروي في صحيح مسلم إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته؟ ألم يسمعوا كيف يتم إعدام المحكوم عليهم بالموت، في الدول التي يعتبرونها «كافرة» وكيف توفر للضحية محاكمة عادلة، وتحقق له أمنيته الأخيرة، وتعدمه بأقل الطرق ألما؟ كيف لنا أن نصدق أن من يقتل على طريقة «الحفرة» يمكن أن يكون على «الطريق القويم» ويعد بإحياء «الخلافة الراشدة!» حتى ذبح الخروف في الإسلام له تقاليد، ومنها، الإحسان في الذبح، ألا يقوم الذابح بحد شفرته أمام الذبيحة، وكذلك فإنه يستحب له أن لا يذبح ذبيحة بحضرة أخرى، ولا يظهر السكين أمام الذبيحة إلا عند مباشرته للذبح، ومن الرفق بالذبيحة ، أن تساق إلى المذبح سوقا هينا، فلا يجرّها بأذنها، أو يسوقها سوقا عنيفا، فإذا أراد أن يذبحها، فعليه أن يضجعها على شقها الأيسر برفق، بل استحب الشافعية أيضا عرض الماء على الذبيحة قبل ذبحها، هذا مع الخرفان، فكيف بالإنسان؟
قارنوا بالله بين طقوس الإعدام الداعشية، وتقاليد الإسلام في ذبح الخرفان، ولكم أن تستنتجوا ما تشاؤون!
(الدستور)