فقراء في مدينة الغلاء..
ابراهيم عبدالمجيد القيسي
جو 24 : بالأسمال البالية والبطون الخاوية يخرجون، مدججون بحب الحياة، يهتفون: «ناس يأكلون التراب.. وناس تقول للخبز طبز»، وتلك الفتاة الشقراء؛ جمالها، هل هو طبيعي؟ كم من مستحضرات التجميل يلزمها كي تصبح بهذه الطلة «المثيرة»؟ وكم تكلفها؟.. إذا لماذا تطوف مكاتب المحامين وعيادات الأطباء، وتجلس ملتصقة بكل المدراء تحاول اقناعهم أن يستخدموها «سكرتيرة»؟ وفي آخر النهار تكتفي بوجبة غداء فقط؟.. يا للجوع حين يفعل أفاعيله بالبنات الجاهلات الفقيرات !.
قبل أيام؛ التقيت مسؤولا رسميا، يمثل واحدة من الجهات رقابية على السلع والبضائع المطروحة في الأسواق، (لن أذكر اسمه علما أنه سمح لي بالتكلم على لسانه وبكل شفافية)، فقلت له وبعد حوار طويل عن تلك البضاعة التعبانة التي تباع في أسواقنا بمبالغ لا تجدها في أغنى الدول: يجب أن تكون البضاعة في أسواقنا تماثل في جودتها تلك الموجودة في سويسرا، فنحن ندفع سعرا مرتفعا لبضاعة «زبالة» غالبا، فقال صدقت، وقبل وقت قصير ذهبت الى محل معروف في منطقة راقية في عمان، وقمت بشراء «بدلة» بمبلغ 375 دينارا، وسافرت الى أمريكا في مهمة، وحين كنت أتجول في سوق رأيت ال»بدلة» نفسها، وسعرها 90 دولارا امريكيا (64 دينارا أردنيا)..كلامك والله صحيح، وقال حرفيا: لدينا «زبالة» البضائع في أسواقنا وأسعارها تفوق البضاعة الأصلية، والمواطن المخدوع يكابر ويشتري..
وأردف المسؤول قائلا: كنا يوما في لجنة ما في الصين، ورأيت تجهيزات كهربائية (افياش وبريزات ومفاتيح)، وأعجبتني قطعة محترمة «مصنعيا»، فسألت عن المصنع الصيني الذي يصنعها حتى وجدته، وطلبت منه أن يورد إلى الأردن «مليون حبة منها»، وحين بدأنا في كتابة المعلومات على فواتير البيع، توقف الرجل الصيني ورفض البيع، فاستغربت وتساءلت عن سبب رفضه أن يبيعني البضاعة، فقال بالانجليزية «جوردن نو ..نو -.. قو تو ربش»!، وأقسم المسؤول بأنها الملاحظة الثانية والكلمات نفسها التي سمعها من رجال أعمال أصحاب صناعات صينية، لا يقبلون أن يتم توريد بضاعتهم التي تحمل اسمهم الى السوق الأردنية، والسبب يكمن في أن أغلب تجارنا الأردنيين يذهبون لشراء «زبالة» البضاعة، ويوردونها الى سوقنا بأثمان مرتفعة، الأمر الذي يعتبر الصينيون إساءة لصناعتهم ولبلدهم، فهم يعتبرون أن صناعتهم الصينية أكثر إتقانا وذات سمعة محترمة، وقد غزت العالم كله، لكن السوق الأردنية «محرقة» بالنسبة لهم، ولا يورد لها سوى بعض التجار الذين لا يكونون صينيين غالبا ولا يهمهم سوى التخلص من «نفايات» المصانع والبضائع، بينما يأخذها تجار أردنيون بلا ضمائر، ويثرون على حساب افقار الأردنيين..
نتحدث عن الجودة يا أبناء المدينة الغالية:
من يمكنه أن يؤسس بيت وعائلة مع تلك الفتاة التي لا إجابة عن مصدر نقود مكياجها الباذخ؟ وكيف سيفهم تطوافها بين «المدراء» بحثا عن غذاء أو عشاء؟ سنجد عريسا بلا شك، يسترخص المهر ويتغاضى عن عهر مصدره جهل وفقر..
وسيحتفل العريس بالعروس، ويأتي أصحابه بأسمالهم البالية وعقولهم الخالية وبطونهم الخاوية، ويهتفون:
حلوين من يومنا والله وقلوبنا كويسة.. والغالي علينا غالي ولا عمره ينتسى.. والغالي.. علينا غالي.
(الدستور)
قبل أيام؛ التقيت مسؤولا رسميا، يمثل واحدة من الجهات رقابية على السلع والبضائع المطروحة في الأسواق، (لن أذكر اسمه علما أنه سمح لي بالتكلم على لسانه وبكل شفافية)، فقلت له وبعد حوار طويل عن تلك البضاعة التعبانة التي تباع في أسواقنا بمبالغ لا تجدها في أغنى الدول: يجب أن تكون البضاعة في أسواقنا تماثل في جودتها تلك الموجودة في سويسرا، فنحن ندفع سعرا مرتفعا لبضاعة «زبالة» غالبا، فقال صدقت، وقبل وقت قصير ذهبت الى محل معروف في منطقة راقية في عمان، وقمت بشراء «بدلة» بمبلغ 375 دينارا، وسافرت الى أمريكا في مهمة، وحين كنت أتجول في سوق رأيت ال»بدلة» نفسها، وسعرها 90 دولارا امريكيا (64 دينارا أردنيا)..كلامك والله صحيح، وقال حرفيا: لدينا «زبالة» البضائع في أسواقنا وأسعارها تفوق البضاعة الأصلية، والمواطن المخدوع يكابر ويشتري..
وأردف المسؤول قائلا: كنا يوما في لجنة ما في الصين، ورأيت تجهيزات كهربائية (افياش وبريزات ومفاتيح)، وأعجبتني قطعة محترمة «مصنعيا»، فسألت عن المصنع الصيني الذي يصنعها حتى وجدته، وطلبت منه أن يورد إلى الأردن «مليون حبة منها»، وحين بدأنا في كتابة المعلومات على فواتير البيع، توقف الرجل الصيني ورفض البيع، فاستغربت وتساءلت عن سبب رفضه أن يبيعني البضاعة، فقال بالانجليزية «جوردن نو ..نو -.. قو تو ربش»!، وأقسم المسؤول بأنها الملاحظة الثانية والكلمات نفسها التي سمعها من رجال أعمال أصحاب صناعات صينية، لا يقبلون أن يتم توريد بضاعتهم التي تحمل اسمهم الى السوق الأردنية، والسبب يكمن في أن أغلب تجارنا الأردنيين يذهبون لشراء «زبالة» البضاعة، ويوردونها الى سوقنا بأثمان مرتفعة، الأمر الذي يعتبر الصينيون إساءة لصناعتهم ولبلدهم، فهم يعتبرون أن صناعتهم الصينية أكثر إتقانا وذات سمعة محترمة، وقد غزت العالم كله، لكن السوق الأردنية «محرقة» بالنسبة لهم، ولا يورد لها سوى بعض التجار الذين لا يكونون صينيين غالبا ولا يهمهم سوى التخلص من «نفايات» المصانع والبضائع، بينما يأخذها تجار أردنيون بلا ضمائر، ويثرون على حساب افقار الأردنيين..
نتحدث عن الجودة يا أبناء المدينة الغالية:
من يمكنه أن يؤسس بيت وعائلة مع تلك الفتاة التي لا إجابة عن مصدر نقود مكياجها الباذخ؟ وكيف سيفهم تطوافها بين «المدراء» بحثا عن غذاء أو عشاء؟ سنجد عريسا بلا شك، يسترخص المهر ويتغاضى عن عهر مصدره جهل وفقر..
وسيحتفل العريس بالعروس، ويأتي أصحابه بأسمالهم البالية وعقولهم الخالية وبطونهم الخاوية، ويهتفون:
حلوين من يومنا والله وقلوبنا كويسة.. والغالي علينا غالي ولا عمره ينتسى.. والغالي.. علينا غالي.
(الدستور)