حماس إرهابية أم لا؟
حلمي الأسمر
جو 24 : فجأة وبدون أي مقدمات، تصبح حركة حماس حركة إرهابية، وخارجة عن القانون، وفجأة أيضا، تُزال عنها هذه الصفة، وربما تُحتضن، باعتبارها حركة «شقيقة» وتمثل «ضمير» الشعب الفلسطيني! يقال أن السياسة بلا دين ولا أخلاق، ولا مبادىء، فالمصلحة أولا، والمصلحة آخرا، الدول العربية لها شأن آخر مع السياسة، ثمة نظرية سياسية خاصة بالنظام العربي الرسمي، نظرية لم يتعرف عليها أي من الفلاسفة والمفكرين الذين كتبوا في «فقه» السياسة، المصلحة مهمة في قاموس السياسة العربية الرسمية، ولكنها ليست مصلحة الشعب أو البلد، بل مصلحة «الكرسي» فقط، ولهذا، تتفرع بقية المفاهيم، وتُخلع ألقاب البراءة والإرهاب، والخيرية والشرية، على المنظمات والأفراد وربما الدول! حماس كانت قبل أشهر قليلة، في نظر بعض الأنظمة، حركة ملعونة، إرهابية، (ولم تزل هي كذلك، لدى أنظمة أخرى) اليوم غدت شيئا آخر، ولا مانع من قضاء «شهر عسل» معها، وفتح معبر رفح (فجأة!) مدة أسبوع، ليس فقط أمام الناس بل البضائع أيضا، التي تشمل الاسمنت ومواد البناء، بعد أن كان هذا الأمر ضربا من الأحلام، وكي لا يغضب الشريك الإسرائيلي، يُمنح مكافأة: تعيين سفير مصري في تل أبيب، حسب مصدر مصري «مطلع» فإن إرسال سفير مصري لاسرائيل، بعد غياب دام ثلاث سنوات، ليس منفصلا عن هذا التقارب بين مصر وحماس الإرهابية(!) ، «مصر تحافظ دائما على سياسة متوازنة» قال لـ «هآرتس»، لا تريد أن تظهر وكأن علاقاتها مع حماس تأتي على حساب علاقاتها مع اسرائيل. ارسال السفير هو خطوة مهمة جدا، ويشير بان مصر امام مرحلة جديدة من العلاقة مع حماس بشكل خاص ومع السلطة الفلسطينية بشكل عام»! هذه إطلالة سريعة على كواليس سياسية، تتسرب بين حين وآخر، عبر قنوات إعلامية، تؤكد المرة تلو الأخرى، أن ما يبدو من حجم الحدث السياسي، لا يزيد عما يبدو من جبل الجليد، المخفي معظمه تحت طبقات كثيفة من الأسرار، وما يغيظني هنا خروج الأبواق الإعلامية التي تعمل بالريموت كنترول، لمدح خطوة النظام وتعظيم شأنها، فلا يبقون وصفا سيئا إلا ويلصقونه بحماس، حتى إذا قرر النظام الانقلاب على نفسه، وارتكاب فعل مناقض للفعل الأول، تحركت الأبواق إياها، لتمتدح انقلاب النظام على نفسه، ولتصبح حماس مثلا، حركة ليست إرهابية، بل حركة تحرر وطني! ملاحظة خارج النص: إن كان ثمة شيء يمكن احترامه في المشهد العربي كله، فهو المقاومة الفلسطينية، وحماس جزء منها، فهي الظاهرة الأكثر نبلا وهي التي تستحق دون غيرها، الانحناء والاحترام، وكل من يتعرض لها بسوء فهو خائن لأمته. الدستور