jo24_banner
jo24_banner

حكاية الرجل الذي انتحر ببلاش

كامل النصيرات
جو 24 : هناك رجل تلاحقه الهموم كأنها زخّات المطر ..طحنته الأيّام كما تطحن أسنان الغني عظام الفقير ..وبمحض الصدفة ..كان يحمل موبايلا ..وأخونا – رغم أنّه قام بنشر رقمه على كل الأحباب والأصدقاء والجهات الرسميّة وغير الرسميّة ؛إلاّ انّ خلويّه العظيم لم يرن ولا ( رُنّينة ) ..!!
وها هو يسير في شارع الكوارع ..مطأطئ الرأس ..يركل بقدمه كل علب البيبسي الفارغة التي يجدها أمامه ..فجأة ..نعم فجأة ..زغرت الخلوي ..!! أي والله ..الخلوي يرن ..نظر إلى شاشته جيداً ..نعم ظهر رقم ..إذنْ ..هناك من يطلبه ..وقف في منتصف الشارع ..قدّم الرِّجل اليمنى وأخّر اليسرى ..وطعج وقفته ووضع الخلوي على أُذنه بطريقة استعراضيّة ..!! كان يريد من الكلّ أن يراه ..كان يريد أن يقول، إنّه رجل ( نُصْ مهم ) ..: آلووووو..قالها وهو يُتَخِّن بالحروف ..فجاءه صوت المُتصل : أخْ يوسف ..أبوك وأمّك ومرتك وأولادك ؛ ماتوا...البقيّة بحياتك يا يوسف ..!! وأغلق المتصل الخطّ ..
دارت الدنيا بصاحبنا ..لم يتحمّل الخبر ..أهذا أوّل ما يسمعه بالخلوي اللعين ..؟؟ وقال : خَلَصْ الدنيا ما عادلها لازم ..لازم أنتحر ..!! ..فكّر في طريقة الانتحار ..قرّر أن يذهب إلى أقرب عمارة شاهقة وينط من فوقها ..وجد عمارة علوها ثلاثون طابقاً ..صعد إلى الطابق الأخير ..وقال : اتكلنا بالموت على الله ..ونطّ ..نعم ..نطّ دون تفكير طويل..!!
وهو يسقط من فوق وقبل أن يصل إلى الطابق العشرين ..تذكّر وصاح: صحيح أبوي وأُمي ماتوا قبل عشر سنين ..!! وقبل أن يصل الطابق العاشر قال : وأنا صحيح مِشْ متجوِّز ...وقبل أن يصل الأرض بطابق واحد صاح أكثر : وأنا ما اسميش يوسف ..!!!
كلّنا هذا الرجل ..كلّنا نقتل أنفسنا لمعلومات خاطئة عنّا ..ولا نتذكر إلاّ بعد أن يصل السيف إلى الوريد ..كلّنا نموت بالنيابة عن آخرين تعرفونهم ..وأعرفهم ..ولكنّهم للآن لا يعرفون أنفسهم ..ولا يريدون أن يعرفوا؛ ما دام هناك من يموت بَدَلاً عنهم ..!! أما لهذا العذاب من صاحب ..؟؟!!


الدستور
تابعو الأردن 24 على google news