هل تغيّر فرنسا موقفها من الأسد؟
جو 24 : يرتكب تنظيم "الدولة الاسلامية" الفظائع الوحشية في العالم، والنظام السوري يستفيد! بالطبع، لا تفرض هذه المعادلة فرضية أن يكون النظام وراء الـ"غزوة الباريسية"، كما سماها "داعش". لكن المتغيّرات في السياسة الفرنسية المتوقعة قد تدفع إلى القول إن الرئيس السوري بشار الأسد سيكون المستفيد الأول من تلك الضربة التي ستضع ادانة "داعش" كأولوية بالنسبة إلى الأوروبيين، وخصوصاً الفرنسيين.
انتاج رأي عام اوروبي
الخيارات مفتوحة أمام فرنسا. ما حصل قبل أيام في باريس يخلط الأوراق، وكانت ارتداداته واضحة على الأزمة السورية: المعارضة السورية اصبحت أقل قوة، وباتت هناك خيارات فرنسية جديدة قد تبتعد فيها فرنسا عن ادانة الأسد، لتصير أولويتها "محاربة الارهاب". ويقول النائب السابق لمجلس النواب إيلي الفرزلي لـ"النهار": "الفرنسيون يدركون جيدا أن الزلزال الذي حصل لن يكون الاول ولن يكون الأخير. انه شعور اوروبي عام. ولا تستطيع الدول والحكومات الاوروبية أن تتصرف إلا على اساس أن الجريمة وقعت في كل بلد من بلدان اوروبا. ويجب أن تتصرف كما لو ان الحادث في اراضيها".
ويلاحظ أن "هناك اعادة انتاج لرأي عام اوروبي عريض جدا، للتركيز على اولية الحرب على الارهاب، وبالتالي اسقاط كل الاهداف الثانوية التي اثبتت فشلها وسخافتها"، معتبراً أن "الالتفات إلى سوريا لن يكون إلا بمزيد من الضغط، خصوصاً على تركيا، لأن المفتاح الواضح لحل الازمة على الارض يكون بقطع خطوط الامداد للتطرف. فطول الحدود التركية مع سوريا يصل الى نحو 880 كيلومترا، ويلعب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بلعبة مزدوجة من اعوام".
المنطقة "المعدية"
من جهته، يقول الكاتب السعودي الدكتور خالد باطرفي لـ"النهار" ان "أهم الارتدادت على الأزمة السورية هو أن الدول التي اعتقدت في السابق أنها بمنأى عما يحدث في الشرق الاوسط، وأن دول المنطقة وحدها تدفع الثمن، أصبحت اليوم تعي أن الارهاب لا يعترف بالجغرافيا، وأن المنطقة المصابة بهذا الوباء أصبحت معدية، وان الارهاب الذي أهملته في المنطقة سيصيبها". ويضيف: "أصبح هناك تركيز شديد اليوم على المشكلة السورية، باعتبارها العنوان الرئيسي للارهاب في العالم في سوريا والعراق للاسف، وأنه لا بد من حل لها، ليس بالتدرج او المسكنات، بل بحلول جذرية تواجه المشكلة وجهاً لوجه، وتقضي عليها وتنتزعها من جذورها".
تفجيرات باريس "مشبوهة"
ويجزم الباحث رضوان السيد حتمية ارتداد تفجيرات باريس على مواقف فرنسا من الأزمة السورية، قائلا لـ"النهار": "كانت فرنسا توازي في مواقفها بين ادانة الاسد وادانة "داعش". اليوم، تتقدم مكافحة "داعش" (على قضية الاسد). كانت فرنسا والسعودية تصرحان علناً بادانة الأسد، بعكس تركيا". ويرجّح هذا التأثير، "خصوصا مع الاتفاق العام الاميركي-الروسي، لامهال الأسد سنة ونصف السنة على الاقل".
ويعتبر أن ما حصل في باريس "مشبوه، خصوصا لناحية التوقيت. ففي نهاية المطاف، كل ذلك يصب في مصلحة الأسد"، موضحاً أن "القضية لا ترتبط بتنحي الأسد، بل بدوره في المرحلة الانتقالية. وسيكون دوراً كاملاً، برئاسة كاملة، إن لم تستطع السعودية وتركيا أولاً، وفرنسا ثانياً، ان تبقى على رأيها".
"تنحي الأسد... خلفنا"
هل تفجيرات باريس تغيّر موقف فرنسا تجاه تنحي الأسد؟ يجيب الفرزلي: "بالمفهوم الاستراتيجي للصراع، اصبحت المناقشة حول هذه المسألة خلفنا. فالكلام عن تنحي الأسد لا قيمة له، ومسألة سوريا تحلّ بشعار واحد هو "الشعب السوري يقرر مصيره بنفسه"، ويذهب إلى انتخابات حقيقية، باشراف دولي مع مراقبة وشفافية كبيرتين، وينتج رئيسه. وأي كلام آخر سخيف وتافه، ولا مكان له في الأدبيات الاستراتيجية. انه كلام لارضاء بعض العرب، وللضغط في المفاوضات وتقوية المواقع، خصوصاً أن الميدان ينقلب. لهذا يريدون ابقاء ورقة ضغط على النظام السوري ليوافق على ادنى الشروط".
ويقول: "بالطبع، ما حصل في باريس يدفع نحو الضغط لانجاح الحل السياسي"، معتبرا أنه "تم اقفال ملفي سوريا والعراق على مستوى القرار، لجهة تحويلهما جغرافية "فرامة" الارهاب. وأعتقد أنهم سيهربون (اي الارهابيون) إلى الخليج". وتساءل: "عند طردهم من الانبار، إلى اين يتجهون؟ تركوا لتركيا الموصل، ليبقى لها دور في الشراكة في لعبة منظومة الاستقرار الاقليمي الجديد، وعنوانها: ايران - اسرائيل - تركيا".
"لن تغيّر موقفها"
ما حدث في باريس شغل العالم، وتحولت المؤتمرات الاقتصادية طاولة بحث حول اخطار الارهاب وتداعياته. ويلفت باطرفي الى أن "القضية طرحت في فيينا وايطاليا، وشغلت الناس عن قضاياهم الاساسية. فمؤتمر قمة العشرين اقتصادي. ولكن بما ان الاقتصاد يتأثر بالوضع السياسي والاستقرار الامني، فقد باتت مسألة الارهاب وتفجيرات باريس مطروحة على طاولة البحث"، مذكراً بأن "ما حصل في مصر مثلاً اضر باقتصادها وكل اقتصادات المنطقة".
ويرى أنه بعد أحداث باريس، "بات هناك التفات شديد لحل الأزمة السورية، لأنها أساس المشكلة، و"داعش" نشأت في سوريا، ووجدت فيها المنظمات الارهابية ملاذاً ودعماً، اكان من النظام في بداية الامر، ليكون الشماعة التي يعلق عليها حججه لتلبية حاجات شعبه وكسب تعاطف العالم، ام من غيره. لكن الأكيد أن النظام اصبح جزءاً من اللعبة الارهابية عبر شرائه البترول والتعامل التجاري مع الارهابيين وتسليم المناطق اليهم".
لا يتفق باطرفي مع فرضية تغيير المجتمع الدولي موقفه من الأسد: "الرئيس السوري يثبت يوماً بعد يوم انه وراء الازمة. فخلال السنوات الاربع الماضية التي نشأ فيها تنظيما "داعش" و"النصرة"، لم تُوجه اليهما البراميل المتفجرة والصواريخ والدبابات والمدافع، بل وجهت الى الشعب السوري. وترك هذا السرطان (اي "داعش") ينتشر في المنطقة كلها". وبالتالي، "لم تغير فرنسا موقفها، بل زادت نشاطها ضمن التحالف ضد "داعش".
"فيينا لن ينجح"
الكفاح في سوريا سيستمر، في رأي السيد، و"قرارات فيينا لا قيمة لها، ولن ينفذ منها أي شيء". في ارتداد آخر لتفجيرات باريس، "سيتخذ مجلس الأمن الدولي، مثلاً، قرارا بوقف اطلاق النار، لدخول مرحلة انتقالية، بموافقة فرنسا"، يقول. "قبل الحدث الارهابي، لكانت فرنسا وافقت، من دون ذكر ادانة الاسد. وبعده، ستقدّم "داعش" على مسألة الاسد، من دون ان تصرح أنه باق، وستقاتل اليوم ضد "داعش" في سوريا في شكل أشد، ولن تشترط في أي محادثات ادانة الاسد أو القول ان لا مكان له في مستقبل سوريا".
وأمام كل هذه التغيّرات، يجد السيد أن "فيينا لن ينجح، لأن الفريقين الرئيسيين فيه، السعودية وتركيا، وهما نصف المشاركين والمؤثرين، ليسا موافقين على مقرراته، ليس لجهة مكافحة الارهاب، بل لجهة تجاهل الأسد. لذلك لن تنجح مناقشاته. وقال وزير الخارجية السعودي ان بلاده ستقاتل ضد الاسد، لازالته اما بالقوة، اما بالحل السياسي".
النهار
انتاج رأي عام اوروبي
الخيارات مفتوحة أمام فرنسا. ما حصل قبل أيام في باريس يخلط الأوراق، وكانت ارتداداته واضحة على الأزمة السورية: المعارضة السورية اصبحت أقل قوة، وباتت هناك خيارات فرنسية جديدة قد تبتعد فيها فرنسا عن ادانة الأسد، لتصير أولويتها "محاربة الارهاب". ويقول النائب السابق لمجلس النواب إيلي الفرزلي لـ"النهار": "الفرنسيون يدركون جيدا أن الزلزال الذي حصل لن يكون الاول ولن يكون الأخير. انه شعور اوروبي عام. ولا تستطيع الدول والحكومات الاوروبية أن تتصرف إلا على اساس أن الجريمة وقعت في كل بلد من بلدان اوروبا. ويجب أن تتصرف كما لو ان الحادث في اراضيها".
ويلاحظ أن "هناك اعادة انتاج لرأي عام اوروبي عريض جدا، للتركيز على اولية الحرب على الارهاب، وبالتالي اسقاط كل الاهداف الثانوية التي اثبتت فشلها وسخافتها"، معتبراً أن "الالتفات إلى سوريا لن يكون إلا بمزيد من الضغط، خصوصاً على تركيا، لأن المفتاح الواضح لحل الازمة على الارض يكون بقطع خطوط الامداد للتطرف. فطول الحدود التركية مع سوريا يصل الى نحو 880 كيلومترا، ويلعب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بلعبة مزدوجة من اعوام".
المنطقة "المعدية"
من جهته، يقول الكاتب السعودي الدكتور خالد باطرفي لـ"النهار" ان "أهم الارتدادت على الأزمة السورية هو أن الدول التي اعتقدت في السابق أنها بمنأى عما يحدث في الشرق الاوسط، وأن دول المنطقة وحدها تدفع الثمن، أصبحت اليوم تعي أن الارهاب لا يعترف بالجغرافيا، وأن المنطقة المصابة بهذا الوباء أصبحت معدية، وان الارهاب الذي أهملته في المنطقة سيصيبها". ويضيف: "أصبح هناك تركيز شديد اليوم على المشكلة السورية، باعتبارها العنوان الرئيسي للارهاب في العالم في سوريا والعراق للاسف، وأنه لا بد من حل لها، ليس بالتدرج او المسكنات، بل بحلول جذرية تواجه المشكلة وجهاً لوجه، وتقضي عليها وتنتزعها من جذورها".
تفجيرات باريس "مشبوهة"
ويجزم الباحث رضوان السيد حتمية ارتداد تفجيرات باريس على مواقف فرنسا من الأزمة السورية، قائلا لـ"النهار": "كانت فرنسا توازي في مواقفها بين ادانة الاسد وادانة "داعش". اليوم، تتقدم مكافحة "داعش" (على قضية الاسد). كانت فرنسا والسعودية تصرحان علناً بادانة الأسد، بعكس تركيا". ويرجّح هذا التأثير، "خصوصا مع الاتفاق العام الاميركي-الروسي، لامهال الأسد سنة ونصف السنة على الاقل".
ويعتبر أن ما حصل في باريس "مشبوه، خصوصا لناحية التوقيت. ففي نهاية المطاف، كل ذلك يصب في مصلحة الأسد"، موضحاً أن "القضية لا ترتبط بتنحي الأسد، بل بدوره في المرحلة الانتقالية. وسيكون دوراً كاملاً، برئاسة كاملة، إن لم تستطع السعودية وتركيا أولاً، وفرنسا ثانياً، ان تبقى على رأيها".
"تنحي الأسد... خلفنا"
هل تفجيرات باريس تغيّر موقف فرنسا تجاه تنحي الأسد؟ يجيب الفرزلي: "بالمفهوم الاستراتيجي للصراع، اصبحت المناقشة حول هذه المسألة خلفنا. فالكلام عن تنحي الأسد لا قيمة له، ومسألة سوريا تحلّ بشعار واحد هو "الشعب السوري يقرر مصيره بنفسه"، ويذهب إلى انتخابات حقيقية، باشراف دولي مع مراقبة وشفافية كبيرتين، وينتج رئيسه. وأي كلام آخر سخيف وتافه، ولا مكان له في الأدبيات الاستراتيجية. انه كلام لارضاء بعض العرب، وللضغط في المفاوضات وتقوية المواقع، خصوصاً أن الميدان ينقلب. لهذا يريدون ابقاء ورقة ضغط على النظام السوري ليوافق على ادنى الشروط".
ويقول: "بالطبع، ما حصل في باريس يدفع نحو الضغط لانجاح الحل السياسي"، معتبرا أنه "تم اقفال ملفي سوريا والعراق على مستوى القرار، لجهة تحويلهما جغرافية "فرامة" الارهاب. وأعتقد أنهم سيهربون (اي الارهابيون) إلى الخليج". وتساءل: "عند طردهم من الانبار، إلى اين يتجهون؟ تركوا لتركيا الموصل، ليبقى لها دور في الشراكة في لعبة منظومة الاستقرار الاقليمي الجديد، وعنوانها: ايران - اسرائيل - تركيا".
"لن تغيّر موقفها"
ما حدث في باريس شغل العالم، وتحولت المؤتمرات الاقتصادية طاولة بحث حول اخطار الارهاب وتداعياته. ويلفت باطرفي الى أن "القضية طرحت في فيينا وايطاليا، وشغلت الناس عن قضاياهم الاساسية. فمؤتمر قمة العشرين اقتصادي. ولكن بما ان الاقتصاد يتأثر بالوضع السياسي والاستقرار الامني، فقد باتت مسألة الارهاب وتفجيرات باريس مطروحة على طاولة البحث"، مذكراً بأن "ما حصل في مصر مثلاً اضر باقتصادها وكل اقتصادات المنطقة".
ويرى أنه بعد أحداث باريس، "بات هناك التفات شديد لحل الأزمة السورية، لأنها أساس المشكلة، و"داعش" نشأت في سوريا، ووجدت فيها المنظمات الارهابية ملاذاً ودعماً، اكان من النظام في بداية الامر، ليكون الشماعة التي يعلق عليها حججه لتلبية حاجات شعبه وكسب تعاطف العالم، ام من غيره. لكن الأكيد أن النظام اصبح جزءاً من اللعبة الارهابية عبر شرائه البترول والتعامل التجاري مع الارهابيين وتسليم المناطق اليهم".
لا يتفق باطرفي مع فرضية تغيير المجتمع الدولي موقفه من الأسد: "الرئيس السوري يثبت يوماً بعد يوم انه وراء الازمة. فخلال السنوات الاربع الماضية التي نشأ فيها تنظيما "داعش" و"النصرة"، لم تُوجه اليهما البراميل المتفجرة والصواريخ والدبابات والمدافع، بل وجهت الى الشعب السوري. وترك هذا السرطان (اي "داعش") ينتشر في المنطقة كلها". وبالتالي، "لم تغير فرنسا موقفها، بل زادت نشاطها ضمن التحالف ضد "داعش".
"فيينا لن ينجح"
الكفاح في سوريا سيستمر، في رأي السيد، و"قرارات فيينا لا قيمة لها، ولن ينفذ منها أي شيء". في ارتداد آخر لتفجيرات باريس، "سيتخذ مجلس الأمن الدولي، مثلاً، قرارا بوقف اطلاق النار، لدخول مرحلة انتقالية، بموافقة فرنسا"، يقول. "قبل الحدث الارهابي، لكانت فرنسا وافقت، من دون ذكر ادانة الاسد. وبعده، ستقدّم "داعش" على مسألة الاسد، من دون ان تصرح أنه باق، وستقاتل اليوم ضد "داعش" في سوريا في شكل أشد، ولن تشترط في أي محادثات ادانة الاسد أو القول ان لا مكان له في مستقبل سوريا".
وأمام كل هذه التغيّرات، يجد السيد أن "فيينا لن ينجح، لأن الفريقين الرئيسيين فيه، السعودية وتركيا، وهما نصف المشاركين والمؤثرين، ليسا موافقين على مقرراته، ليس لجهة مكافحة الارهاب، بل لجهة تجاهل الأسد. لذلك لن تنجح مناقشاته. وقال وزير الخارجية السعودي ان بلاده ستقاتل ضد الاسد، لازالته اما بالقوة، اما بالحل السياسي".
النهار