مأساة النساء وأهالي الجبيهة
الجبيهة: فيها حيّ تكثر حوله أخبار أخلاقية "مأساوية"، وقبل سنوات طالب نفر من أهالي الجبيهة بتنظيف الحي من بائعات الهوى !، فهو يعج بالشقق المفروشة وسكانها "العرب"، وبين الشقق والسكان ضيوف يسيئون للناس هناك ولسمعة وأخلاق بلد.. ولست أدري إن كان سؤال من نوع : لم تنتشر هذه الحكايات في ذلك الحي ؟ له ما يبرره .
عموما هذه مأساة من مآسي "الجبيهة"، وهي ليست موضوع مقالتي.
مأساة الجبيهة، عنوان آخر لخبر تتناقله وسائل الإعلام منذ أكثر من شهرين، وموضوعه مختلف قليلا عن خبر "الشقق المفروشة ومآسي جيرانها وضيوفها".. :
حكم قضائي نوعي، جلب سلسلة من المآسي على 25 ألف مواطن، هم المتضررون في حال تنفيذ قرار المحكمة المذكور، وحكايته:
إمرأة؛ استشهدت جراء غارة إسرائيلية على منطقة الجبيهة عام 1969 (ملعون أبو الصهاينة)، وبعد 3 سنوات على استشهادها، وباتفاق مع بعض موظفي دائرة الأراضي والمساحة "لا نعرف اسم الدائرة آنذاك"، تمت عملية بيع باسم الشهيدة المرحومة، التي كانت وريثة شرعية تملك حصصا من أحواض أراض في الجبيهة، ومضت السنوات والعقود على هذه العملية، وتم بيع اجزاء كبيرة من هذه الأراضي الى مواطنين آخرين، دشنوا عليها بيوتا سكنوها أو باعوها بدورهم لآخرين، كما دشنوا مشاريع تجارية عقارية أخرى، وتوارثوها بدورهم، لكن أبناء الشهيدة قاموا برفع دعوى لدى القضاء الأردني، ادعوا فيها أن كل عقود البيع التي كانت أمهم طرفا فيها "باطلة" بل مزورة، وهو ما أثبتوه في المحكمة، وبناء عليه تم الحكم لصالحهم، بإخلاء "الأراضي" موضوع النزاع لتسليمها لأبناء الشهيدة..
حوالي 1500 سند تسجيل، تتحدث عن عقارات وأراض تقدر قيمتها ب 10 مليار دينار حسب النائب نصار القيسي رئيس لجنة الأهالي المتضررين، والذي قال: إن الحل المنطقي لهذه القضية يكمن في تفاهم الأطراف المتنازعة على الأراضي وجميعهم من ذوي الشهيدة، وأضاف بأن المتضررين وقفوا وقفة احتجاجية قبل أيام أمام رئاسة الوزراء، وعبر عن "تفهم" رئيس الوزراء لمطالبهم واتفاقه معهم، على ضرورة أن يتم الحل "رضائيا" بين الأطراف المتنازعة، دونما تدخل في القضاء الذي حكم وفق أدلة ثابتة وقرائن،حكما قطعيا لا يمكننا التشكيك بنزاهته..
تصلني ملاحظات ورسائل ومطالبات لها علاقة بهذه المأساة، أذكر منها "أكثرها طرافة"، حيث يتندر البعض بضرورة بيع بيوتهم وعقاراتهم الأخرى، خشية أن يستيقظوا يوما على قرع أبواب بيوتهم، من مبلّغ ينذرهم بإخلائها بحكم القضاء.. ( يقولون: يمكن يطلع بيتنا وأرضنا مسروقات، قمنا بشرائها دونما علم منا، وليس بعيدا أن نكون ضالعين في السرقة أيضا !!).
وتقول إحدى القارئات لهذه الزاوية قولا له أبعاد اجتماعية ثقافية: لو لم تستشهد المرحومة، لذهبت طوعا كسائر النساء الى الجهات الرسمية، لتتنازل لأشقائها عن حصتها من مال أبيها.. فكلهن يفعلن ذلك ترغيبا وترهيبا !.
بينما وصلتني رسالتان قبل شهرين بمضمون واحد : من خلال كتاباتك أعتقد بأنك ذكرت بأنك تسكن تلك المنطقة.. عليك أن تجد بيتا غيره، ولا بد أن لك أقارب وأصدقاء هناك فقدوا بيوتهم.. تعالوا استأجروا عنا !.
بعد صدور مثل هذا الحكم القضائي النوعي الذي لا نشكك بنزاهته، ومع علمنا بحقيقة أن النساء "لا يرثن" حسب أعراف سائدة في بلادنا، هل يأمن أصحاب الأملاك من الأراضي والعقارات على ما يملكون، ويضمنون أنهم لم يشتروا أرضا أو عقارا مقاما على أرض سيطر عليها مالكها الأول بالتزوير أو بغيره من الطرق غير القانونية ؟!.
لا أملك عقارا ولا أرضا، ولو فكرت أو استطعت التملك، فبكل تأكيد وبعد هذه المأساة سأزعج كل الجهات المسؤولة وأسأل عن الناس الذين تناوبوا تملكها قبلي، وكذلك سأقف على كيفية وفاة النساء من "الجدات"، هل استشهدن مثلا؟!..
أريد أن أضمن أنهن قمن بالتنازل عن حقوقهن وهن بكامل وعيهن، وسوف أكون سعيدا لو أنهن لم يكن متزوجات أصلا..
لا أريد أن أستيقظ على حقيقة بهذه المأساوية : اترك الدار، فهي ليست دارك، وبالقانون حبيبي !.
اللهم تولى النساء برحمتك، فنحن لا نملك أن نرحم، واجعل أهل البيوت آمنين على ما ملكوا..
واكفنا شر اللايذات..سحقا لهن وتبا للظلم الاجتماعي بحق النساء وبحق الشهداء والأحياء أصحاب الحياء.
ibqaisi@gmail.com