jo24_banner
jo24_banner

من يهدد إسرائيل هذه الأيام؟!

ماهر أبو طير
جو 24 : ما من مناخ مريح لاسرائيل مثل هذه الايام، فخزان الدم في معظم جوار كل فلسطين المحتلة، المفترض ان يهدد اسرائيل، مشغول بنزيفه الداخلي، والبوصلة منحرفة باتجاه آخر، غير الاحتلال.
مناخ عز نظيره في تاريخ الاحتلال، فبرغم التحليلات التي يطلقها خبراء اسرائيليون عن مخاطر الفوضى على ذات اسرائيل، الا انها في المحصلة تبدو آمنة، باستثناء العمليات الفلسطينية التي نراها بين وقت وآخر.
هذا اول احتلال في التاريخ، تمتد لعنته، الى دول لم يحتلها فعليا، لكنه تمكن من مد لعنته واحتلاله بوسائل كثيرة اليها، بحيث تسبب بانهاكها، دون ان يدفع ثمن رصاصة واحدة فيها، فشبكة حماية الاحتلال كبيرة وفاعلة.
لم يكن جوار فلسطين المحتلة يهدد اسرائيل كليا، لكنه من الناحية التكتيكية، كان يشكل خطرا، عبر عدة جبهات، وفي الرؤية الاستراتيجية الاسرائيلية، يبقى الخطر كبيرا، لان الرؤية تقيس التغيرات المحتملة وتستعد لها مسبقا.
لماذا تقلق اسرائيل هذه الايام، وكل دول الهلال الخصيب، تقريبا، منهكة بالحروب والصراعات والمذابح السياسية والمذهبية، والاقتتال على اشده بين الجميع؟!.
ثم لماذا تقلق اسرائيل وهي ترى ان كل المنطقة وعلى مستوى الاقليم تستغرق في حروب كبرى، تشارك بها عواصم اقليمية مثل طهران وانقرة، وبحيث امتد الصراع اليوم الى المستوى الاسلامي، وترابطاته العربية؟!.
من الذي يهدد اسرائيل هنا.لا احد.الداخل الفلسطيني مشظى ومقسوم الى اربعة مستويات، الضفة وغزة والقدس والثمانية واربعين، وكل مستوى تتم ادارته بطريقة مختلفة، تضمن الحد المتوسط من الامن الاسرائيلي؟!.
دول الجوار منهكة من سورية والعراق ، بالحروب والصراع على السلطة، فوق بذرة الكراهية المذهبية والدينية التي تم بذرها لتؤسس لكراهية وانتقام لالف عام مقبل، اضافة الى الانهيارات الاقتصادية والامنية.
مشروع اسرائيل لم يكتب له التوسع مثلما كان يحلم قادة اسرائيل، بمعنى الجغرافيا، لكنه من جهة اخرى، توسع من حيث تأثيرات الاحتلال الكلية، على أمن الاقليم، وقدرة الاحتلال بالشراكة مع اطراف عديدة على تهشيم هوية المنطقة، واشغالها بنفسها، على الرغم من انها لم تكن تهدد اسرائيل فعليا، على المدى القريب، لكنها قراءات المستقبل التي تفرض استمطار البلاءات مسبقا على شعوب المنطقة.
مع كل هذا فأن العنوان الذي يصفه البعض بالاسلامي، ويصفه آخرون بالتطرف والتشدد، خارج الحسبة الاسرائيلية حاليا، اذ كل عناوين التنظيمات موجهة الى اهل المنطقة وليس الى الاحتلال، كما ان لانية على مايبدو لتوجيهها للاحتلال، مادام قتل العراقي الشيعي، يعتبر انتصاراً للسوري السني، وقتل السوري المسيحي انتصار للسني العراقي، وقتل العراقي السني، بشبهة موالاة التطرف، انتصار للحشد ومرجعياته المهدوية.
هكذا اولوية، تتطابق تماما، مع ما يريده الاحتلال، اي ابعاد كل الانظار عن الاحتلال، واشغال المنطقة ببعضها البعض، بل ان الاولوية الاسرائيلية اليوم، تفتيت بنى المنطقة الى الدرجة التي تبقى فيها عقيدة الكراهية والثأر هي السائدة، حتى لو توقفت هذه الحروب، اضافة الى اعادة انتاج الكينونات الوطنية نحو كينونات اصغر، بعناوين ويافطات فرعية، يصح وصفها بالصغيرة والثانوية.
نريد من الخبراء ان يجيبوا على سؤالنا، حول الذي تخشاه اسرائيل هذه الايام، ولعقد كامل مقبل، بغير اجابات التهديد والوعيد، التي تبقى مجرد عنوان لاستثارة العواطف.
حتى هذه اللحظة لم نصل المنحنى على الطريق الذي يصح وصفه بالمنحنى الذي يأخذ المنطقة الى تهديد اسرائيل فعليا، وحتى ذاك، نسأل الله فقط، ان تقل خسائرنا.

الدستور
تابعو الأردن 24 على google news