قانون القوانين ..
..تحليلات سياسية وأخرى اجتماعية، وبينها طلعات من مناكفات ومبارزة لن تبقى خلف الكواليس، ونساء على شرفة مجلس النواب، وأخريات تحت القبة يشتكين وزير الداخلية، ويطالبن بسحب الثقة منه وعنه، وعلى حد وصف إحداهن «النائب هند الفايز»: الرجل يتعامل بمقولة (العصى لمن عصى)..
حين تتابع تصريحات وآراء المختصين أو النواب، أو الفئات التي تشعر بالتهديد من هذا القانون، تلحظ سمات مزاد سياسي، تتقدم فيه المصالح كلها على المصلحة الوطنية لدى غالبية لا يستهان بها من المهتمين.
فمن هم هؤلاء المهتمون الذين يشعرون بأنهم مستهدفون من قانون الانتخاب الجديد؟!.
سياسيا؛ يمكن اعتبارهم قوى سياسية، ومؤسسات مجتمع مدني، وقوى اجتماعية، فهم خرجوا من رحم ممارسات قانونية وفرتها قوانين الانتخاب المعمول بها منذ عام 1989، ومن بينهم من يشعر بأنه فقد حقوقا، يعتبرها الآن مكتسبة ويهددها القانون الجديد، بعد أن تأكد جميع المحللين والنقاد والمراقبين بأن القانون المعروض على مجلس النواب، قد يصنف وينعت بأي نعت سوى «الصوت الواحد»، وهذه بحد ذاتها حقيقة تقلق الذين لولا الصوت الواحد لما أصبحوا اليوم «قوى»، وهو القانون الذي تبدل وتغير وحافظ على الصوت الواحد وقدم ضمانات قانونية لإفراز مشابه لقانون الصوت الواحد، وحصد الأردن منه مشاكل وتعقيدات على صعيد الاصلاح السياسي، ليس أقلها تقديم نخبة لا تستحق أن تتصدر عملا سياسيا على هذه الأهمية..
قانون القوانين؛ هو قانون الانتخاب، وهو المقياس الحقيقي لمدى التقدم على سلم الإصلاح السياسي، وكلما قدم القانون مساحات أكبر للمشاركة الشعبية، وحافظ على «توازنات» تتعلق بخصوصية أردنية، كلما كان أكثر مواءمة وقبولا، وذلك على الرغم من ارتفاع أصوات بعضهم، وهم الذين قلنا عنهم ما كانوا ليكونوا في المشهد لولا الصوت الواحد الذي وإن نعتناه بسيء الذكر، إلا أنه كان قانونا يناسب الحالة الأردنية في تلك المرحلة..
المعارضة الإسلامية؛ التي قاطعت بل هجرت الانتخابات لمدة تقترب من عقد من الزمان، لم تعلن موقفها الحقيقي من القانون، وهي ربما قدمت ملاحظاتها بشأنه، لكنها ستعلن موقفها الحقيقي بعد إقرار القانون، وتحدد موقفها من استمرار المقاطعة أم المشاركة، وهنا يقال عن تلك المقاطعة، بأنها أسهمت الى حد كبير في تشوه المشهد السياسي، حيث أصبح لون المعارضة باهتا، لأنها أصبحت في يد مستقلين «كالنائبين» المذكورتين في مقدمة المقالة، فالمعارضون في هذه المجالس أصبحوا أشخاصا وليست أحزابا كبيرة، كحزب جبهة العمل الاسلامي وجماعة الإخوان المسلمين وغيرهم..
أهم قانون في الإصلاح السياسي لأية دولة هو قانون الانتخاب، فهو الأب الشرعي للديمقراطية في هذه الدولة، وهو الذي يفرز نخبة سياسية ويمنحها سلطة التشريع والرقابة، وحين يكون القانون متواضعا ولا يسمح بمشاركة شعبية عريضة، فهو يقدم كل الأسباب لتراجع الأداء السياسي والرقابي، الأمر الذي تغيب معه ثقة المواطن بالسلطات والمؤسسات، بسبب تغييب رأيه والتغاضي عن أهمية دوره في البناء ورسم المستقبل.
قانون القوانين على مائدة النواب ومائدة الحوار العام، والأيام القليلة القادمة ستشهد تفاعلات فكرية وسياسية واجتماعية مهمة، يتحول معها الاعلام الى الجبهة الداخلية، ولن تبقى مساحة للحدث الخارجي، وهذه ربما واحدة من أخطر المخاطر على المصالح الأردنية الاستراتيجية..
قانون الانتخاب مهم بلا شك، لكن ثمة أحداثا سياسية كبرى في المنطقة قد تكون مصيرية وقد تتضمن أخطاء استراتيجية أردنية، تحدث في غفلة من اهتمام أردني.
ibqaisi@gmail.com