خبر عااااجل : خربانه...!ا
ابراهيم عبدالمجيد القيسي
جو 24 : انسوا خبر التلفزيون..أتحدث عن هذا الجيل الذي لم يتشكل لديه أبسط «قوس ثقافي»، يجمع الشعور والمعلومة واللغة، فتجده بلا لغة تذكر، ولا إحساس، ومن الطبيعي أن يهرف بما لا ولن يعرف يوما، وتتجسد المشكلة حين نعتبر شخصا هذه صفاته بأنه «مبلغ» أوعى من سامع، فنأخذ عنه ما يروي ويخبص كيفما تفتقت دهاليز نفسه ودماغه عن جهل و «هبل».. في السيرة النبوية حديث عن المنافق وآياته، (إذا تحدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا خاصم فجر).. ويبدو أن النفاق الوطني أصبح عملة، ويتساوقون معها كأي فن من فنون الاتجار بالمرغوبات أو بالمكروهات .. فلا فرق، مادامت الحصيلة مصالح وفوائد حتى وإن كانت الفوائد مجرد «دغدغة» لمشاعر بدائية، تشبه الفائدة من «السعال» أو «العطاس» بالنسبة لمرضى القلب. في تلك الليلة الأردنية الكبيرة، التي تعاملت فيها الدولة مع الخلية الارهابية المجرمة، رأيت عجب العجاب على صفحاتي في فيسبوك، وأغلب العجب كان يبدأ كما عنوان هذه المقالة لكن بتكرار أكثر لحرف الألف.. ولم أكمل جملة واحدة مما يكتبون ويستعجلوننا بمعرفته، بل كنت أنظر الى اسم وصورة المبلغ المخبر العجول، وفي مثل هذه السخافات أتمنى لو أن لصفحة فيسبوك «سلة مهملات» كما هي على «الديسكتوب»، في نظام الويندوز وهذا «اقتراح لفريق فيسبوك المتخصص في تطوير التطبيق لمنطقتنا الشرقية العربية».. كل الذي يُكتب على تطبيقات اجتماعية هو مجرد «حرية تعبير»، وليس فيه معلومة يمكنك اعتمادها صحفيا، وهذه هي القاعدة الأولى التي أتعامل وفقها على الانترنت عموما، لكن حين تصدر بعض الأخبار عن زملاء مهنيين يختلف الوضع، ويصبح المطلوب التثبت من أن هذه صفحة الشخص الزميل أم لا، وما يقال عن الكتابة وعن «الصبابة» على صفحات الناس العاديين، يقال عن كثير من المواقع التي تسمي نفسها بأنها إخبارية «إجبارية»، فالتخلف والمرض النفسي و»النطنطة ع الفاضي والمليان» هي سمات تشبه تلك المتوفرة في خبر المواطنين «العاجل» .. الناس؛ وبسبب سطحية كثيرين منهم، يتأثرون بكل ما يقرأونه على الانترنت، حتى وإن كتبوا هم أنفسهم كلاما، فهم يقرأونه وكأنه حقيقة، ويقومون بترويجه لكل الناس، وحين يستفحل المرض في نفوسهم، تتطور حالتهم فتتضخم نفسياتهم بعدد «اللايكات» على فيسبوك، فيصبح بعضهم كما الحكام الأسطوريين، يعطس على صفحته، فتنهال اللايكات والتبريكات وال»تشريكات» فيزداد غرقا في مشكلته النفسية.. كل هذا لا علاقة له بالحقيقة ولا بالخبر الصحفي، وذلك في الظروف الطبيعية، أما حين يكون ثمة حدث مهم، ولا خبر صحفيا عنه، تتجلى حاجتنا للحلقة المفقودة، وهي الحقيقة الحاسمة التي ينتظرها المختص أو البعيد عن المكان، لكن الوضع يكون حرجا حين يكون الحدث أمنيا حساسا طازجا، وتسريب المعلومة عنه يؤثر على مساره الأمني وأهدافه، في مثل هذه الحالة تكون الإشاعة قاتلة ومثيرة لـ»البلبلة»، وهنا يتجلى الوعي لدى المواطن سواء أكان كائنا افتراضيا «فيسبوكيا» مثلا، أم مواطنا عاديا لم يصب بعد بلوثة الانترنت وتداعياتها.. أي خبر عاجل يكون «فراطة» مالم تذكره أو تؤكده وسيلة اعلام مهنية، أو على الأقل شخصية صحفية مهنية معروفة (قلت صحفية وليس اعلامية)، وهذه القاعدة الأولى التي يجب على المواطن المتوازن الحصيف ان يأخذ بها، خصوصا حين يكون بعيدا عن موقع الحدث.. المهم: «خربانه وماكله هوا» هو خبرنا العاجل.
ibqaisi@gmail.com
الدستور