معتصمو المنطقة الخضراء في بغداد... متفائلون بالتغيير!
في الجانب الغربي من المنطقة الخضراء "المنطقة الحكومية"، وعند شارع التشريع المقابل لمبنى مجلس النواب، نصب اكثر من الفين مواطن خيامهم، كذلك فعلوا في الشارع المحاذي المقابل لمبنى وزارة الدفاع، حيث مبنى السفارة الايرانية.
الامر نفسه في الجانب الشرقي للمنطقة الرئاسية، عند مدخل الجسر المعلق، حيث نصب محتجون عشرات الخيام هناك. شباب من مختلف المشارب والاعمار، لكن اتباع السيد مقتدى الصدر يشكلون غالبيتهم الساحقة. والى جانبهم، مراكز اعتصام نوعية لشباب التيار المدني.
اعداد المدنيين وغيرهم لا ترقى لأعداد الصدريين، حيث يتواجد بضع مئات من المدنيين في مقابل نحو 6 آلاف صدري لكل مجموعة بديلة، لكن الصلة والعلاقة بين الاثنين لا ينقصها الود والانسجام المتبادل. وعبر "اللجنة التنسيقية للاعتصام" يقوم الجانبان بتنسيق اعمالهم.
تنظيم الاعتصام
في مواقع الاعتصام الثلاثة، ابتكر المعتصمون نوعا من التنظيم لمواصلة تحقيق هدف الاصلاح ومحاربة المفسدين، فالصدريون مثلا، قسموا انفسهم الى مجموعات، لكل مجموعة فترة محددة للتواجد في الخيام، ويكون وقت التواجد في الخيمة نحو اربعة ايام، ثم تستبدل بمجموعة اخرى من المعتصمين وهكذا. وكذلك يفعل المدنيون وان بأعداد قليلة.
فقراء وابناء مدن مهمشة صنعوا في خيامهم المتواضعة، عالم من الفة ممزوجة بالتحدي لسلطة سرقت احلامهم وبددت ثروات بلادهم. كل يوم يمر يعزز حلمهم بغد افضل يبنى على انقاض حاضر شديد العتمة. يغذي صمودهم تردد السلطة في اتخاذ ما يلزم، الى جانب الخطابات التشجيعية المتواصلة للسيد مقتدى الصدر، حتى انه قام بزيارة مخيمات الاعتصام ليلة الاحد.
في خيم الاعتصام، بوسع المرء ان يستمع الى قصص غريبة ومختلفة، فكيف يتم التنسيق مثلا، بين واجبات المعتصم كفرد مسؤول ويعيل اسرته الخاصة، وبين شعوره بالانتماء الى الجماعة ورغبته في التماهي معها وخدمة توجهاتها؟
كيف تحصل الاعداد المتزايدة على الغداء وبقية الخدمات، لماذا يتفانون الى هذا الحد في خدمة اهدافهم وتعليمات مرجعياتهم؟
يقول اعضاء من اللجنة التنسيقية للاعتصام، ان كثير من المتبرعين يقدمون للمعتصمين كميات كبيرة من الطعام، الى جانب ما تقدمه لجنة التنسيق.
متفائلون بالتغيير
يعمل سيد مرتضى(40 سنة) طباخا في المناسبات الخاصة، لم يحصل على وظيفة حكومية، لديه ستة ابناء اكبرهم لم يبلع الحلم بعد، ومع ذلك يتواجد في خيم الاعتصام منذ اليوم الاول لنصبها قبل اكثر من عشرة ايام.
لماذا تتواجد لأكثر من عشرة ايام والمفروض انك لا تبقى اكثر من اربعة ايام فقط؟ يجيب: "انا اخدم في مواكب الامام الحسين منذ سنوات، والاعتصام امتداد لثورة الحسين، انا سعيد ان اتواجد في هذا المكان المقدس". ألا تفكر بعائلتك؟ يرد: "لا تصدق ان قلت لك انني اعطيتهم 50 الف دينار فقط وقلت لهم تصرفوا، لم ادفع ايجار المنزل حتى الان. ان ما اقوم به من اجل عائلتي، الفساد ضيع ثروات البلاد، اتمنى ان نضع حدا لذلك، حتى يعيش اولادي افضل من معيشتي".
وعن توقعاته لما ستؤول اليه حركة الاحتجاج والاعتصام يقول سيد مرتضى :"انا متفائل، ابو هاشم (مقتدى الصدر) اخرج الامريكان وبإمكانه اخراج الفاسدين".
اما الصحافي والناشط المدني علي السومري، فيقول: "الاعتصام واحد من طرق الاحتجاج، عادة ما يكون الخطوة الثانية بعد التظاهر، وبالتأكيد ستليه خطوات اخرى، ان لم تستجب الحكومة لمطالبنا بالإصلاح الحقيقي".ويعتقد ان مماطلة الحكومة في الاصلاحات منذ ثمانية اشهر، هي من "دفعنا للاعتصام امام المنطقة الخضراء".
وعن نشاطه في خيام الاعتصام يقول السومري:" في الأيام الخمسة الأولى لم أرجع للبيت إطلاقاً".
ويشرح الطريقة التي ينسق من خلالها زملائه المعتصمين يومياتهم " أغلب الأصدقاء وبعد استيقاظهم يذهبون للعمل او بيوتهم ويعودون في الظهيرة الى الخيمة للمبيت فيها، انا البعض فيتواجد منذ الصباح الباكر حتى الليل، ويعود بعدها لبيته".
ويؤكد انه " لا يثق بجميع الساسة، الوزراء منهم والنواب، واعرف جيدا انهم سيرغمون على قبول الإصلاحات خوفاً على مصالحهم".
وعن شكل العلاقة بين المدنيين والصدرين يرى انها " تشبه شكل العلاقة في مناطقنا، نتعامل مثل أهل وجيران، يشاركوننا مجالسنا وهتافاتنا وندواتنا، التيار الصدري يتعامل داخل خيم الاعتصام مع المدنيين بحفاوة".
دخول الخضراء
اما مصطفى فيصل(35 سنة) القادم من محافظة النجف ، فيرى ان وجوده في خيم الاعتصام " تلبية لنداء وطني ونصرة للدين".
ويقول فيصل الحاصل على شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية، ان "الاصلاح لا يأتي في يوم وليلة لان عمر الخراب طويل، لكن علينا ان نحاول"، ويضيف، " كنت اعمل في شركة رفقة 12 موظف، وقد اغلقت ابوابها مؤخرا، اظن ان الفساد هو من اغلقها".
وعن توقعاته بشأن مستقبل الاحتجاج وما اذا كانوا سيدخلون المنطقة الخضراء يقول:" انا متفائل بالتغيير، لكن دخول الخضراء مرتبطة بأوامر السيد مقتدى الصدر، نحن لا نتصرف على كيفنا"، ويرى ان تواجد شباب من مختلف الاعمار والتوجهات "شيء مفرح ويدعو للتفاؤل" .النهار اللبنانية