إقصاء الأردن وإحلال إسرائيل!
تعلن اسرائيل حربا من نوع آخر ضد المسجد الاقصى، خصوصا، هذه الفترة، عبر التدخل في الاوقاف الاسلامية التي ترعى المسجد، وعرقلة اعمال الصيانة، واعتقال موظفين وحراس للمسجد، والرسالة هنا موجهة ضد الاردن، الذي يشرف على الحرم القدسي، وما فيه، رسالة سياسية، ولها تداعياتها الخطيرة جدا.
اكثر من مرة، عبثت اسرائيل بالحرم القدسي، ورد الاردن عبر الاتصالات، او اصدار البيانات، لكن هذا كله لم يعد كافيا ابدا، وقد اصدرت قبل يومين الهيئات المقدسية بيانا شرحت فيه اخر التطورات ضد الحرم القدسي، وهي تطورات خطيرة جدا، تعني بدء تفكيك رعاية الاردن لهذه المقدسات، ومحاولة نقل السلطة عليها الى اسرائيل مباشرة.
اسرائيل ذاتها على معرفتها ان الاقصى عصب حساس جدا للمقدسيين والعرب والمسلمين عموما، الا انها ايضا تريد ان تحشر كل قضية فلسطين في الاقصى، بحيث يغيب الكلام عما يتعرض له الناس من اجراءات اخرى في كل فلسطين التاريخية، ونلاحظ ببساطة ان قضايا فلسطيني 48 وغزة والضفة، والتهويد، ووضع المستوطنات وغير ذلك من قضايا، يغيب لصالح تكريس الاهتمام لحظيا بالاقصى، لكنه من جهة اخرى، حشر لقضية فلسطين في هذه الزاوية، ثم السعي لابطال اي فاعلية في هذه الزاوية حصرا.
كيف يمكن هنا للسلطة الوطنية الفلسطينية وغيرها من جهات، ان تواصل التنسيق الامني المرتفع مع اسرائيل، والحرم القدسي مهدد بهذه الطريقة، والكل يعرف ان التنسيق الامني مرتفع جدا مع جماعة رام الله، وغيرها، برغم كل التهديدات التي نراها للحرم القدسي، وهي تهديدات تعبر ايضا عن تدرج في الموقف، بما يعطينا دليلا واضحا على ان السنين المقبلة قد تشهد اخطارا فادحة على الحرم القدسي؟!.
نقرأ في البيان الذي اصدره مجلس اوقاف القدس وجهات اخرى هذه الفقرات المهمة ..»لقد زادت وتيرة الاعتقالات والتوقيف وخاصة للحراس والعمال وأصحاب المسؤوليات بحجج واهية لا أساس لها من الصحة، واعتقال عدد من المسؤولين في الأوقاف والإعمار للمسجد الأقصى المبارك، وكان آخرها اعتقال مدير مشاريع الإعمارالمهندس بسام الحلاق، ومجموعة من العاملين في سلك الإعمار للمسجد الأقصى، بحجة العمل داخل قبة الصخرة المشرفة بغيرتصريح وعدم وجودرئيس سلطةالآثارالإسرائيلية،وكذلك إبعادمجموعةمن حراس وسدنة المسجد الأقصى المبارك، وموظف الإعلام في دائرة الأوقاف الإسلامية، وفي هجمة همجية لم تعرف منذ الاحتلال الإسرائيلي للقدس والأرض الفلسطينية عام 1967م، ومنع دائرة الأوقاف ودائرة الإعمار للمسجد الأقصى المبارك من القيام بأعمال الصيانة والترميم اللازم وعدم إدخال مستلزمات البناء والإعمار والترميم والصيانة إلا بتصريح وموافقة من سلطات الاحتلال وأطقمها المختلفة مثل الشرطة والبلدية والآثار من خلال شروط وأهداف تعجيزية تصب في خانة سلب الأوقاف والحكومة الأردنية من صلاحياتها وحقوقها في إدارة الأوقاف والمسجد الأقصى المبارك كظاهرة خطيرة لها ما بعدها، وإصرار سلطات الاحتلال على عدم فتح مطهرة باب الغوانمة وإصرارهم على إدخال السيارة الكهربائية التابعة للشرطة داخل المسجد الأقصى ومنع دروس ومساطب العلم والاعتكافات وملاحقة رواد وعمارالمسجد الأقصى وخاصة كبارالسن منهم والمرضى والعجزة لتفريغ المسجد من أهله وأصحابه، في الوقت الذي يصرون فيه على إدخال المستوطنين والأجانب وبأعداد كبيرة خاصة ممن لهم سوابق اقتحامية تلمودية واضحة وبحماية الشرطة والقوات».
الواضح تماما ان سلب الاردن لرعايته للاقصى بدأ يتسارع، يوما بعد يوم، وهذا يفرض هنا، وقفة مختلفة، اذ لايصح ان يتفرج الجميع على هذه الكارثة التي تحل بالحرم القدسي، فهي ستأخذنا نهاية المطاف الى تقاسم الحرم زمنيا ومكانيا، وهذا يفرض رفع يد الاردن كليا عن الحرم القدسي، توطئة لان يصبح الاشراف اسرائيليا وبشكل كامل، وليبقى السؤال عما سنفعله جميعا، امام هذه المأساة التي تتدرج فصولها.
maherabutair@gmail.com