jo24_banner
jo24_banner

أسئلة طابور الحائرين

فهمي هويدي
جو 24 : في أجواء الحيرة والبلبلة المخيمة على مصر يتراجع اليقين، وتتكاثر الأسئلة بقدر تكاثر الغيوم التي تتجمع في الأفق. إذ لا يكاد المرء يتعلق ببارقة أمل تلوح في الفضاء، حتى يفاجأ بما يعصف بذلك الأمل. ويستبدله بقائمة أخرى من الأسئلة تضيف صفحات جديدة إلى كتاب الحيرة. ذلك ما حدث معي يوم الأربعاء الماضي 5/12، حين وقعت في الصباح على بعض مؤشرات الانفراج، فكتبت ما كتبت محتفيا بما اعتبرته: ضوءا في النفق. إلا أن الأحداث تسارعت بعد الظهر وطوال الليل حين اشتبك المؤيدون والمعارضون حول مقر رئاسة الجمهورية (قصر الاتحادية) وسقط سبعة من القتلى ومئات الجرحى، الأمر الذي أطفأ جذوة الأمل التي تعلقت بها في الصباح، وأعاد النفق إلى ظلمته، وهو ما وضعني في موقف لا يحسد أحد عليه. ذلك أن البشارة التي حملتها إلى قارئي وظهرت صباح الخميس تبدد أثرها وكذبتها شاشات التليفزيون وهي تعرض آخر الأخبار، حتى بدا وكأنني فيما كتبت كنت أتحدث عن بلد آخر غير مصر.
حين تجمعت أمامي مجموعة من الأسئلة التي لم أجد لها جوابا عقب أحداث الأربعاء والتطورات التي أعقبتها يوم الخميس، فإنني لم أجد مفرا من تسجيلها، معترفا بأنني مثل كثيرين صرت أقف في طابور الحائرين. وهم الذين التبست عليهم أمور كثيرة ولم يجدوا تفسيرا لأمور أخرى، كما أنهم باتوا عاجزين عن تصديق الروايات المتداولة بخصوص بعض الوقائع التي يسمع عنها أو يقرأها.
من أسئلة ما جرى يوم الأربعاء ما يلي:
- لماذا وكيف دعا الإخوان أعضاء الجماعة إلى التوجه نحو قصر الاتحادية، مع علمهم بأن المعارضين معتصمون هناك؟ وهل يعقل أن يكون قد غاب عن أذهانهم أن هذا القرار الانفعالي سيؤدى إلى الاشتباك بين الطرفين؟ وإذا كان الإخوان والسلفيون قد قرروا عدم التظاهر في ميدان التحرير يوم السبت (الأول من ديسمبر) تجنبا للاشتباك مع المعارضين المعتصمين فيه، فلماذا غابت تلك الحكمة في تظاهرة الاتحادية؟
- بعد الذي جرى هناك أليس من حقنا أن نتشكك في كفاءة ورشد الذين اتخذوا ذلك القرار؟ وأليس من الواجب أن يحاسب هؤلاء سياسيا وتنظيميا على الأقل على الدماء التي أريقت جراء سوء تقديرهم وقصر نظرهم؟ وهل يعد القتلى في هذه الحالة من شهداء الثورة؟
- هل صحيح أن الإخوان قاموا بتعذيب واستنطاق الأشخاص الذين اشتبهوا فيهم وألقوا القبض عليهم كما قال بعضهم على شاشات التليفزيون؟ وهل لجأ المعارضون إلى الأسلوب ذاته؟
- ما هي هوية المسلحين الذين ظهروا في أوساط المتظاهرين؟ ومن أين حصلوا على الأسلحة؟ وهل صحيح أن التحقيق مع بعض المقبوض عليهم كشف عن مفاجآت في هذا الصدد من شأنها أن تسبب حرجا لبعض الأطراف من خارج القوى السياسية؟
- لماذا اختفى رجال الشرطة من المشهد، سواء فيما جرى حول قصر الاتحادية، أو ما جرى في بعض المحافظات الساحلية بالوجه البحري؟ وهل هذا الغياب ناتج عن قصور في إمكانيات أجهزة الشرطة أم أن له تفسيرا آخر يعبر عن موقف لبعض القيادات الأمنية؟
- ما مدى صحة ما يتردد عن التفكير في العودة إلى الاستعانة بالشرطة العسكرية والجيش في ضبط الأمن، لتعويض القصور في أداء أجهزة الشرطة؟
من أسئلة ما جرى يوم الخميس الذي خاطب فيه الرئيس مرسي الشعب المصري لأول مرة منذ إصدار الإعلان الدستوري في 28/11 (قبل تسعة أيام) ما يلي:
- حين أعلن الرئيس عن عدم تمسكه بالمادة السادسة من الإعلان الدستورى، التي تخوله سلطة أقرب إلى إعلان الطوارئ والأحكام العرفية، وحين أعاد القول بأنه أراد تحصين قراراته السيادية فقط، فهل يعني ذلك أنه بات مستعدا لأن يفتح باب التراجع عن بعض القرارات الأخرى التي أصدرها؟
- حين وجه الدعوة لمختلف القوى الوطنية للاجتماع معه ظهر اليوم، فهل الهدف من الاجتماع مناقشة كل الملفات المهمة العالقة، بما في ذلك مشروع الدستور وموعد الاستفتاء عليه، أم أنه أراد فقط أن يناقش خطوات ما بعد إعلان نتائج الاستفتاء سواء كانت بنعم أو لا؟ وإذا تمسك الرئيس بالخيار الثاني، فما جدوى الاجتماع إذن؟
- لماذا ركز الرئيس في خطابه على الذين تآمروا ضده، ولم يخاطب أغلبية المعارضين من العناصر الوطنية المخلصة للثورة والمدافعة عن الديمقراطية واستقلال القضاء؟ وهل صحيح أن قرينة التآمر التي أشار إليها وتمثلت في اجتماع تنسيقي عقد بمكتب أحد المحامين الذين سبق اتهامهم في موقعة الجمل، هذا الاجتماع ضم شخصية من بين أعضاء المحكمة الدستورية، وممثلين اثنين عن القضاة والمحامين وأحد المنسحبين من لجنة الدستور؟

- هل صحيح أن هناك أطرافا عربية ضالعة في التآمر الذي أشار إليه، وما حقيقة التحويلات المصرفية التي أرسلت من الخارج ورصدت أخيرا بعدما أثارت الانتباه؟ ومن هم المرسل إليهم في هذه الحالة، وهل أثبتت التحقيقات أن لهم علاقة بالمظاهرات التي خرجت؟
عندي سؤال أخير أوجهه للذين صاحوا منادين برحيل الرئيس وتحدثوا عن فقدانه لشرعيته هو: ما هو البديل؟ وهل يعقل أن تقوم الثورة في مصر لكي يتولى أمرهم في نهاية المطاف رموز تليفزيونية لا ظل لها على الأرض.
تحرر صبيحة الجمعة 7/12 قبل أن تطلع الشمس وتفاجئنا أحداث اليوم بوقائع جديدة وأسئلة جديدة.
(السبيل )
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير