نريد تحقيقاً نزيهاً
فهمي هويدي
جو 24 : لاأريد أن أصدق أن للإخوان يداً في جرائم التعذيب والقتل التي وقعت حول قصر الاتحادية في ذلك اليوم المشؤوم (الأربعاء 5/12) الذي اشتبك فيه مؤيدو الرئيس محمد مرسي ومعارضوه، ورغم أن أغلب وسائل الإعلام المصرية تصر على أن الإخوان هم الفاعلون. كما أن اللقطات المصورة التي تنقلها وسائل التواصل الاجتماعي تكاد تجمع على ذلك، فإننى أحسب أن أمرا جللا من ذلك القبيل ينبغي ألا يترك للادعاءات والظنون، وانما يجب ان يقطع فيه الشك باليقين. ولذلك اليقين مصدران رسميان؛ أولهما: تحقيقات النيابة، وثانيهما: تحريات أجهزة الأمن. ذلك اننا حتى الآن لم نتلق بيانا رسميا يحسم اللغط المثار حول ما جرى، وما يزال مصدرنا المتاح حتى الآن هو ما تناقلته وسائل الإعلام على ألسنة الشهود والضحايا.
ونحن نفكر في الموضوع ينبغي أن نضع في الاعتبار عدة أمور؛ هي:
* إن الشرطة غابت عن المشهد على نحو يثير الدهشة والتساؤل، ذلك أنه حين يكون هناك صدام متوقع بين المؤيدين والمعارضين حول قصر الاتحادية، فإن مسؤول الأمن يتعين عليه أن يتحرك؛ لتأمين قصر رئاسة الدولة من ناحية، ولكي يحول دون تصادم المتظاهرين من الجانبين من ناحية ثانية، وحين لا يحدث ذلك فإننا ينبغي أن نبحث عن تفسير مقنع للغياب.
* إن قرار قادة حزب الحرية والعدالة الذي دعا المؤيدين للتوجه إلى الاتحادية كان خطأ كبيرا؛ لأن من أصدره كان ينبغي أن يتوقع اشتباكا مع المعارضين، فضلا عن أنه وفر فرصة مواتية لتأجيج الصراع والايقاع بين الطرفين.
* إن المعارضين والمؤيدين كانوا سلميين في أغلب الوقت، طول النهار وحتى الثامنة مساء حسبما فهمت، ولكن بوادر الاشتباك لاحت بعد ذلك عندما أرخى الظلام سدوله، وبعد ذلك تحول التراشق بالكلمات إلى تراشق بالطوب، ثم بالخرطوش والأسلحة النارية والبيضاء.
* إن اجتماع الطرفين المشتبكين بهذه الصورة أمام الاتحادية كان كدعوة ضمنية للطرف الثالث الساعي إلى تعميق الوقيعة، وتأجيج الحريق لكي يتقدم ويحقق مراده. وليس سراً أن البلطجية الذين تحركهم وتمولهم أطراف مجهولة لنا على الأقل حتى الآن، يمثلون رأس حربة فيما نسميه الطرف الثالث. وإذا كان غياب الشرطة قد أثار بعض الأسئلة، فإن هذه الخلفية تثير أسئلة مضاعفة ليس فقط حول مصدر العنف، وإنما أيضا حول الأطراف التي تقف وراءه. وللأسف فإننا لم نتلق إجابة شافية عن أي منهما. فلا عرفنا لماذا لم تقم الشرطة بواجبها، ولا تيقنا من حقيقة الطرف الذي استخدم السلاح أو مارس التعذيب. حتى الشهادات والأخبار حملت الإخوان المسؤولية عن العنف الذي وقع، لم يتم التحقيق فيها، رغم أنها وفرت قرائن تثير الشبهات والشكوك. إلا أن الرواية الإخوانية تؤكد أنهم كانوا الطرف المجني عليه وليس الجاني، وتدلل على ذلك بأنه بين القتلى التسعة، ثمانية أشخاص من الإخوان، وأن 1230 شخصا من أعضائها أصيبوا في تلك المواجهة، منهم 633 أدخلوا إلى 19 مستشفى في القاهرة، وخرجوا تباعا خلال الأسبوع الماضي، ولم يبق منهم سوى 80 شخصا ما يزالون تحت العلاج. فضلا عن ان هناك آخرين أصيبوا وعولجوا خارج المستشفيات، أو أصيبوا ولم يبلغوا. في هذا السياق يضيف محامي الجماعة الأستاذ عبدالمنعم عبدالمقصود أنه إذا كان لدى الإخوان «ميليشيات» كما تروج وسائل الإعلام، وإذا كانوا قد ذهبوا إلى الاتحادية مسلحين حقا، هل كان يمكن أن يسقط منهم ذلك العدد من الشهداء والمصابين؟
استوقفني في أحاديث مصادر الجماعة أنهم يشيرون بأصابع الاتهام إلى دور لأسماء بذاتها من الفلول، وإلى بعض عناصر الأجهزة الأمنية، فيقولون مثلا إنهم أبلغوا بمعلومات عن سيارة «بى.إم.دبليو» فضية برقم تم التقاطه اشتركت في إطلاق الرصاص الحى على المتظاهرين حول الاتحادية مساء الأربعاء، كما أن رصاصا كان يطلق من بناية معينة في المنطقة تم رصدها. لكن تلك المعلومات أهملت، ولم يبذل جهد يذكر في تتبعها أو جمع أدلتها. يقولون أيضا إن الهجوم على مقر الجماعة في المقطم كان مرتبا، وانه استغرق عشر دقائق فقط تم خلالها استهداف أماكن معينة في المبنى ذات أهمية خاصة، كانت مرصودة سلفا. يضيفون إلى ذلك أنهم اتهموا أحد ضباط الأمن في مدينة نصر بتلفيق اتهامات كيدية ضد عناصرهم، واستخدم شهودا مزيفين لهذا الغرض...الخ.
إن أكثر ما يثير الدهشة أن بين أيدي الجميع كمّاً غير قليل من الصور وأشرطة الفيديو التي أظهرت بعض الجناة والمجني عليهم، ولم أفهم لماذا لا تجمع كل تلك الصور ويستدعى الأشخاص الذين ظهروا؛ للتحقيق معهم والتعرف على هويتهم الحقيقية. فإذا كانوا ينتمون إلى الإخوان، فيتعين اتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم. وعلى الجماعة أن تعتذر لنا علناً عما اقترفه أولئك الأعضاء من جرائم. وإذا لم يكونوا كذلك، فمن واجب جهات الاختصاص أن تحدد لنا من هم الجناة، وان تقتفي آثارهم حتى نعرف من وراءهم. أما حين يترك الأمر للتخمين والادعاء وإجراء المحاكمات على صفحات الصحف، وخلال البرامج التليفزيونية، فإن ذلك يصبح مصدرا إضافيا للبلبلة، فضلا عن أنه يغدو موقفا مشكوكا في براءته.
السبيل
ونحن نفكر في الموضوع ينبغي أن نضع في الاعتبار عدة أمور؛ هي:
* إن الشرطة غابت عن المشهد على نحو يثير الدهشة والتساؤل، ذلك أنه حين يكون هناك صدام متوقع بين المؤيدين والمعارضين حول قصر الاتحادية، فإن مسؤول الأمن يتعين عليه أن يتحرك؛ لتأمين قصر رئاسة الدولة من ناحية، ولكي يحول دون تصادم المتظاهرين من الجانبين من ناحية ثانية، وحين لا يحدث ذلك فإننا ينبغي أن نبحث عن تفسير مقنع للغياب.
* إن قرار قادة حزب الحرية والعدالة الذي دعا المؤيدين للتوجه إلى الاتحادية كان خطأ كبيرا؛ لأن من أصدره كان ينبغي أن يتوقع اشتباكا مع المعارضين، فضلا عن أنه وفر فرصة مواتية لتأجيج الصراع والايقاع بين الطرفين.
* إن المعارضين والمؤيدين كانوا سلميين في أغلب الوقت، طول النهار وحتى الثامنة مساء حسبما فهمت، ولكن بوادر الاشتباك لاحت بعد ذلك عندما أرخى الظلام سدوله، وبعد ذلك تحول التراشق بالكلمات إلى تراشق بالطوب، ثم بالخرطوش والأسلحة النارية والبيضاء.
* إن اجتماع الطرفين المشتبكين بهذه الصورة أمام الاتحادية كان كدعوة ضمنية للطرف الثالث الساعي إلى تعميق الوقيعة، وتأجيج الحريق لكي يتقدم ويحقق مراده. وليس سراً أن البلطجية الذين تحركهم وتمولهم أطراف مجهولة لنا على الأقل حتى الآن، يمثلون رأس حربة فيما نسميه الطرف الثالث. وإذا كان غياب الشرطة قد أثار بعض الأسئلة، فإن هذه الخلفية تثير أسئلة مضاعفة ليس فقط حول مصدر العنف، وإنما أيضا حول الأطراف التي تقف وراءه. وللأسف فإننا لم نتلق إجابة شافية عن أي منهما. فلا عرفنا لماذا لم تقم الشرطة بواجبها، ولا تيقنا من حقيقة الطرف الذي استخدم السلاح أو مارس التعذيب. حتى الشهادات والأخبار حملت الإخوان المسؤولية عن العنف الذي وقع، لم يتم التحقيق فيها، رغم أنها وفرت قرائن تثير الشبهات والشكوك. إلا أن الرواية الإخوانية تؤكد أنهم كانوا الطرف المجني عليه وليس الجاني، وتدلل على ذلك بأنه بين القتلى التسعة، ثمانية أشخاص من الإخوان، وأن 1230 شخصا من أعضائها أصيبوا في تلك المواجهة، منهم 633 أدخلوا إلى 19 مستشفى في القاهرة، وخرجوا تباعا خلال الأسبوع الماضي، ولم يبق منهم سوى 80 شخصا ما يزالون تحت العلاج. فضلا عن ان هناك آخرين أصيبوا وعولجوا خارج المستشفيات، أو أصيبوا ولم يبلغوا. في هذا السياق يضيف محامي الجماعة الأستاذ عبدالمنعم عبدالمقصود أنه إذا كان لدى الإخوان «ميليشيات» كما تروج وسائل الإعلام، وإذا كانوا قد ذهبوا إلى الاتحادية مسلحين حقا، هل كان يمكن أن يسقط منهم ذلك العدد من الشهداء والمصابين؟
استوقفني في أحاديث مصادر الجماعة أنهم يشيرون بأصابع الاتهام إلى دور لأسماء بذاتها من الفلول، وإلى بعض عناصر الأجهزة الأمنية، فيقولون مثلا إنهم أبلغوا بمعلومات عن سيارة «بى.إم.دبليو» فضية برقم تم التقاطه اشتركت في إطلاق الرصاص الحى على المتظاهرين حول الاتحادية مساء الأربعاء، كما أن رصاصا كان يطلق من بناية معينة في المنطقة تم رصدها. لكن تلك المعلومات أهملت، ولم يبذل جهد يذكر في تتبعها أو جمع أدلتها. يقولون أيضا إن الهجوم على مقر الجماعة في المقطم كان مرتبا، وانه استغرق عشر دقائق فقط تم خلالها استهداف أماكن معينة في المبنى ذات أهمية خاصة، كانت مرصودة سلفا. يضيفون إلى ذلك أنهم اتهموا أحد ضباط الأمن في مدينة نصر بتلفيق اتهامات كيدية ضد عناصرهم، واستخدم شهودا مزيفين لهذا الغرض...الخ.
إن أكثر ما يثير الدهشة أن بين أيدي الجميع كمّاً غير قليل من الصور وأشرطة الفيديو التي أظهرت بعض الجناة والمجني عليهم، ولم أفهم لماذا لا تجمع كل تلك الصور ويستدعى الأشخاص الذين ظهروا؛ للتحقيق معهم والتعرف على هويتهم الحقيقية. فإذا كانوا ينتمون إلى الإخوان، فيتعين اتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم. وعلى الجماعة أن تعتذر لنا علناً عما اقترفه أولئك الأعضاء من جرائم. وإذا لم يكونوا كذلك، فمن واجب جهات الاختصاص أن تحدد لنا من هم الجناة، وان تقتفي آثارهم حتى نعرف من وراءهم. أما حين يترك الأمر للتخمين والادعاء وإجراء المحاكمات على صفحات الصحف، وخلال البرامج التليفزيونية، فإن ذلك يصبح مصدرا إضافيا للبلبلة، فضلا عن أنه يغدو موقفا مشكوكا في براءته.
السبيل