هل ما زال شارب الرجل يجذبكِ؟!
عند المرأة العربية، لم يكن صاحب الشارب الكثيف والمفتول إلا الرجل كامل الأوصاف ومكتمل الرجولة، التي وإن تغزّلت به فليس له بالتحديد، إنّما لشاربه المنمّق الذي جذبها وسحَرها.
لهذا السبب، عندما كان الرجل يطيل شاربه في الماضي، إنّما كان كناية عن مكانته وقيمته الإجتماعية ومقياساً لرجولته، وبخلاف ذلك إذا أراد أحد إحراجه أو إهانته، فما عليه إلا أن يسبّ شاربه، وفي حال أراد منه أن يتعهّد أو يقسم له بعمل ما، كان يطلب منه القسَم على شاربه، فإن لم يف بوعده أو حلّ المشكلة، يعمل على حلقه، نظراً لارتباط شاربه برجولته.
ولم تكن عبارة "امسك شواربك" إلا ميثاق شرف وعُرفاً يطلقه صاحب أحد الرهانات معه، كي يتأكّد من عدم إخلال صاحب الشوارب بتحقيقه أو عدم الوفاء به، لأنّه إن لم يفعل فكأنّما نزل عليه وبال من الاحتقار والازدراء، لأنّه خالف الأعراف الاجتماعية.
يرى اختصاصيون نفسيّون، أنّ إطلاق الشوارب في السابق كانت موروثاً اجتماعياً شعبياً، وله رمزية وقدسية وقيمة خاصة عند الكثير من الشعوب العربية، إلا أنّها اختلفت في الوقت الحالي، حيث لم تعُد الفتاة تلتفت إلا للمظاهر التي يمتلكها كسيارته أو منزله ووظيفته وراتبه، بالمقابل، لم يعد الكثير من الرجال يفضلون الاعتناء بشاربهم، وقد يزيلونه أو يهذّبونه.
كما أكّدت إحدى الدراسات أنّ شارب الرجل الذي يمثل رمزاً لرجولته ومصدراً لجاذبيته، هو من أكثر العلامات التي تجذب النساء تجاه الرجل، حيث يبدينَ استعدادهنّ للإنخراط في علاقة عاطفية طويلة الأمد مع الرجال ذوي الشوارب، مقارنة بالرجال من دون شارب.
واتضح من خلال عينة عشوائية أجريت على نساء مشاركات في الدراسة، أن انجذابهنّ تجاه الرجل ذي الشوارب كان أكبر لاعتبارهنّ أنّ الشاب ذا الشوارب يمتلك الهيبة وقوة الشخصية.
كما تبيّن أيضاً أنّ أكثر السيدات يفضلنَ الرجل ذا الشارب الممتلئ، الذي يجعل منه رجلاً يتسم بالوقار والتسلّط والقوة، وهذا النوع يفضّلنَه عن غيره من الرجال.
الشارب في الزمن الماضي
في الزمن الماضي، كانوا يقولون عن صاحب الشارب الذي يلمع، إنّه في خير ويأكل لحماً، ومنهــم من كان يعتبــر محارمــه وقريباتـه بمثابـة الشَّعــر في الشارب كنايـة عن الاهتمام بحمايتها، وهي بالمقابل كانت تعجب بشواربه العريضة.
ولا تزال بعض البلاد تولي اهتماماً كبيراً بالشارب وبطرق تربيته، لأنّه رمز للرجولة، فعلى سبيل المثال، في العام 2009، ووفقاً للإحصائيات التي صدرت في الولايات المتحدة الأميركية بأنّه يوجد أكثر من 10 ملايين شخص يهتمون بشاربهم، وبهذا حصلت على الميدالية الذهبية لمسابقة أفضل الشوارب واللّحى التي نظمت في "ألاسكا" من ذلك العام.
وكذلك الأمر في تركيا، فقد شهدت في السنوات الأخيرة بعض التحولات بالنسبة لمظهر الذكور، فكانوا يميلون إلى حلق شارب الوجه ليتماشوا أكثر مع النسق الأوروبي، لكن رغم ذلك هناك من الشباب من لا يزال يفتخر بإرث الحضارة العثمانية التي كانت تعتبره علامة من علامات الرجولة والفحولة.
في الحقيقة، هناك عدة أنواع للشوارب منها: الكثيف، والخفيف، والطــويل، والقصير، وهناك المعكــوف الذي يعد الأشهر عند أهل البـادية. ولكن يبقى السؤال المطروح، هل ما زال الشارب في الوقت الحاضر يتمتع بالأهمية ذاتها التي كان يتمتع بها في الزمن الماضي؟
(فوشيا)