jo24_banner
jo24_banner

تأشيرة سفر

ماهر أبو طير
جو 24 : كثير من الاردنيين يرغبون بالهجرة،الى امريكا واوروبا واستراليا وكندا،من اجل لقمة العيش،وطوابير الواقفين على ابواب السفارات لا تعد ولا تحصى،بما في ذلك سفارات دول الخليج العربي،وحلم الواحد يتمحور حول تأشيرة سفر.

الاعلانات في الصحف أذكت الرغبة بالهجرة،فأنت تطالع دعوات للهجرة الى كندا واستراليا،وهناك مكاتب تقدم خدمات الترجمة،وتعبئة طلبات التأشيرات،وفي حالات تساعد مقابل مبالغ مالية،في إيصالك لدوائر الهجرة كليا في هذا البلد او ذاك.

هناك دول عربية ذكية تعرف ان كثرة من العرب تريد ان تصل اليها،بما في ذلك الاردني،فقامت بتسهيل الحصول على تأشيرة سفر لاجل السياحة والزيارة،والشاب يأخذ التأشيرة ويسافر فعليا من اجل البحث عن وظيفة.

في اغلب الحالات يستدين الفا والفين وثلاثة ينفقها في البلد ذاته الذي يتسم بارتفاع اسعاره،ويعود دون وظيفة،لان العربي من مصر وسورية سبقاه بأجر اقل،ولان الأسيوي لم يترك لأحد فرصة للعمل.

لا تسيطر الرغبة بالهجرة على الناس هكذا الا جراء الظروف الاقتصادية الصعبة والشعور بالاختناق الاجتماعي والمالي،واعداد الاردنيين في المغتربات بازدياد،واغلبهم لم يعد يوفر قرشاً ولا دولاراً،وبات لدينا اليوم المغترب الذي يتدبر نفقاته فقط.

الاف طلبات التأشيرات اسبوعيا يتم رفضها،لأن الشروط غير مكتملة،ولأن دول العالم تفيض بمن فيها،وبرغم ذلك يسعى الانسان من سفارة الى سفارة لعل أحد يختم جوازه بتأشيرة النجاة فيغادر متألما.

الغربة قاسية،غير ان لا خيارات امام الناس،مئات الاف العاطلين عن العمل،ومقابلهم مئات الالاف يشتغلون بوظائف لا تكفيهم لمصاريفهم النثرية من مواصلات وموبايلات وتدخين ووجبة خفيفة خلال النهار،وهكذا يصبح حال العامل والعاطل عن العمل حال واحد.

اكثر شعب في العالم العربي لديه ثقافة تفصيلية عن احوال المغتربات،هو شعبنا،واذ تجلس مع اي واحد تجد لديه سيلا من المعلومات حول متطلبات الهجرة الى الخارج،والفرق بين مكان واخر،واين يمكن العمل،واين يجب الزواج،الى آخر هذه التفاصيل؟!.

المفارقة ان الانسان هنا يرغب بتأشيرة سفر من اجل الهروب والهجرة،ومقابل ذلك يبكي المغترب في غربته التي يعدها قهرا وجبرا،ويتمنى لو يعود الى بلده ليعيش بين الناس،لكن دموعه سرعان ما تتبخر حين يسمع من اهله عن الغلاء والاسعار،فيبقى في غربته اسيرا لقسوتها،دون خيارات اخرى.

الاردنيون تجدهم اليوم في كل دول العالم،من استراليا الى امريكا وكندا واوروبا،ودول الخليج العربي،وبعد ان كانت هجرة الاردني الى الخارج،استثنائية،فلم يعد غريبا اليوم ان تجدهم في كل مكان،اذ ان ضيق العيش لم يترك أحدا من شره.

يبقى السؤال...ماهي كلفة الخسارة في هجرة كل هذه الاعداد،بعد ان تم الانفاق عليها،والاستثمار فيها؟!.العرب اليوم
تابعو الأردن 24 على google news