رونالدو من ريال مدريد إلى يوفنتوس.. صفقة رابحة للجميع
جو 24 :
بدأت بعض الفرق الأوروبية الكبرى في الأسبوع الماضي، الاتصال بفريق عملكريستيانو رونالدو، متسائلين إذا ما كان الأمر حقيقياً وأكثر من مجرد خدعة: هل يفكر رونالدو فعلاً في الرحيل عنريال مدريد؟
أُخبروا جميعاً أنَّ الأمر حقيقي فعلاً، ولكن المفاوضات قد تقدمت إلى حدٍّ بعيد معيوفنتوس. فلم يكن ليذهب لأي مكانٍ آخر، ليس لمانشستر يونايتد، ولا لباريس سان جيرمان. يوفنتوس كان قد حسم الأمر.
لذا، في يوم الثلاثاء 11 يوليو/تموز، فور وصول كأس العالم إلى أدوارها النهائية التي تحصل على قدرٍ مبالغ فيه من الدعاية،تأكَّد خبر أحد أكثر الانتقالات حساسيةً وإثارة.
سيغادر أحد أعظم لاعبي ريال مدريد على الإطلاق إلى نادٍ أوروبي كبير آخر.
كان خبراً صادماً للكثيرين، لكنَّه قد يكون أيضاً واحداً من هذه الانتقالات التي تبدو منطقيةً للجميع؛ إذ كشف رونالدو أنَّه دفع ناديه لإتمام الخطوة، ولهذا كان ريال مدريد مستعداً لتركه يرحل مقابل «مجرد» 100 مليون يورو (117 مليون دولار تقريباً)، وهو ما زال رقماً زهيداً إذا ما قورن بالشرط الجزائي السابق في العقد والذي كان يقدر بمليار يورو (117 مليار دولار تقريباً).
تجادل صحيفة The Independent البريطانية أن منطق اليوفنتوس في هذه الصفقة واضح للغاية، يريدون الحصول على لاعب يضمن لهم الأهداف التي يمكن أن تجلب لهم دوري الأبطال في النهاية، ولهذا وقعوا مع أعظم هداف في دوري الأبطال، وأحد أكثر اللاعبين الفائزين بالبطولة الأوروبية الأغلى بمجموع خمس ميداليات. فهم يحاولون استكمال ما لم يقدر كل من باولو ديبالا وغونزالو هيغواين على فعله حتى الآن.
هناك أيضاً قيمة رمزيةٌ لهذه الصفقة، كقيمتها المالية والفنية؛ إذ يُبرز يوفنتوس من خلالها مكانته كنادٍ كبير، ويوضح أنَّ عصره لن ينقضي باستعداد جيلٍ من اللاعبين للرحيل. فبهذه الصفقة يصبح هو أول فريق إيطالي يوقع مع أحد حاملي الكرة الذهبية منذ البرازيلي رونالدو في 1997. وبينما توجد تعقيدات واضحة وكثيرة جداً قبل أن يمكننا القول إنَّ الكرة الإيطالية قد عادت للساحة من جديد، خاصةً أنَّ رونالدو يجب أن يضمن لهم بقاء لقب الدوري الإيطالي في مدينة تورينو، لكنَّها، وبكل تأكيد، خطوة للأمام.
رونالدو نفسه في حالةٍ جسدية جيدة بما يكفي ليستمر في تسجيل الأهداف. لا يجب القلق حيال هذا. ربما لا يظهر في نفس المراكز التي اعتدنا رؤيته فيها في الملعب، على الرغم من أنَّ هذا بدأ يحدث بالفعل منذ فترةٍ من الزمن، لكنَّه لم يُظهر أي علامات على تراجع معدله في تسجيل الأهداف.
لكن لنفس هذا السبب يبدو الانتقال منطقياً بالنسبة لريال مدريد أيضاً، حتى وإن كان النادي قد خسر مصدراً كبيراً للتهديف. فرغم براعة رونالدو كلاعب طوال السنوات الماضية، تطلبت قدراته الحالية أن يلعب الفريق بأسلوبٍ معين. وبدأ هذا الأسلوب يصبح متوقعاً بطريقةٍ ما، حتى إذا كانت إحدى مشاكل مواجهة رونالدو أنَّك تعرف ماذا سيفعل، لكنَّك لا تستطيع إيقافه. ومع تقدم لاعبين رئيسيين في السن مثل لوكا مودريتش الذي جاوز الثلاثين أيضاً، كان هذا هو الوقت المناسب للبدء في تغيير جلد الفريق، وإعادة النظر في احتياجات الفريق.
تجنب ريال مدريد ورونالدو هذا الموقف المربك الذي كان من الممكن أن يتعرض له إذا ما ظل باقياً بينما يأتي النادي بنجومٍ جدد، وتجنبوا أيضاً المشهد المحزن لعدم وجوده في النادي في لحظات مجده.
سوف يحاول النادي الآن التعاقد مع لاعبين نجوم آخرين، مثل نيمار أوكيليان مبابي، أو آخرين قد يفكر بهم ريال مدريد في الوقت الحالي مثلإدين هازارد، وهاري كين، أو محمد صلاح.
وأياً كان من سيوقع معه النادي الملكيّ، فسيتم تغيير شكل الفريق، وطريقة لعبه. ومن المستبعد تماماً أن يحقق مجداً مع ريال مدريد يقترب مما حققه رونالدو.
فهو الهداف الأعظم في تاريخ الملكي الإسباني، وعلى الأرجح ثاني أفضل لاعب في تاريخه، إن لم يكن الأفضل. ولا يجب النظر للجملة الأخيرة على أنَّها ثناءٌ فاتر، بل على العكس. فتاريخ ريال مدريد في العقود الأخيرة تشكلَّ رغم كل شيء على يد أسطورة تسمى ألفريدو دي ستيفانو.
قبل التوقيع مع الأرجنتيني عام 1953، لم يكن ريال مدريد قد ربح أي لقب إسباني منذ 20 عاماً، ولم يفز سوى مرتين بكأس أسبانيا. وبعدها مباشرةً، انطلق النادي في أكبر موجة من الإنجازات الفريدة شهدتها القارة، بالفوز خمس مرات بكأس أوروبا على التوالي، وترسيخ هوية النادي باعتباره النادي الأنجح في التاريخ.
كانت فترةً لم يضاهها أحد، حتى النصف الأخير من العقد الحالي. يكمن تراث رونالدو في أنَّه كان اللاعب الأعظم، والشخصية الرئيسية في ثاني أعظم فترة من النجاح الأوروبي، وأعظم فترة في نجاحات دوري الأبطال الحديث: أربع بطولات في خمس سنوات، وتحقيق المعيار الذهبي بالفوز بالبطولة ثلاث مرات على التوالي.
المشكلة الوحيدة وسط كل هذا أنَّ رونالدو فاز ببطولتين فقط من الدوري الإسباني، لكنَّ هذا يرجع لشيءٍ آخر يبرز عظمته بحق: تنافسه الفخم مع ليونيل ميسي. فاز ملك برشلونة بألقابٍ أكثر في الدوري، لكنَّ البرتغالي جاراه في ألقاب دوري الأبطال والكرات الذهبية بالتأكيد.
هذا التنافس هو شيءٌ آخر خسره عالم كرة القدم، لكنَّ رونالدو يريد أن يكسب معارك أخرى، وألقاباً أخرى: دورياً آخر في بلدٍ مختلف، وربما دوري أبطال أوروبا مع فريقٍ مختلف.
خسر ريال مدريد لاعباً نقل النادي ونفسه إلى مكانةٍ أُخرى، لكنه انتقال سيفوز فيه الجميع على المدى البعيد.