الأردن يختبر سيناريو درعا
فهد الخيطان
جو 24 : قبل نهاية العام الماضي بقليل، دعا الملك عبدالله الثاني المسؤولين الحكوميين والأمنيين، على مختلف المستويات، للاستعداد لعام جديد من الصراع الدموي في سورية، والتهيؤ للتعامل مع كل التداعيات المحتملة للأزمة. لكن، لم يكن لأحد من المسؤولين أن يتوقع وصول عدد اللاجئين السوريين في الأردن إلى ما وصل إليه اليوم؛ نصف مليون تقريبا، ومخيم يتحول إلى خامس أكبر تجمع سكاني على مستوى المملكة.
في هذا الوقت، لا يملك أصحاب القرار من خيار سوى فتح المزيد من المخيمات لإيواء الأعداد المتزايدة من اللاجئين. ولاعتبارات إنسانية وقانونية، لا يستطيع الأردن إغلاق حدوده في وجه بشر عزّل يعانون من الجوع والمرض، ويلاحقهم رصاص الشبيحة إلى آخر نقطة حدودية. رغم ذلك، لا يجد المسؤولون مفرا من مراجعة الملف، والبحث في البدائل الممكنة لسياسة الحدود المفتوحة، بما يخفف الضغوط على الأردن، ويضمن في الوقت نفسه الحماية والرعاية للاجئين. لم يكن للوضع في سورية أن يصل إلى النقطة الحرجة التي وصل إليها لولا حالة الجمود في الموقفين الإقليمي والدولي، والسباق المحموم بين القوى الخارجية للوصول إلى دمشق.
وفي الآونة الأخيرة، شعر الأردن أن دول الجوار السوري هي من يدفع الثمن لحالة الجمود المميتة، بعد الشعب السوري طبعا. ولذلك، تحرك الملك بحثا عن مسارات جديدة لاستثمار فرصة لاحت في الأفق للحل السياسي، بعد مبادرة القيادي في المعارضة السورية أحمد معاذ الخطيب. وخلال زيارته لموسكو وأنقرة، واجتماعاته مع عديد الدبلوماسيين والمسؤولين الغربيين، حاول الملك التجسير بين المواقف الأميركية والروسية والسعودية المتباعدة. وما حفز على بذل هذا الجهد، ما لمسه مسؤولون من قلق تركي متنام من تحول سورية الموحدة إلى "كانتونات" طائفية وإثنية متصارعة، وتداعيات مثل هذا السيناريو المرعب على أمن تركيا ومصالحها الحيوية.
بيد أن فرص الحل السياسي وانتقال السلطة في سورية، تبدو بعيدة المنال في ضوء مواقف الدول الكبرى، وإصرار الأطراف المتصارعة على الحسم العسكري.
المسؤولون الأردنيون هم أيضا أكثر تشاؤما حيال فرص الحل السياسي من أي وقت مضى. وكلما طال أمد الأزمة، سيتجه السوريون إلى التطرف أكثر فأكثر، وهو ما توظفه جبهة النصرة لمصلحتها على خير وجه. وعلى الجانب الآخر من الصراع، يتتبع الأردن تحركات النظام السوري على الأرض؛ فيما إذا كان ينوي القيام بخطوات عملية لتأسيس كيان طائفي مستقل على جزء من الأراضي السورية، في حال خسر دمشق التي بدأت قوى المعارضة تقضم أطرافها، وتضرب مركزها كل يوم.
إزاء وضع كهذا، هل يحتمل الأردن جارا مفككا ومثقلا بالمتاعب الأمنية؟
ليس بيد الأردن خيارات كثيرة لتدارك الانهيار، لكن بوسعه أن يبعد خطوط النار عن حدوده. لهذا السبب، ربما تتركز الأنظار على درعا وما حولها لتكون ميدانا لاختبار البدائل الممكنة لاحتواء الصراع وتداعياته. بدائل يتجنب المسؤولون الخوض فيها، لكن يمكن رصدها في تقارير الصحافة الغربية، وفي التطورات الميدانية جنوب سورية حيث يشتد عود المقاتلين "الجيدين"، وتتعاظم قدراتهم التسليحية.
(الغد)
في هذا الوقت، لا يملك أصحاب القرار من خيار سوى فتح المزيد من المخيمات لإيواء الأعداد المتزايدة من اللاجئين. ولاعتبارات إنسانية وقانونية، لا يستطيع الأردن إغلاق حدوده في وجه بشر عزّل يعانون من الجوع والمرض، ويلاحقهم رصاص الشبيحة إلى آخر نقطة حدودية. رغم ذلك، لا يجد المسؤولون مفرا من مراجعة الملف، والبحث في البدائل الممكنة لسياسة الحدود المفتوحة، بما يخفف الضغوط على الأردن، ويضمن في الوقت نفسه الحماية والرعاية للاجئين. لم يكن للوضع في سورية أن يصل إلى النقطة الحرجة التي وصل إليها لولا حالة الجمود في الموقفين الإقليمي والدولي، والسباق المحموم بين القوى الخارجية للوصول إلى دمشق.
وفي الآونة الأخيرة، شعر الأردن أن دول الجوار السوري هي من يدفع الثمن لحالة الجمود المميتة، بعد الشعب السوري طبعا. ولذلك، تحرك الملك بحثا عن مسارات جديدة لاستثمار فرصة لاحت في الأفق للحل السياسي، بعد مبادرة القيادي في المعارضة السورية أحمد معاذ الخطيب. وخلال زيارته لموسكو وأنقرة، واجتماعاته مع عديد الدبلوماسيين والمسؤولين الغربيين، حاول الملك التجسير بين المواقف الأميركية والروسية والسعودية المتباعدة. وما حفز على بذل هذا الجهد، ما لمسه مسؤولون من قلق تركي متنام من تحول سورية الموحدة إلى "كانتونات" طائفية وإثنية متصارعة، وتداعيات مثل هذا السيناريو المرعب على أمن تركيا ومصالحها الحيوية.
بيد أن فرص الحل السياسي وانتقال السلطة في سورية، تبدو بعيدة المنال في ضوء مواقف الدول الكبرى، وإصرار الأطراف المتصارعة على الحسم العسكري.
المسؤولون الأردنيون هم أيضا أكثر تشاؤما حيال فرص الحل السياسي من أي وقت مضى. وكلما طال أمد الأزمة، سيتجه السوريون إلى التطرف أكثر فأكثر، وهو ما توظفه جبهة النصرة لمصلحتها على خير وجه. وعلى الجانب الآخر من الصراع، يتتبع الأردن تحركات النظام السوري على الأرض؛ فيما إذا كان ينوي القيام بخطوات عملية لتأسيس كيان طائفي مستقل على جزء من الأراضي السورية، في حال خسر دمشق التي بدأت قوى المعارضة تقضم أطرافها، وتضرب مركزها كل يوم.
إزاء وضع كهذا، هل يحتمل الأردن جارا مفككا ومثقلا بالمتاعب الأمنية؟
ليس بيد الأردن خيارات كثيرة لتدارك الانهيار، لكن بوسعه أن يبعد خطوط النار عن حدوده. لهذا السبب، ربما تتركز الأنظار على درعا وما حولها لتكون ميدانا لاختبار البدائل الممكنة لاحتواء الصراع وتداعياته. بدائل يتجنب المسؤولون الخوض فيها، لكن يمكن رصدها في تقارير الصحافة الغربية، وفي التطورات الميدانية جنوب سورية حيث يشتد عود المقاتلين "الجيدين"، وتتعاظم قدراتهم التسليحية.
(الغد)