بماذا تنشغل بعض سفاراتنا عن خدمة الأردنيين في الخارج؟!
سلامة العكور
جو 24 :
ما يقال عن عدم تعاون القنصلية الاردنية "الفخرية" الجديدة في اسطنبول والسفارة الاردنية في أنقرة مع المواطنين الاردنيين ومع الطلبة الذين يتلقون علومهم في الجامعات التركية "في اسطنبول وأنقرة وإزمير" ليس بالأمر الجديد أو المفاجئ.. فهي هكذا منذ عشرات السنين.. وكون القنصلية في اسطنبول فخرية فهذا لا يعني أن لا يكون فيها موظف أو أكثر يتكلمون اللغة العربية لاستقبال المراجعين الأردنيين وتفهم قضاياهم أو حتى معاناتهم هناك..
أما السفارة الأردنية في العاصمة أنقرة فإن لها في الستينيات من القرن الماضي وفي بعض سنوات أخرى تاريخا سلبيا غير محمود ..ففي الستينيات من القرن الماضي مثلا كانت البلاد تخلو من الجامعات وكانت الجامعات التركية تستقبل المئات من الطلبة الاردنيين وكنت واحدا منهم ..وكان الطلبة الاردنيون شديدي التذمر من تعامل موظفي السفارة معهم ..ومن عدم اهتمامها بما كانوا يعانونه من مشكلات تواجههم في بلاد الإغتراب ..علما بأن الطلبة الأردنيين كانوا يضطلعون بدور بارز من بين مئات الطلبة العرب في ممارسة نشاطات الدعاية لبلدهم وبخاصة في المجال السياحي .. وان لهم دورا بارزا أيضا ومشهودا له في التصدي لنشاط الحركة الصهيونية هناك ..وكانت معظم السفارات والقنصليات العربية تقدم الدعم المعنوي والمادي لنشاطات روابط الطلبة العرب في اسطنبول وأنقرة بشكل خاص ..وعلى سبيل المثال لا الحصر كان المرحوم المهندس عطية بني هاني والمرحوم الأستاذ زياد أبو غنيمة ومعالي الدكتور ممدوح العبادي وكاتب هذه السطور في اسطنبول والدكتور سالم بطرس والمهندس وهيب حسين في أنقرة والدكتور خالد القيسي من العراق الشقيق من أبرز الناشطين في خدمة القضية الفلسطينية والقضايا العربية الأخرى ..وكذلك في التصدي لنشاط الصهاينة وأنصارهم هناك ..وكانت الأحداث في المنطقة العربية وهي أحداث ساخنة آنذاك تنعكس بتداعياتها وظلالها على حياة الطلبة هناك ..وقد أحدثت حرب 5 حزيران 1967م والهزيمة التي منيت بها أمتنا العربية زلزالا خطيرا في نفوس ومعنويات الطلبة العرب ..حيث صعدوا نشاطاتهم في مواجهة نشاطات الحركة الصهيونية ..ما أسفر عن استشهاد الطالب خالد السمان بسبب نشاطه البارز على هذا الصعيد ..وفي أعقاب تظاهرة حاشدة للطلبة العرب في اسطنبول ضد العدوان الاسرائيلي على أمتنا شارك فيها اتحاد الطلبة الأتراك واتحاد العمال واتحاد المرأة وجميع النقابات المهنية اتخذت الحكومة التركية قرارا بإبعاد عدد من الطلبة الاردنيين ..وكان كاتب هذه السطور واحدا منهم ..وقد حرم هؤلاء الناشطين من استكمال دراستهم الجامعية "إلا من رحم ربي"..وكان معظمهم في السنة الدراسية الأخيرة ..كل ذلك وكانت السفارة الاردنية في أنقرة في شبه غياب أوتغييب عما كان يجري هناك ..حيث لم تتدخل السفارة لثني الحكومة التركية عن قرارها التعسفي الجائر ..أما كاتب هذه السطور فقد تعرض لمعاناة معنوية وصحية ونفسية ..ولولا الأديب المشهور الشهيد غسان كنفاني رحمه الله الذي كان يعمل في صحيفة المحرراللبنانية وله عمود في مجلة الحرية أيضا لكانت معاناته مضاعفة ..حيث عمل على تدريبه محررا صحفيا وأدخل في نفسه شغفا جارفا للعمل في الصحافة ..فاستبدل مهنة الهندسة الكيميائية بمهنة الصحافة ..ويحزنني أنني سمعت لماما ولا أزال عن تقصير سفارتنا في أنقرة في التعامل مع الطلبة الاردنيين ومع المواطنين الوافدين إلى تركيا من أجل السياحة أو التجارة ..
والسؤال الذي يضطر المرء لطرحه هو : ما الذي يشغل سفارتنا عن واجبها في خدمة المواطنين الاردنيين ؟!..