jo24_banner
jo24_banner

العراقيون اهلنا

حلمي الأسمر
جو 24 :

في العرف الدولي، حينما يعتدي ممثلو دولة رسميون، وأثناء مهمة رسمية، تنشأ أزمة كبرى، لا تحسمها اعتذارات سرية، عبر اتصالات هاتفية بين وزيرين، ولا حتى بيانات، أو تسريبات، والكثير من تلك الحوادث المشابهة، كانت سببا للحروب، وتحريك الجيوش في التاريخ البشري!

لا أحد يطلب إشعال حرب بين الأردن والعراق على خلفية الاعتداء المهين، من قبل موظفين رسميين في السفارة العراقية، على مواطنين أردنيين، فمن اعتدى لم يعتد باسم أهلنا العراقيين،رغم أنه كان في مهمة رسمية، وأمعن في إهانة من اعتدى عليه بحقد ووضاعة تستفز الدم في العروق!

ما يستفز أكثر في المشهد كله، ما تلا حادث الاعتداء الوضيع، من تسريبات تناقض ما أعلن من موقف رسمي عراقي، على لسان وزير خارجيتنا، وتلك مفارقة غريبة، فالأحرى بهم هم أن يعلنوا عن موقفهم، لا نحن، إن كانوا صادقين، ما علينا، ولا نريد أن نتوقف كثيرا أمام تلك المفارقة، ما يعنينا أكثر هنا تلك التسريبات التي نقلها موقع «شبكة البصرة» نقلاً عن تسريبات وصلت له عن قيام رئيس الوزراء العراقي نور المالكي بتكريم الوفد الذي قام بالاعتداء على الأردنيين يوم الخميس الماضي، وبحسب الموقع، جاء ذلك خلال اتصال هاتفي بين وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري والمالكي، لمناقشة ما حدث في عمان، ونقلاً عن الموقع، قال المالكي اثناء حديث بالتلفون لزيباري: «امنح لكل منهم قدم سنة مع مكافأة قدرها 5 آلاف دولار واذا ضغط الاردن فسننقلهم الى بلد من الدرجة الاولى وانت (قشمر) وزير الخارجية الأردنية باعتذار شفهي لا غير» وأضاف المالكي بحسب «شبكة البصرة» بالقول انه اتصل هاتفيا بالسفير في عمان وشكره على شجاعته وتكلم مع كل أعضاء السفارة الذين شاركوا في الضرب واحدا بعد الآخر وطمأنهم وأكد لهم انه سيكافئهم!

بصراحة، ليس لدينا أي وسيلة للتأكد من صدقية ما نشره موقع البصرة، ولكننا بصراحة ايضا، لا نستغربه ولا نستبعده، فمن يفتح النار على مواطنيه، ويُعدم أبناء شعبه بالمئات، ويعتقل الآلاف، بدون محاكمات عادلة، تتفق والمعايير الدولية، لا يستبعد أن يقول أكثر مما رُوي عنه، بخاصة أن «النفَس» الطائفي البغيض هو الذي يضبط إيقاع السياسة العراقية الآن، وآلاف الصفحات لا تكفي هنا لرواية كل ما يفعله المالكي وطواقمه الطائفية، ضد أبناء السنة في العراق، وحتى ضد أبناء الشيعة ممن يعارضون نهجه، وما تلك الانتفاضات المتتالية التي يشهدها العراق إلا الشاهد الأكبر على مدى المظالم التي يرتكبها نظام المالكي!

رحم الله صدام حسين، رحمة واسعة، فرغم كل ما ارتكب من أخطاء جسيمة، وبعضها لا يغتفر أبدا، لكننا – وفي معرض المقارنة – نشعر بالأسى العميق حينما نرى من الذي يجلس على كرسيه، من أصحاب الأحقاد السوداء، ومن عجب هنا، أن من يحيي ذكرى ما يسمى «المقابر الجماعية» يرتكب الفعل ذاته ولكن بأدوات أخرى و وقاحة أشد!

بقيت كلمة، نقولها لأبناء شعبنا الأردني، من اعتدى على كرامتكم ليس أبناء الشعب العراقي الشقيق، بل زمرة فاسدة، تقتل أبناء شعبها، فلا تغضبوا على العراق الشامخ، ولا تجعلوا للمشاعر الطائفية الوضيعة، التي تحرك نظام العراق، تطغى على مشاعر الأخوة التي تربطكم بذلك الشعب الطيب، الذي يعاني، كما بقية شعوب الأمة، من أنظمة استبدادية، باتت تعبد وتقدس سيئيْ الذكر سايكس وبيكو، وما فعلاه بنا!
الدستور

تابعو الأردن 24 على google news