jo24_banner
jo24_banner

استقالات غامضة

ماهر أبو طير
جو 24 : هيئة مكافحة الفساد في الأردن، شهدت أكثر من استقالة، ولكل استقالة أسبابها، وآخر الاستقالات استقالة المفوض الدكتور فياض القضاة، وقد اثارت استقالته ردود فعل واسعة، هذا على الرغم من نفي الرجل وجود سر ما خلف هذه الاستقالة.
التساؤلات تنفجر كل مرة يستقيل فيها أحد خبراء الهيئة او المفوضين، والكل يعتقد ان الاستقالات تأتي اعتراضا غير مباشر على طي ملفات فساد خطيرة من خلال الهيئة.
شهدنا موجة من ردود الفعل عندما استقال الدكتور عبدالرزاق بني هاني من ذات الهيئة وصرح حينها للاعلام ان هناك رؤوس فساد كثيرة طليقة وان هناك فاسدين مازالوا احرارا - وهذا ما احرق دمه- وفقا لتعبيره و وعد آنذاك بكشف كثير من الغموض حول قضايا فساد يشوبها الغموض في دائرة مكافحة الفساد.
قال يومها انه سوف يكشف هذه الملفات في الوقت المناسب من خلال لقائه مع النواب وكثير من الهيئات المهتمة، وهو أمر لم يحصل على حد علمي المتواضع حتى الآن.
الاستقالات تأتي احيانا لاسباب مهنية واحيانا لاسباب شخصية، وفي حالة الدكتور القضاة الذي استقال مؤخرا،فقد اعلن ان الاستقالة جاءت لاسباب شخصية، والارجح ان الوظيفة العامة بالنسبة لمحامٍ مخضرم مثله لن تكون الا خسارة مالية،فوق الكد والتعب.
سألت رئيس هيئة مكافحة الفساد البارحة عن سر الاستقالة المباغتة فقال الباشا سميح بينو ان استقالة القضاة لم تأتِ لوجود أي اشكالات،وانما لرغبته بالتفرغ لحياته المهنية الخاصة، وهو ذات ما أعلنه ذات الدكتور القضاة،وهذا تطابق في الروايتين،والجميع يعرف ان القضاة يعد خبيرا قانونيا يتجاوز بخبرته القضايا العادية.
الاستقالات بشكل عام من هيئة مكافحة الفساد تأخذنا الى ماهو أهم، أي امكانات الهيئة التي تعد ضعيفة جدا،وهذه هيئة فقيرة ماليا، ولا يمكن لها ان تؤدي اعمالها بهذه الطريقة، وسط الفقر المالي من جهة، وقلة الامكانات الفنية.
لدى الهيئة، مثلا،عشرات الاف الوثائق باللغة الانجليزية تخص احدى القضايا، وكان صعبا على الهيئة التعامل مع كل هذه الوثائق من حيث ترجمتها، والتعامل مع مضمونها.
هذا يعني ان وجود هيئة مكافحة الفساد سيبقى وجودا هشا، مادامت المعلومات لاتتدفق عليها من الجهات الاخرى، ومادامت امكاناتها المالية والفنية قليلة جدا.
المشترك بين استقالة بني هاني واستقالة القضاة،عنوان واحد يقول إن الهيئة بدون حماية سياسية وقوة نافذة لايقف في وجهها احد ومدعومة ماليا وفنيا، فلا يمكن ان تواصل اعمالها بهذه الطريقة،وهذه ليست دعوة لانهاء وجود الهيئة،في ظل رغبة اطراف عديدة بأنهاء الوجود القانوني للهيئة،واحالة صلاحياتها للقضاء،بل دعوة لتمكين الهيئة سياسيا وقانونيا وعلى الصعيدين المالي والفني، وبغير ذلك ستضعف الهيئة تحت وطأة خروج الخبراء منها، وجراء غرقها في الاف الوشايات التي نتقنها بحرفية ضد بعضنا البعض فيتم الابراق بها الى هيئة مكافحة الفساد.
الهيئة حققت انجازات مهمة،غير ان هناك اسئلة غائبة بحاجة الى اجابات حول ملفات كثيرة،وهذه الاسئلة تنساب شعبيا،ولابد للهيئة من «جردة حساب» على كل المستويات لنعرف الى اين وصلنا فعلا في عنوان مكافحة الفساد؟!.
منع الفساد وقائيا بات واضحا، مع كلفته المؤسفة التي باتت تمنع اجتهاد كثيرين ايضا.
(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news