jo24_banner
jo24_banner

عصابات مسلحة في البلد

ماهر أبو طير
جو 24 : كانت الجريمة في البلد فردية، ويوماً بعد يوم تحولت إلى جريمة منظمة، من عصابات المخدرات الى عصابات السيارات وما بينهما.
الانتماء لعصابة تتخصص بشأن من الشؤون بات لافتا للانتباه، وفي الاخبار عصابات في كل مكان تدير سرقة السيارات، واللافت للانتباه هنا أن هذه العصابات التي تسرق السيارات، تتمكن بسرعة غريبة من الوصول الى عنوان صاحب السيارة ورقم هاتفه، والاتصال به لمقايضته على مبلغ مالي، وهذا يعني أن هناك من يساعد هذه العصابات.
في حالات اخرى يقال للمواطن من باب النصيحة ان عليه ان يذهب ويخلص نفسه بنفسه مع هذه العصابة، ويفتدي سيارته بمبلغ مالي، وقد قال من اثق بروايته إن مسؤولا قال لمواطن تمت سرقة سيارته إن العصابة قوية، ويديرها شخص محدد بالاسم، وان الافضل له ان يخلع شوكه بيديه.
غير أن القراءة الأمنية للمستقبل هي المقلقة حقا، لأن نشوء ظاهرة العصابات في البلد، من بلطجية الاحياء الى بلطجية النوادي الليلية، مرورا بعصابات المخدرات وعصابات السيارات، وعصابات السطوالمسلح، يؤشر على تغير بنية الجريمة.
حين تكون الجريمة فردية فأمرها اهون بكثير، لأن الانتماء الى عصابة، قد يؤدي الى قيام بقية افراد العصابة، بالانتقام من المواطن الشاكي، أو من المحقق، او من رجل الأمن، ونشوء العصابات مؤشر ايضا على تغيرات اجتماعية كارثية.
هذا يفرض اعادة مراجعة القوانين بشأن العقوبات في حال وجود عصابات، ويفرض ايضا تزويد الامن العام بتقنيات ومعدات مختلفة، وتحسين اوضاع ومزايا كادر الأمن العام، لأنه ليس معقولا أن يتم الطلب من رجل الأمن العام، ان يضحي بحياته من اجل القاء القبض على سارق سيارة، وهو يعرف ان من خلفه مهددين في رزقهم وحياتهم وتعليمهم.
العصابات لا تقف عند هذه الحدود، إذ كلنا يعرف أن هناك عصابات لتهريب السلاح، وعصابات الرقيق وغيرها من عصابات، وإذا بقي التعامل مع العصابات بهذه الطريقة، اي انتظار بؤرة لتنفجر حتى يتم تطهيرها، فإننا بالتأكيد سنشهد نموا في عالم العصابات، وهذا يقول إنه لابد من حملة امنية ضخمة تشارك بها عدة جهات وتوجه ضربات قاسية لهذه العصابات، مرة واحدة.
الجانب الآخر الذي لايتنبّه اليه كثيرون، يقول ان اغلبية العصابات تتشكل في السجون، ومن العلاقات في السجون، وهذا يؤشر على ان بيئة السجون تتحول يوما بعد يوم الى بيئة منتجة للعصابة، بدلا من كونها بيئة عقابية تعيد انتاج السجين.
ورغم سياسات الفرز والتصنيف والمراقبة إلا أن اهم بيئة للعصابات وتشكيلها تجري في الحاضنة المفترض انها تؤدب المجرم وتعيد تأهيله، فما يجري في المهاجع من علاقات واتفاقات، يأخذ الافراد الى تواصل لاحق بعد الخروج.
ملف العصابات المسلحة في البلد ملف خطير جدا، ولا يجوز أن نديره بذهنية الجريمة فقط، فهؤلاء قد ينفلتون في تواقيت اخرى، ويتحكمون بالبلد، على شكل مقاطعات وحواجز تفتيش ومراكز نفوذ، والبذرة تم بذرها في باطن الارض لهكذا يوم.
ميزة البلد ان ظاهرها يبدو ناعما، غير أن تحت هذه النعومة عالما من البلاءات التي ننكرها في مواقيت فخرنا واعتزازنا!.
(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news