jo24_banner
jo24_banner

المقاتل الأسطوري!

حلمي الأسمر
جو 24 : أقيمت إسرائيل على القتل، ولا يمكن مواجهتها إلا بالأسلوب ذاته، فلسفة القتل في عقيدة الصهاينة مستقرة ولها أساطينها، وهي مُقدرة وتستحق نياشين ونوط الشجاعة، من قبل قادة وزعماء «الدولة» العبرية، واليهود في فلسطين هم أول من اخترع عمليات تفجير المدنيين، وقتلهم بدون رحمة، واعتبر قتل هؤلاء منتهى الشجاعة، وتجسيدا للب الصهيونية!

يوم السبت الماضي توفي أحد أشهر و»أبرع» القتلة وأكثرهم وحشية في تاريخ إسرائيل، وهو مئير هاتستيون، وقد أجمع غالبية القادة الإسرائيليين على إطلاق وصف المقاتل الأسطوري عليه، وأسبغ عليه قادة صهاينة وكتاب صفات البطولة، فقط لأنه أزهق أرواح أنفس عربية بريئة!

على وصفه رغم أنه قتل عدد من الأردنيين من قبيلة الرشايدة دون محاكمة في الخمسينات.

«هارتسيون» هذا كان أحد القادة الذي عملوا مع السفاح المقبور ارئيل شارون الذي أقام «وحدة 101» في مطلع الخمسينيات التي تخصصت في تنفيذ العمليات الانتقامية ضد المدنيين الفلسطينيين والعرب. في مطلع عام 1954 مجموعة من جنود «وحدة 101» لتنفيذ عملية انتقامية داخل الأراضي الأردنية ردا على مقتل أخته وعشيقها فأمسك بستة أردنيين من عشيرة الرشايدة وقتل خمسة منهم وأطلق سراح السادس بعد أن حمله رسالة تهديد لعشيرتهم. ولم تتم محاكمة «هارتسيون» ووصفه وزير جيش الاحتلال الأسبق موشي ديان بأفضل جندي في تاريخ جيش الاحتلال. كما شارك «هارتسيون» في تنفيذ واحدة من أبشع المذابح في تاريخ المنطقة، ففي ليلة 14 / 14 أكتوبر/ تشرين الأول من عام 1953 قام جنود إسرائيليون تحت قيادة «أرئيل شارون» بمهاجمة قرية «قبية» الفلسطينية وقتل فيها 69 فلسطينيًا، والعديد منهم أثناء اختبائهم في بيوتهم التي تم تفجيرها. وتم هدم 45 منزلًا ومدرسةً ومسجدًا.

بعد الضجة الدولية التي أعقبت العملية أصدر بن غوريون بيانا قرأه بنفسه عبر الإذاعة، جاء في: «كل واحد منا يأسف للدم الذي يسفك في كل مكان، وليس هنالك من يأسف أكثر من حكومة اسرائيل اذا سفك دم في عملية الانتقام في قبية، ولكن المسؤولية كلها ملقاة على عاتق حكومة عبر الاردن... ترفض حكومة اسرائيل بكل قوة الرواية الخيالية والشريرة، وكأن ستمائة جندي في جيش الدفاع الإسرائيلي شارك في العملية ضد قرية قبية.

لقد قمنا بإجراء فحص دقيق وتبين لنا بشكل قاطع انه لم تغب أية وحدة عسكرية عن معسكرها، ولا حتى أصغرها، في ليلة الهدم في قبية». كذب بواح، وتضليل، لم يزل مستمرا حتى الآن، كلما كان الدم المراق عربيا، ولن نستغرب إن جاء تقرير استشهاد رائد زعيتر على هذا النحو!

إسرائيل كرمت القاتل «هارتسيون» عام 1973، كما هو دأبها في تمجيد القتل، فمنحته وسام الشجاعة لدوره في عملية اقتحام مركز للشرطة الأردنية في قرية الرهوة وقتل عدد من الجنود الأردنيين. ويوم السبت الماضي، اعتبر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وسياسيون وضباط هارتسيون «المقاتل الأسطوري» وطالب الرئيس الإسرائيلي شمعون بيرس الحائز على جائرة نوبل للسلام(!) الإسرائيليين إلى تنكيس الأعلام إكراما لـ هارتسيون قائلا «لم يكن هناك رجل أشجع منه كان مقاتلا مستعدا للتضحية بحياته من أجل إسرائيل مرة تلو الأخرى لقد رأى الموت بأم عينه فلم يجزع ولم يتراجع»!!

حين يكون القاتل إسرائيليا يكون «الفعل» شجاعة وبطولة، وحين يكون المقتول منهم، تصبح العملية إرهابا وعنفا غير مبرر، والفاعل إرهابيا، حينما تعود المعادلة إلى وضعها الطبيعي، لن يكون هناك احتلال!


(الدستور)
تابعو الأردن 24 على google news