jo24_banner
jo24_banner

غامض الغيب في ملف الليبي

ماهر أبو طير
جو 24 : تشهد قصة السفير الأردني المختطف في ليبيا، فواز العيطان، تشويشا كبيراً، و رغم الحساسية الأمنية المفرطة، والمخاوف على حياة السفير، فإن القصة تخضع لتوظيفات وتسريبات متناقضة، بعضها دقيق، والبعض الآخر غير دقيق.
وعن قصة الوحدة العسكرية الأردنية التي كانت ستنفذ عملية خاصة لتحرير السفير، فهي - لو صحت- قد تم إفشالها مسبقا بمجرد تسريب أخبارها، وصولا الى قصة المعتقل الليبي في الاردن «محمد الدرسي» المتهم بمحاولة تفجير مطار الملكة علياء الدولي، والذي تردَّد انه تم ترحيله الى ليبيا بناء على طلب الخاطفين، لمبادلته مع السفير العيطان، عبر وساطة مع الحكومة الليبية.
تذهب وتدقق وتكتشف أن الليبيين نفوا قصة وصول «الدرسي» الى ليبيا وعمان الرسمية تتحفظ بطريقة ناعمة على كل القصة، خوفا على حياة السفير لكنها تقول من جهة اخرى إنها تتحدث مباشرة مع الحكومة الليبية حول كل السيناريوهات المحتملة.
تُبحر نحو مصدر معلومة ترحيل «الدرسي»، أي محامي الجماعات الاسلامية في الاردن، فلا تسمع دليلا منه يؤكد خبر الترحيل، فلا تعرف إن كان تسريب المعلومة من جانبه يأتي من باب الاستنتاج، أم أن تراجعا معينا جعل إعادة تقديم المعلومة دون دليل حصري طوق نجاة لأطراف كثيرة، وحتى لا ينكشف مصدر معلومته الاصلي؟!.
ما تفهمه أن «الدرسي» الذي كان يعاني من الامراض، وزارته عائلته من ليبيا أكثر من مرة كان يطمح بالحصول على عفو خاص، جرَّاء وضعه الصحي، وقد تنقل بين سجني الموقر والهاشمية، ودخل المستشفى لأكثر من مرة.
لا يعرف كثيرون أن تسليم «الدرسي» لليبيا إذا تم سيخضع الى أحد احتمالين، اولهما حصوله على عفو خاص، وهذا قد يكون مستبعدا، وثانيهما خضوعه لاتفاقية الرياض، التي تقبل تبادل المحكومين، شريطة قضاء بقية المدة في البلد المنقول اليه.
أسأل الرسميين فلا يعطونني جوابا محددا لخوفهم على حياة السفير، ولأن القصة لا تحتمل هذه التوظيفات المؤذية وتخاطف الأخبار.
محامي الجماعات الاسلامية في الاردن، وهو مصدر المعلومة التي تسربت حول الترحيل السري لـ»الدرسي»، يؤكد معلومته ولا يعطيني دليلا معلوماتيا دقيقا، سوى قوله انه ذهب الى زيارة «الدرسي» الاربعاء الفائت، لكن تم منعه من زيارته ، رغم أنه وكيله أيضا منذ زمن بعيد.
البارحة تم منع ذات المحامي من زيارة كل السجون وكل سجناء التنظيمات الاسلامية بمن فيهم «الطحاوي» الذي هو وكيله ايضا، و»الطحاوي» كما هو معروف من زعماء القاعدة او السلفية الجهادية في الاردن، وربما جاء هذا القرار من باب رد الفعل الحانق على تسريبه لمعلومة حساسة تتعلق بترحيل «الدرسي»، أو احتمال ترحيل «الدرسي».
أقول له ان كل هذه الملابسات التي يسردها لا تعني ان «الدرسي» تم نقله فعليا، فيرد: إذن أين «الدرسي»؟! ، وسؤاله مهم، لكن الإجابات عنه متعددة، فيلوذ بغموض، يزيد من التشويش في كل القصة!!.
لا تعرف هل بنى معلومته على استنتاجات، أم انه يريد حماية مصدره الاصلي الذي سرب له معلومة نقل «الدرسي»، فيضطر لحظتها ان يناقشك عبر الاستنتاجات، ويصرُّ في النهاية ويقول ان «الدرسي» غير موجود في اي سجن اردني هذه اللحظات، لكنه لا يقول لك اذا ما كان لديه دليل محدد واضح على انه صعد الطائرة وطار الى طرابلس؟!
في كل الحالات، الملف حساس جدا، وحياة السفير مهددة، وهذا يفرض التدقيق في المعلومات، خوفا على حياة الرجل، وحتى لا يحدث تشويش على الاتصالات بين الاردن وليبيا، ولوجود مداخلات دبلوماسية عربية تونسية وغيرها في كل هذا الملف.
حالات اختطاف شبيهة حدثت لسفراء دول اخرى، احتاجت فيها تلك العواصم الى شهور لإتمام هذه الصفقات، وفي حالة السفير «العيطان» ، علينا ان نتنبَّه الى حساسيات كثيرة، حتى لا تدار القصة باعتبارها مجرد سباق على المعلومة.
الاردن لن يخضع للابتزاز، إذا قدَّم أي تنازل، ولا يصح ان تُفسَّر القصة هكذا، لأن حياة السفير اهم، ولو تعرض السفير الى اذى، لقيل إن الأردن فرَّط بحياة مواطنه، وهكذا يبدو البلد متهما في الحالتين، وهذا غير معقول، والأصل أن يكون معيارنا حياة السفير فقط.
بين ساعة ويوم، وربما أكثر، سيتمُّ فك غوامض هذا الملف.
تابعو الأردن 24 على google news