فروة الشيخ وديمقراطية الرعيان
تمارا الدراوشة
جو 24 : عندما نشاهد ذلك الراعي الذي يقود بمفرده قطيعا كبيرا من الأغنام ،وتشعر بأن هناك طريقة خفية يلقي بها الراعي أوامره وتعليماته للقطيع ، وأن هناك إستجابة خفية ، وترى كيف ينقاد ذلك القطيع الكبير لتعليمات الراعي ، التي قد لا تتعدى المناداة بالصوت أو قد تصل إلى إلقاء حجر بإتجاه منطقة معينة ، يفهم القطيع من خلال صوت ذلك الحجر، أن تلك المنطقة محرمة ، وخط أحمر لا يجوز أن تقترب منها ، والغريب أنها تنصاع لأوامره وتعليماته .
الراعي شخص عادي لم يدرس السياسة أو فنون القيادة الحديثة ، أو الأساليب المتطورة في فنون الرعي ، أو تلقى كورسات عن الرفق بالحيوان أو فنون تطويعه .
الجواب على ذلك ، أن الراعي ومثله كثيرون قد تدربوا على فن قيادة القطعان من الأغنام ، وتوارثوها عن الأباء والأجداد ،ويعلموها لأبنائهم ولكن بطريقة تختلف ، إلا أنها تؤدي إلى نفس الهدف ، وهو السيطرة على القطيع مما يجعل المراقب والمتابع للمشهد ، يشعر ظاهريا بروعة الديمقراطية التي يمنحها الراعي للقطيع ، ومستوى الحرية التي يتمتع بها القطيع ،إضافة إلى العلاقة التي تربط الراعي بالقطيع ، كل ذلك ظاهريا فقط ، لكن عند الخوض في العمق ، تجد أن تلك الديمقراطية التي يمارسها الراعي مع القطيع ، والتي لم يمارس بها العنف علنا ، إنما هي ثقافة الخوف التي تربى عليها القطيع ، فسياسة الراعي الحقيقية إتجاه القطيع أنه عندما يجد أن هناك عدد من الأغنام تحاول أن تتطاول على تعليماته ، أو ترفض سماع صوت حجارته التي يلقيها بإتجاه المناطق الممنوع الإقتراب منها ، أو حتى عندما تتجاهل صيحات الراعي وتحاول الإقتراب والتجاوز الى المناطق التي لا يسمح الراعي بالوصول إليها ، فإن العقاب عند الراعي هو ذبحها أولا بأول ، وتقديمها طعاما لأسرته أو لضيفه ، ولذلك نجد أن الراعي عندما يختار من القطيع ليذبحه فإنه يختار من تلك التي تزعجه ولا تلتزم بتعليماته ، وبالتالي تسبب له المشاكل مع أصحاب المناطق التي يمنع أصحابها إقتراب الأغنام منها ،فيبقى الخيار مفتوحا أمام أفراد القطيع.....
هذه هي ديمقراطية الرعيان التي تقوم على مبدأ التخلص مباشرة من كل من يخالف تعليمات وأوامر الراعي .
هذا ذكرني بفروة الشيخ (وأقصد شيخ العشيرة ) والفروة تعني أفراد عشيرته وقبيلته التي هو يتزعمها ، وإختارته شيخا عليها ،ليراعي شؤونهم ويسعى لخدمتهم ، لكن مع تطور الزمن وإختلاف الثقافات والسياسات ، إختلفت نظرة الشيخ لفروته (أفراد عشيرته) فأصبح ينظر إليهم على أنهم موجودين فقط لتسهيل مهمته في تحقيق مصالحه الشخصية .
وتحضرني هنا قصة لأحد الشيوخ ، وحسب الرواية أنه إختلف مع أفراد عشيرته ، وعندما إحتد النقاش بينهم وقف أحد أفراد العشيرة وبعد أن طفح الكيل معه ، قال مخاطبا شيخ العشيرة ، يا شيخ (إنت تعاملنا مثل فروتك ،إذا شعرت بالبرد وضعتها على كتفك ، وإذا دفيت رميتها وجلست عليها ) فغضب الشيخ لتطاول ذلك الرجل ،وأعتقد أن مصير ذلك الرجل لن يكون أحسن حالا من مصير تلك الشاة التي خالفت ذلك الراعي .
مما سبق أعتقد أن العالم اليوم بحاجة إلى ديمقراطية حقة ،ظاهرا وجوهرا بنفس المستوى ، وأن يكون هناك حوارا من طرفين وليس من طرف واحد بينما الطرف الأخرلايملك الوقت حتى يسمع .
لذلك يجب أن تعالج القضايا كل القضايا بشكل فعال وسريع ينسجم مع الواقع ، وأن نتوقف عن نظام الفزعة الذي بات سلوكا يحكمنا ونلتزم به ، فننفعل مع الحدث والقضية ونسعى إلى التهدئة وبعد ذلك نتناساها ولا نذكرها ، إلا إذا ظهرت على السطح مرة أخرى ،ولكنها قد تظهر في المرة القادمة بطريقة مختلفة قد يصعب علاجها أو حتى تناسيها.
وأخيرا فإني أقول ، إن من لا يحمل هم الوطن ، هو بالتأكيد هم على هذا الوطن .
عاش الأردن قيادة وشعبا وترابا
الراعي شخص عادي لم يدرس السياسة أو فنون القيادة الحديثة ، أو الأساليب المتطورة في فنون الرعي ، أو تلقى كورسات عن الرفق بالحيوان أو فنون تطويعه .
الجواب على ذلك ، أن الراعي ومثله كثيرون قد تدربوا على فن قيادة القطعان من الأغنام ، وتوارثوها عن الأباء والأجداد ،ويعلموها لأبنائهم ولكن بطريقة تختلف ، إلا أنها تؤدي إلى نفس الهدف ، وهو السيطرة على القطيع مما يجعل المراقب والمتابع للمشهد ، يشعر ظاهريا بروعة الديمقراطية التي يمنحها الراعي للقطيع ، ومستوى الحرية التي يتمتع بها القطيع ،إضافة إلى العلاقة التي تربط الراعي بالقطيع ، كل ذلك ظاهريا فقط ، لكن عند الخوض في العمق ، تجد أن تلك الديمقراطية التي يمارسها الراعي مع القطيع ، والتي لم يمارس بها العنف علنا ، إنما هي ثقافة الخوف التي تربى عليها القطيع ، فسياسة الراعي الحقيقية إتجاه القطيع أنه عندما يجد أن هناك عدد من الأغنام تحاول أن تتطاول على تعليماته ، أو ترفض سماع صوت حجارته التي يلقيها بإتجاه المناطق الممنوع الإقتراب منها ، أو حتى عندما تتجاهل صيحات الراعي وتحاول الإقتراب والتجاوز الى المناطق التي لا يسمح الراعي بالوصول إليها ، فإن العقاب عند الراعي هو ذبحها أولا بأول ، وتقديمها طعاما لأسرته أو لضيفه ، ولذلك نجد أن الراعي عندما يختار من القطيع ليذبحه فإنه يختار من تلك التي تزعجه ولا تلتزم بتعليماته ، وبالتالي تسبب له المشاكل مع أصحاب المناطق التي يمنع أصحابها إقتراب الأغنام منها ،فيبقى الخيار مفتوحا أمام أفراد القطيع.....
هذه هي ديمقراطية الرعيان التي تقوم على مبدأ التخلص مباشرة من كل من يخالف تعليمات وأوامر الراعي .
هذا ذكرني بفروة الشيخ (وأقصد شيخ العشيرة ) والفروة تعني أفراد عشيرته وقبيلته التي هو يتزعمها ، وإختارته شيخا عليها ،ليراعي شؤونهم ويسعى لخدمتهم ، لكن مع تطور الزمن وإختلاف الثقافات والسياسات ، إختلفت نظرة الشيخ لفروته (أفراد عشيرته) فأصبح ينظر إليهم على أنهم موجودين فقط لتسهيل مهمته في تحقيق مصالحه الشخصية .
وتحضرني هنا قصة لأحد الشيوخ ، وحسب الرواية أنه إختلف مع أفراد عشيرته ، وعندما إحتد النقاش بينهم وقف أحد أفراد العشيرة وبعد أن طفح الكيل معه ، قال مخاطبا شيخ العشيرة ، يا شيخ (إنت تعاملنا مثل فروتك ،إذا شعرت بالبرد وضعتها على كتفك ، وإذا دفيت رميتها وجلست عليها ) فغضب الشيخ لتطاول ذلك الرجل ،وأعتقد أن مصير ذلك الرجل لن يكون أحسن حالا من مصير تلك الشاة التي خالفت ذلك الراعي .
مما سبق أعتقد أن العالم اليوم بحاجة إلى ديمقراطية حقة ،ظاهرا وجوهرا بنفس المستوى ، وأن يكون هناك حوارا من طرفين وليس من طرف واحد بينما الطرف الأخرلايملك الوقت حتى يسمع .
لذلك يجب أن تعالج القضايا كل القضايا بشكل فعال وسريع ينسجم مع الواقع ، وأن نتوقف عن نظام الفزعة الذي بات سلوكا يحكمنا ونلتزم به ، فننفعل مع الحدث والقضية ونسعى إلى التهدئة وبعد ذلك نتناساها ولا نذكرها ، إلا إذا ظهرت على السطح مرة أخرى ،ولكنها قد تظهر في المرة القادمة بطريقة مختلفة قد يصعب علاجها أو حتى تناسيها.
وأخيرا فإني أقول ، إن من لا يحمل هم الوطن ، هو بالتأكيد هم على هذا الوطن .
عاش الأردن قيادة وشعبا وترابا