jo24_banner
jo24_banner

إشهار فحولة!

ماهر أبو طير
جو 24 : مثيرة جدا الطريقة التي يتم بها توظيف الفيس بوك، من جانب المشتركين فيه، وهو كموقع تواصل اجتماعي استدرج الناس برضاهم، لهتك خصوصيتهم، ولا يتوقفون ابداً.
لافت للانتباه لي اقدام كثرة على نشر صورهم وهم في غرف العمليات او المستشفيات، او تصوير من يخصهم من أب أو أم وهو ملقى على ظهره على سرير الطوارئ.
يزف خبرا عاجلا قائلا ..«انا في المستشفى، او والدتي في غرفة العمليات، وأحدهم التقط لأمه صورة وهي تحت التخدير، دون ان يرف له جفن» ولا تعرف ماهي الغاية من هذه القصة؟!.
تسأل هل مرض الظهور اشتد الى هذه الدرجة، ام ان هذا تعبير عن الذاتية المتضخمة، وعدم التمييز بين خصوصية الانسان، والاستدراج نحو الظهور، حتى لو في مستشفى، وهل يتم سؤال المريض وهو تحت التخدير قبل التقاط صورته، والتشهير به بهذه الطريقة؟!.
اللافت للانتباه ايضا، نشر صور المواليد، فتخرج عليك فلانة، وقد وضعت كل ساق في جهة على سريرها، وبين يديها طفل مولود منذ ساعة، وقد تم تصويره على صدره، ووجهه احمر محمر، والمرأة مجهدة ومتعبة، لكنها لا تخجل، وهي ملقاة وكأنها خارجة من حرب نووية، وتنشر صورة طفلها فخورة بما تفعله كل الكائنات الاخرى، من قطط وغيرها، و»شرش الحياء» طق فعلا!.
رجل آخر يشهر فحولته علنا، فيصور ابنه اوابنته وهو طري وقد ُولد منذ ساعة فقط، ويحوقل ويبسمل ويحمد الله ان رزقه طفلا، وكلهم يتناسون ان ايذاء الطفل في عز طراوته بالعيون الالكترونية، امر غير مناسب، ولا اعتقد ايضا ان في الامر اشهارا لشيء مهم، الا اذا كان التناسل مستجدا على هذه الدنيا، وهذا دليل فراغ، والبحث عن انتصار، حتى لو كان انجاب طفل، وليترك لنا الخيال خصبا!!.
أسوأ ما في الفيس بوك الاسماء المستعارة، وغير المستعارة، ايضا، التي ظن اصحابهم انهم يمتلكون منصات اطلاق صواريخ، فيشتمون ويعلقون بلا حدود، وتهم التخوين والاساءة والتكفير في مرات، فوق الاساءات الشخصية نراها في كل مكان، وهي كشفت ايضا، مخزون الكراهية والتسلط والرغبة بالسلطة لدى الافراد، ومنسوب احقادنا على بعضنا، فتسأل ماذا لو امتلك هؤلاء سلطة حقيقية؟!.
آخر القصص، ما سمعناه من تندر واستهزاء بمن قالت انها ملكة جمال الاردن، وانا ضد هكذا مسابقات، وضد هذا النمط الاجتماعي، لاعتبارات دينية.
اللافت للانتباه منسوب الاستهزاء بخلقتها والتشنيع عليها، فتم وصفها بكل الاوصاف القبيحة لانها غير جميلة، وفقا لما يقولون، هذا على اعتبار ان المعلقين والمعلقات، اكثر جمالا، وتسأل اين الحق الاخلاقي والديني والاجتماعي من زاوية الاستهزاء بخلقة الله، وايهما أسوأ هنا، الخلقة غير الجميلة، ام الانفس التي تفيض كراهية واطالة لسان وقبحا في التعبيرات، وتغذي بيوتها بذات الثقافة، اي الاستهزاء بالاخر، جراء شكله او لونه او عجزه او لأي سبب.
القصة بصراحة تكشف مرض المجتمع الكلي واصابتنا بوباء خطير، يميل فيه الواحد على الاخر، دون حدود ودون قيود، لان التواصل الاجتماعي اوهمنا انه بندقية صيد، ومن حقك ان تصيد من تريد!.
الفيس بوك، منصة سياسية واجتماعية، لكنها تكشف منسوب امراضنا جهارا نهارا!.

الدستور
تابعو الأردن 24 على google news