مواجهة «الداعشية» بالتي هي أحسن لا ألعن!
حلمي الأسمر
جو 24 : الحالة «الداعشية» إن جاز التعبير، نتاج كيمياء مختلطة أنتجتها تراكمات عربية وإسلامية، عشنا معها وعاشت معنا طيلة سنوات من الظلم والجهل والقمع وسلب الحقوق، والقهر، للظاهرة أكثر من جانب، ثمة جانب فقهي شرعي، فالدواعش لم يهبطوا علينا من زحل، بل هم أبناؤنا وأشقاؤنا، و»فقههم» مستمد من نصوص تملأ كتب الشرع، وهم يتسلحون بآيات من القرآن الكريم، والحديث النبوي الشريف، وما توارثناه من رؤى فقهية واجتهادات لعلماء معتبرين، ولهم مكانتهم الرفيعة في شريعتنا، من هنا تغدو المعالجة «الأمنية» البحتة للظاهرة، نوعا من صب الزيت على النار، وهي تذكي المشاعر الجياشة التي استقرت في الوجدان الشعبي المسلم جراء سنوات طويلة من قمع الأنظمة، وتغييبها للشعوب وقهرها، وسلبها لقوتها، ولا تسهم في وقف تمدد الظاهرة، بل ربما تحشد مزيدا من الأنصار و»الأحباب»!
كي نفهم «الداعشية» علينا أن نفككها أولا، وإعادتها إلى «العناصر الأولية» التي تتكون منها، هذا إذا كان ثمة نية لمواجهة صريحة مع الذات، وحرصا على مستقبل هذه الأمة، ورؤية مستقبلية تأخذ بعين الاهتمام مستقبل أبنائنا وأحفادنا، فالخطر داهم، ولا يستثني أحدا، ويكفي المرء أن يشاهد فيلما ينتشر بكثرة على مواقع الإنترنت، كي يشعر بالهلع من المستقبل، هذا الفيلم يعطينا فكرة مريعة عن طريقة تربية أطفال داعش، وتهيئتهم للموت، لا للحياة!
بالنسبة للغرب، فهو بعيد عنا، وينظر إلينا كمنطقة «مصالح» وهو ليس معنيا بمستقبلنا، إلا بالقدر الذي يؤمّن وصوله إلى النفط، وكوننا سوقا استهلاكيا لنفايات بضائعه، فضلا عن كوننا سدا يمنع زحف البرابرة إلى حدوده، أما كوننا أمة تستحق الحياة، بكرامة وحرية، فلا يعنيه، بل تعنينا نحن، كأنظمة، وكشعوب، نجلس في مركب واحد، ويتحتم علينا أن نعيش سويا، ومن هنا، علينا أن نتعامل مع الظاهرة الداعشية، علما بان الرؤية المستقبلية لهذه الظاهرة تقول، أنها وجدت لتبقى، وحتى تقديرات العسكريين الغربيين، تؤكد أن مواجهتها تستهدف التقليل من تمددها، لا القضاء عليها، لأن هذا القضاء المبرم مستحيل، وغير ممكن، من هنا، يتحتم علينا نحن أبناء هذه المنطقة، أن نهيىء البيئة المحلية كي تحاصر الظاهرة، و»تستوعبها» وتحولها إلى عنصر بناء لا هدم، حياة لا موت، فـ «داعش» منا، ونتاج بيئتنا، وعلينا إعادتها إلى الحضن «الأم» بالتي هي أحسن، لا بالتي هي ألعن، وهذا لن يتم إلا بالعودة لكل العناصر التي «تغذي» الظاهرة، وتستمد منها الحياة، بمعنى آخر، علينا «تجفيف» منابع الداعشية، وحرمانها مما يمد في عمرها، ويزيد من تطرفها!
علينا أولا وقبل كل شيء مقارعة حجة الدواعش الشرعية بحجج شرعية مقابلة، فكرا بفكر، وفقها بفقه، فهم يستندون إلى تقعيد فقهي شرعي، لا ينفع معه لا طائرات ولا مواجهات مسلحة، ولا إعدامات، وعلينا أيضا أن نذهب إلى منابع الظلم والقهر والعسف في مجتمعاتنا، فنجففها،
بقية مقال حلمي الاسمر
المنشور على الصفحة اخيرة الجزء الاول
فنعيد الحقوق إلى أصحابها، وننهي حالة الظلم الاجتماعي، وغياب العدالة في توزيع الثروات، وعلينا أيضا، أن نعيد الاعتبار لقيمة الإنسان، فلا نجعله يتوق لحياة الحيوان في الغابة، وعلينا أن نتوقف نهائيا عن «الحديث» عن «الإصلاح» ونبدأ في «ممارسته» على أرض الواقع، وعلينا أن نتوقف وفورا عن المعالجة الأمنية الصماء لهذه الظاهرة، فالحديث يدور عن صناعة عقول وغسل أدمغة، لا عن اعتقالات وأحكام ومطاردات عبثية، وكل ذلك يجب أن يتم في إطار رؤية عربية وإسلامية تحظى بأقصى درجات التنسيق، كما هو شأن التنسيق عالي الرشاقة والعنفوان، الذي ظل يميز عمل مجلس وزراء الداخلية العرب، حتى في احلك ظروف التضامن العربي، وحتى حينما توقف كل عمل عربي مشترك، ووصلت العلاقات العربية العربية إلى الحضيض، ظل هذا المجلس في كامل صحته ونشاطه، فلم يتوقف عمله، وهنا تحديدا، تجري معالجة هذه الظاهرة، مع الاستعانة بأصحاب الفكر وعلماء الاجتماع، وعلماء النفس، والفقهاء، وبغير هذا، صدقوني، فستظل الظاهرة في تمدد وانتشار، وسنشهد أياما سوداء، يقتل فيها بعضنا بعضا، ويكفر بعضنا بعضا، إلى أمد لا يعلمه إلا الله، فيما أعداؤنا الحقيقيون، يستمرون في نهبنا، وربما تغذية النار التي شبت داخل «بيتنا»!
الدستور
كي نفهم «الداعشية» علينا أن نفككها أولا، وإعادتها إلى «العناصر الأولية» التي تتكون منها، هذا إذا كان ثمة نية لمواجهة صريحة مع الذات، وحرصا على مستقبل هذه الأمة، ورؤية مستقبلية تأخذ بعين الاهتمام مستقبل أبنائنا وأحفادنا، فالخطر داهم، ولا يستثني أحدا، ويكفي المرء أن يشاهد فيلما ينتشر بكثرة على مواقع الإنترنت، كي يشعر بالهلع من المستقبل، هذا الفيلم يعطينا فكرة مريعة عن طريقة تربية أطفال داعش، وتهيئتهم للموت، لا للحياة!
بالنسبة للغرب، فهو بعيد عنا، وينظر إلينا كمنطقة «مصالح» وهو ليس معنيا بمستقبلنا، إلا بالقدر الذي يؤمّن وصوله إلى النفط، وكوننا سوقا استهلاكيا لنفايات بضائعه، فضلا عن كوننا سدا يمنع زحف البرابرة إلى حدوده، أما كوننا أمة تستحق الحياة، بكرامة وحرية، فلا يعنيه، بل تعنينا نحن، كأنظمة، وكشعوب، نجلس في مركب واحد، ويتحتم علينا أن نعيش سويا، ومن هنا، علينا أن نتعامل مع الظاهرة الداعشية، علما بان الرؤية المستقبلية لهذه الظاهرة تقول، أنها وجدت لتبقى، وحتى تقديرات العسكريين الغربيين، تؤكد أن مواجهتها تستهدف التقليل من تمددها، لا القضاء عليها، لأن هذا القضاء المبرم مستحيل، وغير ممكن، من هنا، يتحتم علينا نحن أبناء هذه المنطقة، أن نهيىء البيئة المحلية كي تحاصر الظاهرة، و»تستوعبها» وتحولها إلى عنصر بناء لا هدم، حياة لا موت، فـ «داعش» منا، ونتاج بيئتنا، وعلينا إعادتها إلى الحضن «الأم» بالتي هي أحسن، لا بالتي هي ألعن، وهذا لن يتم إلا بالعودة لكل العناصر التي «تغذي» الظاهرة، وتستمد منها الحياة، بمعنى آخر، علينا «تجفيف» منابع الداعشية، وحرمانها مما يمد في عمرها، ويزيد من تطرفها!
علينا أولا وقبل كل شيء مقارعة حجة الدواعش الشرعية بحجج شرعية مقابلة، فكرا بفكر، وفقها بفقه، فهم يستندون إلى تقعيد فقهي شرعي، لا ينفع معه لا طائرات ولا مواجهات مسلحة، ولا إعدامات، وعلينا أيضا أن نذهب إلى منابع الظلم والقهر والعسف في مجتمعاتنا، فنجففها،
بقية مقال حلمي الاسمر
المنشور على الصفحة اخيرة الجزء الاول
فنعيد الحقوق إلى أصحابها، وننهي حالة الظلم الاجتماعي، وغياب العدالة في توزيع الثروات، وعلينا أيضا، أن نعيد الاعتبار لقيمة الإنسان، فلا نجعله يتوق لحياة الحيوان في الغابة، وعلينا أن نتوقف نهائيا عن «الحديث» عن «الإصلاح» ونبدأ في «ممارسته» على أرض الواقع، وعلينا أن نتوقف وفورا عن المعالجة الأمنية الصماء لهذه الظاهرة، فالحديث يدور عن صناعة عقول وغسل أدمغة، لا عن اعتقالات وأحكام ومطاردات عبثية، وكل ذلك يجب أن يتم في إطار رؤية عربية وإسلامية تحظى بأقصى درجات التنسيق، كما هو شأن التنسيق عالي الرشاقة والعنفوان، الذي ظل يميز عمل مجلس وزراء الداخلية العرب، حتى في احلك ظروف التضامن العربي، وحتى حينما توقف كل عمل عربي مشترك، ووصلت العلاقات العربية العربية إلى الحضيض، ظل هذا المجلس في كامل صحته ونشاطه، فلم يتوقف عمله، وهنا تحديدا، تجري معالجة هذه الظاهرة، مع الاستعانة بأصحاب الفكر وعلماء الاجتماع، وعلماء النفس، والفقهاء، وبغير هذا، صدقوني، فستظل الظاهرة في تمدد وانتشار، وسنشهد أياما سوداء، يقتل فيها بعضنا بعضا، ويكفر بعضنا بعضا، إلى أمد لا يعلمه إلا الله، فيما أعداؤنا الحقيقيون، يستمرون في نهبنا، وربما تغذية النار التي شبت داخل «بيتنا»!
الدستور