2024-05-20 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

هل ينجح الرئيس الجديد في وضع حد للعنف الجامعي؟

د. حسن البراري
جو 24 : لم تشهد الجامعة الأردنية في تاريخها عنفا كما تشهده في السنوات الأخيرة، والمتابع لما يجري على الساحة الجامعية- من تدخلات متنوعة ومن مصادر مختلفة تدفع العنف للواجهة- يضع يده على قلبه خشية على مستقبل التعليم الجامعي في بلد تفخر بأن رأسمالها يكمن في مواردها البشرية بعد أن بخلت علينا الطبيعة بمواردها.

وهنا نشير إلى تحذير الملك بأن الظاهرة أصبحت تهدد التعليم العالي في الأردن وهو ما دفعه للمطالبة بالاعتناء بمنظومة القيم المجتمعية مع أن القضية لا يمكن فهمها إلا في سياقها السياسي وسنوات من مصادرة الحريات الأكاديمية والخراب الذي دب في الجامعات والناتج عن سياسات رسمية.

ما من شك أن هناك تغولا أمنيا وحكوميا على الحياة الأكاديمية دفع بتنمية الهويات الفرعية والمناطقية والعشائرية على حساب الهوية الوطنية الجامعة، وبالتالي لا غرابة في أن يتأطر الطلبة حسب مناطقهم الجغرافية والعشائرية بدلا من التأطير السياسي الذي يغيب عن الحرم الجامعي. ويساهم في تدهور الحالة العامة في الحرم الجامعي أمور لعل أهمها عدم استقلال الجامعات هو أمر أكدت عليه دراسة للمركز الوطني لحقوق الأنسان.

العنف في الجامعات الأردنية أصبح ظاهرة لم نعد نمتلك ترف عدم التصدي لها لأن استمرارها سيخلق أجيالا مشوهة. ففي دراسة لمركز الدراسات الاستراتيجية والأمنية التابع للأمن العام، رصدت الدراسة أنواعا مختلفة للعنف الجامعي والاعتداء على الممتلكات وأكدت على ضرورة التصدي للظاهرة. ومع وجاهة الأسباب التي ساقتها الدراسة (الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية) إلا أنها لم تتطرق بشكل واف للعامل الاهم وهو العامل السياسي. ولا بد هنا للإشارة للدراسة التي قام بها استاذ علم الاجتماع في الجامعة الأردنية الدكتور مجد الدين خمش والدكتور نزيه حمدي استاذ الأرشاد النفسي والتي حملت عنوان "ظاهرة العنف الطلابي في الجامعات،" وهي دراسة ميدانية للتوقف على الأسباب الحقيقية للعنف الطلابي، وبالنتيجة اتفقت دراسة الإستاذين مع ما سبقها من دراسات بأن العنف الجامعي يحصل في العادة بين الطلبة الذكور من أصحاب التحصيل المتواضع سواء في الثانوية العامة أو في الجامعة.

غير أن الدراستين لم تتطرقا للعامل السياسي وللحقيقة مرة وهي أن الإدارات الجامعية مرعوبة، والأمر ذاته ينطبق على اعضاء هيئة التدريس وبخاصة في الكليات الإنسانية والإجتماعية التي تخشى سطوة الأمن والحكومة لذلك لا تشجع التفكير النقدي ولا تتهاون مع حوار مفتوح في حين تتسامح الإدارات مع العنف الجامعي بدليل تراجعها المذل في كل مرة تطبق فيها القانون بحق المشاركين في العنف والاعتداء على المرافق العامة للجامعة.

كما أن آلية تعيين مجلس العمداء غير واضحة وتخضع لحسابات ومعايير آخرها الكفاءة والمهنية والالتزام بالمعايير الأكاديمية، ويكفي أن رئيس جامعة سابق لم يكن يمتلك الجرأة لتعيين مجلس العمداء إلا بعد أن يعرض الأسماء على رئيس الوزراء، والأخير لم يتوانى عن تعيين اثنين من أقاربه أحدهم عميدا والآخر نائبا للرئيس! بعدها يجتهد اعضاء المجلس في ارضاء من اوصلوهم للمجلس ويغفلون أهمية تنمية الطالب وتأطيرة جيدا حتى يكون قادرا على التعامل مع أي معضلة بعيدا عن التشنج والمناطقية والعصبيات المقيتة التي حولت حرم الجامعة إلى ساحة عنف.

لم ينجح الدكتور عادل الطويسي في وضع حد للعنف في الجامعة وكان يتخذ قرارا بفصل طلبة ليتراجع عنه في الأسبوع الذي يليه ما أفقد رئاسة الجامعة هيبتها. وهناك قناعة عند الطلبة بأن إدارات الجامعة لا تمتلك الجرأة على فصلهم حتى لو أطلقوا النار في الحرم الجامعي بشكل مروع للطلبة والحياة الأكاديمية. وربما هذا الدرس الذي على الرئيس الجديد أن يتعلمه، فاستعادة هيبة ادارة الجامعة تتطلب موقفا حاسما في تطبيق القانون على الجميع دون تمييز وعلى خلق بيئة أكاديمية بعيدة عن التغولين الحكومي والأمني. بمعنى أن نجاحه لهذه المهمة الصعبة تتلخص بقدرته على أن يكون مستقلا في ادارته للجامعة ويفعل مجالس الجامعة بشكل مستقل أيضا عن أي تطاول من أي جهة كانت من خارج الجامعة. ودون ذلك فسيلقى ذات المصير الذي لقيه من سبقه.

تابعو الأردن 24 على google news