هيفاء وهبي ومحمد رمضان يثيران الجدل بالجزائر.. وتبون يتدخل

أمر الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، الحكومة باستحداث نص قانوني تتولى بموجبه وزارتا الداخلية والثقافة ضبط معايير استقدام الفنانين الأجانب، للحفاظ على مرجعية البلاد الثقافية ومواردها المالية.


ويأتي هذا القرار بعد موجة من الجدل عرفتها الجزائر، خلال الأسبوع الماضي، بسبب انتشار خبر مفاده أن وكالة سياحية قررت توجيه دعوة إلى الفنانة اللبنانية هيفاء وهبي والممثل المصري محمد رمضان وعدد آخر من الفنانين العرب للترويج للسياحة بالجزائر، وذلك بالتنسيق مع وزارتي الثقافة والسياحة.

تشجيع الفنان المحلي

وعلى إثر ذلك سارعت وزارة الثقافة والفنون الجزائرية لنفي الخبر، وقالت في بيان رسمي إن مسألة استقدام الفنانين العرب أو الأجانب لهذا الغرض أمر غير صحيح.

وأضاف البيان:"الأولوية للفنانين والمبدعين الجزائريين بالتشجيع والترويج للثقافة الوطنية والتراث المحلي والسياحة الداخلية".

وذكرت وسائل إعلام جزائرية محلية أن مصممة الأزياء الجزائرية محاسن حرزالله ستنظم عن طريق مؤسستها مهرجانا دوليا للتراث والسياحة، يجمع كوكبة من الفنانين العرب على رأسهم هيفاء وهبي، ومحمد رمضان، ومنة فضالي، وداليا البحيري، وأحمد زاهر، وروجينا، وهاني البحيري، ورانيا فريد شوقي.

وأثار الخبر موجهة من الجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر.

وأكد الإعلامي الجزائري المتخصص في الشأن الفني، سيد أحمد فلاحي، أن الهدف من تلك المبادرات يأتي لتحريك القطاع السياحي والتعريف بالتراث الجزائري.

وقال سيد أحمد لموقع "سكاي نيوز عربية":"الجزائر لا تزال متأخرة من حيث الإمكانيات السياحية، باستثناء المناظر الطبيعية وهو عنصر غير كاف كان من المفروض الاهتمام بالبنى القاعدية".

ودأبت الجزائر على توجيه دعوات إلى مشاهير الغناء العربي على رأسهم: كاظم الساهر، ونجوى كرم، وصابر الرباعي وغيرهم، الذين تكررت دعوتهم لإحياء حفلات كبرى في الجزائر بمبالغ ضخمة تدفع من خزانة الدولة، كما يقول رافضون لهذه الحفلات.

وأحصت وزارة الثقافة الجزائرية عام 2017 أكثر من 165 مهرجانا ثقافيا متنوعا، معظمهم خلال فترة تولي الوزيرة السابقة للقطاع خليدة تومي (2012-2014) الموجودة حاليا رهن الحبس المؤقت لمتابعتها قضائيا في تهم تتعلق بسوء التسيير وتبديد المال العام.

ومن جهة أخرى، أكد الفنان الجزائري عبد الباسط بن خليفة دعمه لفكرة تنظيم مسألة توجيه الدعوات للفنانين الأجانب.

وقال عبد الباسط لـ"سكاي نيوز عربية":"يجب أن تكون الأولوية للفنان الجزائري، فوضعية معظمهم توصف بالصعبة، خاصة في المجال الموسيقي".

وأشار بن خليفة إلى أن الظروف التي تمر بها البلاد حاليا على المستوى الاقتصادي تتطلب تشجيع الفنان المحلي، مع إعطاء الحق للفنان الأجنبي للحضور بالتساوي، وفق اعتماد معيار الإحترافية.

 
قرارات فضفاضة

ويرى منتقدو التعليمة الوزارية أن الأمر "فضفاض"، والأمر قد يفتح الأبواب أمام عرقلة النشاط الثقافي ككل.

وقال الناشط الثقافي عزيز حمدي لـ"سكاي نيوز عربية":" القرار الجديد إشارة على رغبة السلطة في الهيمنة على القطاع الثقافي".

وأضاف حمدي:" القرار لا يخدم القطاع بالدرجة الأولى، ومن خلال استخدام المصطلحات الفضفاضة، التي تجعل الناشط الثقافي يتخبط تحتها وسط الغموض الذي يهدف للتوجه نحو التضييق".

ويضرب الناشط الجزائري مثلا بمهرجان (ديما جاز)، ويتساءل هل الجاز يعكس الهوية الثقافية للجزائر؟، وقال:"وفق هذه التعليمة يمكن لأي مسؤول أن يأمر بتوقيف مهرجان الجاز".

وطرحت مسألة مشاركة الفنانين الجزائريين في الترويج للسياحة الجزائرية، الكثير من الجدل في الفترة الأخيرة، وقد تسبب الأمر في سوء تفاهم بين وزارة الثقافة ومغني الراي الجزائري كادير الجابوني، وذلك بعد قيام هذا الأخير بنشر خبر عبر صفحته الخاصة في "الإنستغرام" تفيد بتعيينه سفيرا للتراث الجزائري.

وقد سارعت وزارة الثقافة لنفي الخبر، بعد أن انتشر كالنار في الهشيم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وقالت الوزارة في بيان:"لا يوجد ألقاب من هذا المصاف ولا رتب لمن يخدم الثقافة والفن والتراث الجزائري".

تنظيم سوق الفن

ويرى المدافعون في فكرة تنظيم المشهد الثقافي عن طريق تقنين عملية جلب الفنانين الأجانب،أن الأمر يرتكز على فتح الأبواب أمام الشركات الخاصة التي ستكون ملزمة في الأخير بالتعامل وفق المنطق الرأسمي الذي يرتكز على قاعدة "رابح رابح" من خلال اقتسام أرباح شباك التذاكر.

ويلخص رئيس المجلس الوطني للآداب والفنون، محمد ساري، المشهد مشيرا إلى أن الأمر:"خطوة نحو إعادة تنظيم سوق الفن في الجزائر، وتشجيع القطاع الخاص وهو من شأنه المحافظة على أموال الخزينة العمومية".

وقال ساري لـ"سكاي نيوز عربية":"الأمر يأخذ شقين، الشق الأول خاص بالسياسية العامة للدولة، حيث يجب تنظيم الدعوات بشكل يخدم صورة الجزائر ومصالحها، مع التحفظ على الأسماء التي لديها مواقف معارضة للجزائر كبلد".

أما الشاق الثاني، فهو اقتصادي، حسب ساري كما قال :"السياسية السابقة لم تخدم الخزينة الجزائرية، بل كلفتها أتعاب كبيرة بسبب طلب الفنانين الأجانب لمبالغ كبيرة مقابل الغناء في الجزائر".