عجلون يا قطعة مني.. ثروات بلادي
كحبي لكل محافظات المملكة من شمالها إلى جنوبها هو حبي لمحافظة عجلون وقد تكون الأسباب عديدة لأن يميل القلب قليلا نحوها فوالدي الذي أعشق خدم عسكريا في سلاح الجو الملكي في قاعدتها وكان اسم هذه المحافظة يتردد دوما في صغري متلازما مع ذلك الزي العسكري الجميل الذي كان يرتديه ، و كيف لا أحبها وتلك الزميلة "الصمادية" قالت لي يوما وهي تنظر لي بمحبة وطيبة أهل بلدتها وكأنك يا صديقتي قد شربت يوما من مياهنا و أكلت من بلوطنا ففيك من صفاتنا الكثير.
عجلون والتي عرفها الأقدمون بجلعاد (مدينة الصلابة) إلا أنها تلامس شغاف قلبي برفق كلما ورد اسمها وكلما زرت قلعتها التي بناها عز الدين أسامة على قمة جبل عوف ، تلك القلعة الشامخة التي كنت وأنا أمارس عملي في دراسة صخور المنطقة المجاورة لها أنتظر أن تغرب الشمس وتتوارى خلف ذلك الجبل لأرى امتزاج أشعة الشمس بقمة الجبل لتظهر القلعة كعروس مرتدية باهي حللها.
عجلون ، المدينة ذات الارتباط الوثيق بدراستي لعلم الجيولوجيا فلدينا ضمن السلم الجيولوجي مجموعة عجلون والتي سميت بهذا الاسم لظهور التكشفات الخاصة بها بصورة واضحة في مدينة عجلون وهذه المجموعة التي تتميز بالصخور الكربوناتبة والتي نشأت بفعل بحر التيثس القديم الذي غمر المنطقة الوقعة للغرب والشمال الغربي من بلادنا فتشكلت صخور جعلت هذه المحافظة تتميز بوجود أفضل حجارة للبناء فيها لما فيها من صفات الجودة وقوة التحمل وجمال منظرها، و كما هي صخور البناء فالجبس أيضا والذي يتواجد في السفوح السفلية لجبال عجلون و حديد وردة (خامات وردة) في منطقة تل القويدر هذه الخامات التي ما إن ترد إلى ذاكرتي أرى روحي تغادرمكانها متوجهة إلى ماض قديم كانت فيه هذه المنطقة مسرحا لتاريخ مرتبط بصلاح الدين.
عجلون رئة الأردن ومتنفسه البيئي التي ترتدي أجمل أثوابها في فصل الربيع وتعتبر متنفسا لأبناء الأردن من شماله إلى جنوبه ومنهم من يرتادها متوجها لكافة قراها الجميلة من عرجان لراسون ، صخرة ، راجب ، عنجرة ،عين جنة و الكثير الكثير التي تنعمت في أثناء قيامي ببحثي في دراساتي العليا بالتجول فيها تفيأت ظلال أشجارها من بلوط وزيتون رومي وحمضيات ، مساحاتها الزراعية كبيرة والمستغل منها قليل وفيها ما يقارب 170 ألف دونما غير مستغلة رغم قابليته للزراعة.
غزارة الأمطار في هذه المحافظة و تسرب قسم كبير من هذه الأمطار في الصخور الجيرية ذات الشقوق والفواصل المكونة لأرضها جعل ينابيع المياه تتفجر من بين صخورها كنبع عين سرابيس ونبع عين أم العبر ووادي الساخنة وشلال راجب وينابيع أخرى كثيرة في في مواقع مختلفة فتنعش الحركة السياحية فيها فالكثير ممن يزورها يكن متعطشا لأن يرى الماء و الخضراء وبالطبع الوجه الحسن لقاطنيها ومع ذلك فعيون المياه فيها تعاني من مشاكل تتعلق بعدم رعايتها وتطويرها.
عجلون الحبيبة بكل ما فيها من مناطق أثرية و سياحية و غابات و ثروات طبيعية بالإضافة للثروات البشرية وما يتميز به أهلها من شهادات علمية وأصحاب حرف لا يزالون يعلقون آمالال كبيرة على الخطط التنموية الشاملة التي أمر جلالة الملك عبدالله الثاني لهذه المحافظة والتي نأمل أن تتحقق في أقرب وقت وخاصة فيما يتعلق بالسياحة و الزراعة ومختلف مناحي الحياة بما يتناسب مع تحتويه هذه المحافظة من ثروات و بما يستحقه اهلها الذين يبذلون الغالي و النفيس في مواقعهم لرفعة البلد وتطورها ، ويجب السعي بشتى الطرق لتحقيق الأمن النفسي و المعنوي لأهلها ولا بد من العمل بجد لتحفيز القطاعات الخاصة للاستثمار في هذه المحافظة لأن معدلات الفقر والبطالة فيها بتزايد مستمر وهذا لا يتناغم أبدا مع ما تحويه من ثروات .
تحقيق الخطة التنموية الشمولية لمحافظة عجلون هو واجب وطني على جميع أبناء هذا البلد و على كل منتم ومحب للوطن بأكمله ،وكما كنت و سأكون تلك الحالمة التي كلما ساقتها الفرصة لزيارة عجلون مرورا برأس منيف أستشعر جمال بديع الخالق فيما خلق و أحلم بتحقيق كل الخطط التنموية لبلدنا الغالي و أنا أردد كلمات الأغنية التي أحب عجلون يا قطعة مني ....وستبقين مني.