وثائق تنشرها ال Abc تؤكد عبث الفيسبوك بالمحتوى الفلسطيني وانحيازه لكيان الاحتلال

 


كتب احمد عكور -   كنا ومنذ سنوات طوال قلنا ان العقلية التجارية الصرفة التي تدير بها شركة الفيسبوك - وهي في اوج ازدهارها وانتشارها وقوتها - ، حولتها من شبكة تواصل اجتماعي  الى شبكة للتباعد والقطيعة الاجتماعية ، حيث لا يصلك من متابعيك واسرتك واصحابك الا النذر اليسير من الادراجات ، وعلى نحو غير منتظم و بوقت متاخر في غالب الاحيان  ، وكل ما يجري تداوله لديك على جدارك الزمني time line ، هو معلومات اختارت ادارة الفيس بوك او لوغارذماتها ،  ان تدرجها على صفحتك الخاصة ، الى جانب الغزو الاعلاني القائم على التجسس على الحسابات الشخصية للافراد دون اذن مسبق .. 

كنا قد تحدثنا عن عمليات القرصنة التي تتم على المحتوى العربي من اخبار و موضوعات وفيديوهات وصور ، تنتجها وسائل اعلام ويجري تداولها والتفاعل معها والتعليق عليها على الفيس بوك ، وكأن هذه القطع ملكا للفيس بوك ، وهي ليست كذلك ، وسائل الاعلام العربية تعاني الامرين لانتاج المحتوى ، وتأتي ادارة الفيس لتنقض عليه دون اذن مسبق او ترتيب يعود بالنفع والفائدة على الطريفين ؛ ناهيك عن عمليات الغِش التي لجأت اليها الشركة ، حين اقنعت الافراد والشركات ووسائ الاعلام بحاجتهم لزيادة عدد المتابعين والمتفاعلين مع ما ينشر من ادراجات ،  من خلال شراء الظهور والمتابعين عن طريق ال boosting ، وهو الامر الذي دفع الجميع للترويج لمحتواه وصفحاته و الوصول الى اكبر عدد ممكن من الناس ، وبعد ان انتهت هذه الموجة ، قررت ادارة  الفيس بوك ان تحدد نسب وصول المنشورات دون الاخذ بعين الاعتبار كل تلك المليارات التي دفعت للوصول الى اعداد كبيرة من المتابعين والحسابات التي لم تعد تصلها الادراجات  على الاطلاق .. الفيس بوك اخذ يتحكم بالوصول reach ، وهو بذلك الغى قيمة عدد المتابعين للصفحة،  وما عاد ممكنا ان تصل الادراجات الا للنسبة التي تحددها ادارة الفيس بوك . وهذا تغرير وكسب غير مشروع ، ومحاولة لمص دماء الناس واستغلال حاجتهم الدائمة لترويج وتسويق محتواهم .

كنا قد اشرنا  ايضا في تغطيات سابقة لانحياز هذه الوسيلة -الفيس بوك  على وجه التحديد-  لدولة الاحتلال الاسرائيلية، وقدمنا عشرات الادلة على هذا الانحياز غير الموضوعي وغير المهني لرواية الكيان الصهيوني، والقيود التي تفرضها على محتوى وحسابات المتضامنين مع القضية الفلسطينية .. ،لكن حينها كان ضجيج الدهماء يملأ الكون وشبكات التواصل ، والسجالات الفارغة الساذجة تصم الاذان  و تصرف الانتباه عن الاشياء المهمة  .. اليوم حدث تطور جديد كشف للعالم الوجه الحقيقي البشع لهذه الوسيلة التواصلية الموجهة والمادية ،هذه الوسيلة التي انقلبت على الغاية من وجودها انقلابا كاملا ، وما عادت تحفل بالفكرة والقيمة .. 


في الامس ، نشرت  قناة الـ abc NEWS  في موقعها الالكتروني ، وهي قناة امريكية ذائعة الصيت ،  تقريرا موسعا عن وثائق تؤكد عبث الفيس بوك بمحتوى وحسابات افراد سجلوا انحيازهم للقضية الفلسطينية ابان الاعتداء الصهيوني الغاشم الاخير على القدس و غزة والضفة الغربية.

الوثيقة التي عنونت ب "مخاوف من اضافة المزيد من القيود والمحددات على المحتوى المتعلق بفلسطين " تضمنت تساؤلات تقدم بها عدد من موظفي الفيس بوك ، حول الاسباب التي تدفع ادارتهم  لفرض قيود واضحة على صفحة الناشط الفلسطيني المعروف محمد الكرد على شبكة الانستغرام التابعة للفيس بوك .

الوثيقة التي وصلت القناة الاخبارية الامريكية المعروفة وعدد من وسائل الاعلام الاخرى عن طريق احد موظفي او مستشاري الكونغرس الامريكي ، اظهرت الاحباط الذي  احس به هؤلاء الموظفون لعدم معرفتهم او استيعابهم للاسباب التي دفعت الشركة لتحديد واضعاف الوصول لحساب الكرد على الانستغرام ، انزال رتبة التعليقات وحظر بعضها بدعوة مخالفتها لقوانين الفيس بوك !! 

الموظفون بينوا في الوثيقة ان حساب الكرد هو ليس الحساب الوحيد الذي فرضت عليه القيود والمحددات ، وهنا تساءل الموظفون : هل يمكن ان نحقق بهذا الامر ؟ لماذا تصبح جميع التعليقات والادراجات المتعلقة بالقضية الفسطينية قليلة الوصول والتفاعل والمشاركة  ال share ؟!!

في أعقاب تلك الأزمة ، جاء في التقرير الذي نشرته ال abc news  ان  ما يقرب ال 200 موظف في Facebook قد وقعوا رسالة مفتوحة تدعو ادارتهم  لمعالجة  الرقابة التي تفرض على  الأصوات المؤيدة للفلسطينيين على المنصة ، وفقًا لتقرير صادر عن Financial Times.

ادارة الفيس بوك ردت على  الصحيفة بالقول : بان خللا فنيا كان قد وقع ابان الازمة اثر على ملايين الحسابات،  بما فيهم بعض الفلسطينيين ، وانه قد تم حل هذه المشكلة بسرعة ، كما رفضت الادارة مزاعم ان ضغوطا تمارس عليهم من قبل حكومة الكيان الاسرائيلي المحتل لازالة المحتوى الفلسطيني من المنصة ، وانهم يسعون للفهم والتطوير (..)..

 وكالة ال أسوشيتيد برس اصدرت في 25 أكتوبر / تشرين الأول تقريرا صحفيا موسعا ، استنادًا إلى وثائق داخلية أخرى على موقع فيسبوك ، اكدت فيه  حدوث قضايا أوسع داخل فيسبوك حول تعديل المنشورات والحسابات باللغة العربية ، بما في ذلك حذف الملفات الشخصية الخاصة بالصحفيين والنشطاء الفلسطينيين ، والأوتوماتيكية الحمراء- الإبلاغ عن مجرد ذكر الجماعات المسلحة- .

كما أخبر موظفون سابقون في Facebook وكالة أسوشييتد برس أن العديد من الحكومات تهدد الشركة بفرض القيود و اللوائح والغرامات في محاولة للضغط عليها. كما أخبر رئيس السياسة الإقليمية السابق لشركة Facebook ، والذي ترك الشركة في عام 2017 ، وكالة الأسوشييتد برس أن المسؤولين الإسرائيليين يغمرون او يغرقون الشركة بأوامر إزالة الحسابات والمنشورات الفلسطينية.


لا غرابة ان مارك زوكربيرغ قرر مؤخرا تغيير الاسم التجاري لشركته من الفيسبوك الى ميتا meta ، واضح ان قيمة ومكانة وسمعة العلامة التجارية قد تعرضت لهزات و تقلبات تؤذن بانه قد شارف على الخروج من قطاع لم يحترم لغته وابجدياته ..