jo24_banner
jo24_banner

الإساءة للأديان هدم للمشترك الإنساني

علي السنيد
جو 24 :


نحن لسنا في معرض الدفاع عن الرسول محمد عليه الصلاة والسلام وذلك في مواجهة اعادة نشر الصحيفة الفرنسية الصور المسيئة لحضرته الشريفة، فهو المدافع عنه في اصل ذاته العلية، هو الرسول المنزه عن النقائص والعيوب. والمشتمل على الكمالات الانسانية كلها، وتعاظم في خلقه حتى وصفه الله تعالى بقوله "وانك لعلى خلق عظيم"، فتجمعت فيه الفضائل، واستحالت عليه الرذائل والدنايا.

وكذلك فإنه يقع تحت مظلة ربه مباشرة والذي قال في حفظه "انا كفيناك المستهزئين"، وحسبه منزلة ان الله تعالى قال فيه "ان الله وملائكته يصلون على النبي"، ولذلك ملأ اسمه العصور والدهور، والقرون، وملأ اسماع الدنيا وبصرها الى ان يرث الله الارض ومن عليها.

ولكننا معنيون ان ننفي عن امتنا وتاريخنا صفة الارهاب الذي وجدنا من بني جنسنا من يتبنى مؤامرة اتهامنا به. ومن نافل القول ان مقاومة المحتل، والدفاع عن التراب الوطني ليس ارهابا في عرف كافة الامم والشعوب.

ويكاد التاريخ العربي والاسلامي يخلو من أية حوادث صادمة ضد البشرية، او تخل بالسلم الانساني بل ان الاسلام اقام الامة الفكرية التي تتسامى على الاعراق والالوان والاجناس، وذابت فيه الهويات القومية والوطنية، واشاد البنيان الانساني على اساس من انسانية الانسان في حين ان الغرب الذي بات ينعتنا بالارهاب هو الذي عبر تاريخه انتج الفاشية، والنازية، والصهيونية، والحروب الصليبية، والاستبداد الكنسي، ومحاكم التفتيش، والحرب العالمية الاولى، والحرب العالمية الثانية، وحركة الاستعمار الحديث، والتطهير العرقي، والابادة الجماعية، واسقط القنابل الذرية على الشعوب، وهو الذي اخترع وطور الاسلحة النووية واسلحة الدمار الشامل، واطلق سباق التسلح، وكل ما يرتبط بذلك من دماء بشرية أُزهقت، او عذابات وشقاءات وقعت في حياة الشعوب والامم.

ونؤكد هنا ان الامم والشعوب لها بعد حضاري يستقيم وفق منظور انساني مشترك، ومن اولى اولويات الحفاظ على المشترك الانساني وعدم هدمه "حماية العقائد والاديان من ان يستهزئ بها"، وكذلك المشاعر الوطنية، والخصوصيات الوطنية، والانتماءات القومية.

وان حرية الرأي لا تُنال بالاستهزاء بالمعتقدات التي تخص مئات الملايين من البشر وربما المليارات منهم، ووضعها موضع السخرية، وفي ذلك اعتداء عام على كافة معتنقي هذه الديانات المستهزئ بها، او برموزها التاريخية، ومقدساتها.

والسخرية من الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام تطال الإساءة مليار ونصف المليار مسلم في كافة أنحاء الأرض، ويتم طعنهم في عقيدتهم، وهذه ليست حرية رأي، او ممارسة للتفكير والتعبير، وإنما إثارة للكراهية الدينية، وهدم للمشترك الإنساني، وإحداث شرخ في النظام الإنساني، وتأجيج للصراع الديني.

ونحن في ديننا الحنيف يكرم كافة الأنبياء والرسل، وتكرم كتبهم ويعتبر الإيمان بهم جزء من الإيمان برسالة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام.

وفي النهاية أتمنى على فرنسا رائدة الفكر الحديث، وقد كان لها وقفات مع القضايا العربية في العقود الأخيرة، وان كنا تاريخيا نحن احد ضحايا نزعتها الاستعمارية أيضا، إلا إننا لا نقبل أن تأتي الطعنة من قبلها، وان تؤجج صراع الشرق والغرب على أساس ديني مجددا، وعليها ان توقف مهازل صحيفة هامشية احدثت بسلوكها الشنيع مقتا وحنقا وغضبا في كافة ارجاء العالم العربي والاسلامي ازاء فرنسا.
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير