jo24_banner
jo24_banner

حريّة الرقابة والتجريم لدى الـ "سي ان ان" وأخواتها

حريّة الرقابة والتجريم لدى الـ سي ان ان وأخواتها
جو 24 : تامر خرمه- حريّة الرأي والتعبير تستند على ما يبدو إلى مبدأ "الناس خيار وفقّوس"، حيث تكون هذه الحريّة أهمّ حقوق الإنسان في حال، و"جريمة شنعاء" في أحوال أخرى.

هذا ما عكسته تداعيات المشهد الباريسي، عندما قرّرت لوبيّات متغطرسة، ووسائل إعلام عالميّة، "تكفير" صحافيّيها الذين عبّروا عن رأيهم بجرائم "اسرائيل".

عندما يقتل صحافي "أزرق العينين" و"أحمر الرقبة" فهو "شهيد الحريّة" الذي يفرض على قادة العالم وزعمائه تنظيم أعظم استعراض سياسيّ "على روحه"، ولكن التطرّق لقتل الآلاف من صحافيين وأطفال وفلسطينيّين عزّل، يعدّ من كبائر المحرّمات !!

تغريدة جيم كلانسي، المذيع السابق في "السي ان ان"، على موقع التواصل الاجتماعي "التويتر"، كلّفته عمله، فيما انهالت الرسائل على الصحافي تيم ويلكوكس، العامل في الـ "بي بي سي" تطالبه بالاستقالة.. لماذا؟

كلانسي كان قد وجّه نقدا لـ "اسرائيل" مشيرا إلى تحريضها للفرنسيين لزيادة الهجمات والضغوط على المسلمين، وحول قضيّة "تشارلي ايبدو" "غرّد" كلانسي بعبارة: " الدعاية الإسرائيلية تتحمل جزءً من مسؤولية الهجوم". أمّا ويلكوكس فقال لأحدهم خلال مسيرة باريس: "هناك الكثير من النقد يوجّه الى سياسة اسرائيل حول معاناة الفلسطينيّين بشكل كبير علي أيدي اليهود". جملة فتحت على صاحبنا أبواب "جهنّم".

"اسرائيل" خطّ الصحافة الغربيّة الأحمر. المسألة لا تقتصر هنا على "السي ان ان" أو الـ "بي بي سي" التي طلما قيّدتا حريّة العاملين فيهما بالرأي والتعبير، فعلى سبيل المثال لا الحصر، سبق وأن قدّم ماكس كيسر استقالته من "البي بي سي" بعد تلقّيه أوامر صارمة بعد ذكر "اسرائيل" بسوء، ناهيك بسحب جيرمي بوين من غزّة لأنه ذكر بأحد تقاريره المعدّة لتلك المؤسّسة "الإعلانيّة" أنه لم يرَ دليلاً على أن حماس تستخدم المدنيين كدروع بشرية.

لا يقتصر خنق حريّة الرأي والتعبير هنا على الـ "بي بي سي" والـ "سي ان ان"، بل يتجاوزه إلى منظومة الإعلام برمّتها، فهي آلة غسل الأدمغة التي لا تتوقّف عن العبث بجماجم ينخرها الغباء.

طريف هو المشهد عندما يتشدّق الإعلام والمؤسّسات الغربيّة بـ "دفاعها" عن حريّة الرأي والتعبير في بلادنا، فهل ينبغي على "باب النجّار" أن يكون "مخلّع" بهذا الشكل الفاضح ؟!

"الباب" ليس "مخلّع" فحسب، بل أعمدة وسقوف ونوافذ حريّة الرأي والتعبير في "العالم المتحضّر" تهوي على رؤوس إعلاميّيه وشعوبه، فمن يجرؤ على "إنكار الهولوكوست" مثلا، أو على توجيه نقد لـ "اسرائيل" بالقدر الذي "يليق" بجرائمها البشعة ؟!

بصراحة، عندما يتعلّق الأمر ببعض القضايا كجرائم الصهيونيّة وما إلى ذلك، فإن أكثر الصحف الرسميّة المهيمن عليها بوليسيّا في بلاد العرب، تحظى بالحريّة أكثر ممّا تحظى به كافّة المؤسّسات الإعلاميّة "الكبرى" في البلاد التي تتباطأ الشمس في الإشراق عليها.. لذا فإن التنظير حول هذه الحريّة بات مسألة في غاية السماجة.


تابعو الأردن 24 على google news