محللون يحذرون من انتقال دوامة العنف من سورية عبر الاشتباكات على الحدود الشمالية
امل غباين - للمرة الثانية خلال اسبوع، يندلع اشتباك على الحدود الشمالية، ما يهدد المصلحة الوطنية للأردن التي تقتضي بقاءه على الحياد حيال ما يدور في سورية.
كما ان انقسام الشارع الأردني حول ما يجري في سورية من احداث دامية، يقتضي ان ينأى الأردن الرسمي بنفسه عن الانحياز لأي من وجهتيّ النظر، حماية للمصلحة الوطنية العليا.
اضف إلى ذلك تفاقم مشكلة اللاجئين السوريين في الاردن وتزايد اعدادهم، في ظل تخلي المؤسسات الدولية عن واجباتها تجاه قضيتهم الإنسانية.
المصادر الأردنية الرسمية اكدت انها اتخذت كافة التدابير اللازمة لحماية حدودنا الشمالية، فيما يحذر كتاب وسياسيين من انتقال الأزمة إلى الأراضي الأردنية بشكل أو بآخر، حيث انه لا بديل عن إنجاز الإصلاح السياسي لتحصين الوطن من أي تقلبات في المناخ الإقليمي أو أية تهديدات خارجية.
وزير الاعلام الناطق باسم الحكومة سميح المعايطة أكد أن أولوية القوات المسلحة في هذه المرحلة الحفاظ على البلد والمواطن، وتوفير الحماية للاجئين السوريين حال دخولهم الاراضي الأردنية.
وقال في تصريح لـjo24 أن الحكومة لن تخوض بالافتراضات والاحتمالات ولن تتعامل معها بل سيكون عملها على صعيد الزمة السورية منصب على الوقائع.
ومن جهته أبدى الخبير والمحلل العسكري مأمون أبو نوار تخوفه من سيناريو محتمل وصفه بالمتطرف الا وهو ارسال قوات عسكرية اردنية لسورية مؤكدا انه في حال حصل هذا، لن تكون تلك القوات قادرة على حماية نفسها، بل ستعمل ضمن بيئة "ملوثة" تشوبها عمليات انتقام قد تمتد لفترة طويلة من الزمن.
وأضاف: "يمكن للأردن ان يكون له دورا محوريا من خلال الإسهام ضمن قوات حفظ سلام مشتركة بين دول عربية وتركيا، وهذه المسألة تنبغي دراستها منذ الآن".
وتابع أن مهمة الجيش الأردني في مثل هذه الظروف يجب أن تتكثف باتجاه حماية الحدود ومنع تهريب الاسلحة وصد اي محاولة لنقل الفوضى من سورية إلى الأراضي الأردنية، مشيراً في ذات السياق إلى ان الجيش الاردني لا يمكنه التزام الصمت في حال مست سيادة اراضيه.
وقال انه ونظراً لعدم وجود منطقة حدودية عازلة فإن الاشتباكات بين الطرفين الاردني والسوري قد تكون محتملة، خاصة أنه -حسب وجهة نظره- لن يقف اي عنصر من القوات المسلحة مكتوف الايدي حيال الاعتداء على اي لاجئ يحاول دخول اراضي المملكة وستدفعه اخلاقه العسكرية ومشاعره الانسانية للتدخل لصالح الطرف الاضعف وحينها قد يقع المحظور.
وحسب معلومات حصل عليها ابو نوار من مصادر عسكرية فإن سورية تمتلك اسلحة كيماوية عراقية تم ارسالها خلال حرب الخليج عبر 50 رحلة طيران ورحلات برية بمساندة روسية، مشيراً إلى أنه يجب على المجلس العسكري الانتقالي والجيش السوري الحر أخذ الحيطة والحذر عند السقوط المفاجئ لنظام بشار الأسد بحيث تتم مراقبة الاماكن التي تتواجد بها تلك الأسلحة..
رئيسة تحرير جريدة الغد جمانة غنيمات قالت من جانبها أن الذي يحدث على الحدود الاردنية السورية مجرد تبادل اطلاق نار وليس اشتباك بين الجيشين، مشيرة إلى انه يجب على القرار الحكومي ان يكون باتجاه إبقاء الوضع على الحدود ضمن ما هو عليه لضمان عدم نقل الفوضى للأردن، بالإضافة إلى تكثيف التواجد العكسري على الحدود لضمان عدم الاختراق.
وتابعت أنه ليس من مصلحة الأردن ان يفتح اكثر من جبهة لذا عليه تمكين الجبهة الداخلية لتوحيد الصف الداخلي من خلال اصلاحات سياسية وبرلمان قوي والعمل على انخراط كافة اطياف المجتمع في بوتقة واحدة.
وقال غنيمات أن الحكومة إما انها لا تدرك خطورة ما يدور في سورية على الاردن أو انها تعلم وتتجاهل، مبينة أن الاصلاح هو الضمانة الوحيدة لحماية البلد من اية فوضى قد تنتقل اليه من سورية.
واكدت ان المشهد الداخلي المحتقن والغاضب من شأنه أن يشكل بوابة للانتقال الفوضى، مضيفة أن الحل يكمن بحل اقتصادي وسياسي لاشاعة الامان واعادة جسور الثقة ما بين النظام والشعب بحيث يلتف الأخير حول الأول دون تخوف او شكوك.
وختمت غنيمات بأنه يجب على الأردن ان يتحمل مسؤوليته الانسانية تجاه اللاجئين السوريين الا انها قالت انه يجب على المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته ايضاً كون الاردن لا يمكنه تحمل كلفة استضافة ما يقارب المليون لاجئ - حسب التوقعات.
المحلل السياسي محمد ابو رمان قال من جهته "لا نقدر حجم الاشتباكات أو فيما إذا كانت ستؤدي لتطور سياسي او تطور على ارض الواقع" مبديا تخوفه في حال ازاد التوتر على الحدود من ان يتم اتخاذ ذلك كذريعة لفرض قانون الطوارئ او تأجيل الانتخابات.
واتفق ابو رمان مع ما جاءت به غنيمات حيال اهمية الاصلاح السياسي والاقتصادي، مؤكداً أن قانون الانتخاب خلق ازمة بين الدولة والشارع.
وتابع "ان الواقع لا يشجع على اتخاذ قرارات صعبة تحظى بشعبية، وذلك بسبب انعدام المصداقية والثقة بين الشعب والنظام، فلن يتقبل الشارع اي قرار قد تتخذه الحكومة قبل استعادة المصداقية والثقة".
واكد على انه كان يجب على النظام ترتيب بيته الداخلي قبل الثورة السورية مضيفاً "ان التخوف من الفوضى يجب ان يكون الدافع الرئيسي لعمل الاصلاحات لحماية البلد من الانزلاق بما وقع به غيره من الدول، لا أن يتخذ التخوف من الفوضى سيفا مسلطا على الرقاب".