ملاحظات "دافع" على تقرير "هيومن رايتس"
تدارس مركز دافع للحريات وحقوق الانسان التقرير العالمي الذي اصدرته منظمة هيومن رايتس ووتش ، والذي تناولت فيه حالة الحريات في المملكة الاردنية الهاشمية .
ورأى المركز ان التقرير يشوبه العديد من الادعاءات والمغالطات والتناقضات ما يثير الشكوك والريبة حول مقاصد التقرير الخفية والمصادر التي اعتمدت عليها المنظمة في تقريرها، معتبرا ان قيمة التقرير لا تساوي الحبر الذي كتب فيه.
ووصف المدير العام للمركز جهاد ابو بيدر التقرير بالانتقائي والسطحي، اذ إعتمدت المنظمة ، على ما يبدو ، على روايات غير دقيقة واستند الى حالات فردية لا يمكن تعميمها على حالة الحريات في المملكة .
وطرح ابو بيدر بعض الحالات التي تناولها التقرير، فقد اعتمد التقرير على رواية مغلوطة حول واقعة اغلاق قناة العباسية في الاردن، حيث لم تشر المنظمة الى سبب اغلاق القناة واعتقال العاملين فيها والمتمثل بالعثور على اسلحة داخل مقر القناة وكذلك عدم حصولها على ترخيص ، ما يسقط عن الواقعة اي شبهات بانتهاك الحريات الصحفية.
وفي حالة اخرى، انتقد التقرير رفض المملكة استقبال اللاجئين الفلسطينيين من سوريا، متجاهلا المخاوف الديمغرافية والاقتصادية المشروعة ، لاسيما ان الاردن ما زال يتحمل اعباء اللجوء المتواصل الى اراضيه منذ اكثر من 60 عاما ، في ظل تخاذل الدول المانحة والامم المتحدة التي تخلت عن مسؤولياتها ، وكان على منظمة هيومن رايتس ووتش ان توجه سهام نقدها لدولة الكيان الصهيوني وتحملها المسؤولية القانونية والاخلاقية تجاه اللاجئين الفلسطينيين وتطالب السلطات الصهيونية بفتح المجال امام عودة الفلسطينيين الى ارضهم المحتلة بدلا من الاستقواء على الاردن .
من جانب اخر، انتقد التقرير ما اعتبره تراجعا في حرية التعبير في المملكة كما انتقد تجريم القانون الأردني الآراء التي تنتقد الملك أو المسؤولين الحكوميين أو المؤسسات الرسمية والدين الإسلامي، وتجريم أي تعبير عن رأي يُعتبر تشهيراً بالغير، ما اعتبره مركز دافع كلام حق يراد به باطل ، فحرية التعبير مصانة في حدود القانون ، أما حرية التعبير التي تطالب بها المنظمة فهي اقل ما يقال عنها انها وصفة خراب ، ودعوة لاثارة النعرات الطائفية والفتنة ، حين ينتقد التقرير ضمنا القوانين التي تحظر المساس بالاديان او التشهير بالاخرين.
أما حرية التجمع والتنظيم فقد ناقض التقرير ذاته بذاته، اذ من ناحية اقر التقرير بانه " لم يعد الأردنيون بحاجة إلى الحصول على موافقة الحكومة لعقد الإجتماعات العامة أو تنظيم المسيرات والمظاهرات" ، إلا انه حمل الدولة مسؤولية اشتراط " الفنادق وغيرها من المرافق التي يتم تنظيم الاجتماعات والفعاليات العامة بها موافقة دائرة المخابرات العامة قبل إستضافة أي فعالية أو إجتماع عام "!! .
وكالعادة، كانت المرأة وحقوقها مادة دسمة لتباكي بعض المؤسسات الدولية التي تعنى بحقوق الانسان والحريات ، والحلقة الاضعف التي تحاول جهات مشبوهة استغلالها للتدخل في الشؤون الداخلية للدول ، غير ان اللافت في تقرير هيومن رايتس ووتش هو محاولة اثارة الفتنة بين الطائفتين المسيحية والاسلامية من خلال التطرق لقضية حرية المعتقد وتناول حالات فردية لا تشكل ظواهر حقيقية، وهو ما يدينه مركز دافع باشد العبارات ويعتبره تدخلا سافرا ومرفوضا ومحاولة بائسة لتشويه الخصوصية الاردنية.
ويدعو المركز منظمة هيومن رايتس ووتش الى تسليط الضوء على الاضطهاد الذي تعانيه المرأة في بعض المجتمعات في الولايات المتحدة الامريكية وداخل الاراضي المحتلة، اذ تعتبر المرأة في تلك المجتمعات كائن مستباح ونجس وادنى من البشر وسط صمت الاصوات التي تزعم دفاعها عن حقوق المرأة.
وخلص المركز الى ان التقرير تقصد تزوير الحقائق وتشويه حالة الحريات في المملكة كوسيلة للتدخل في الشؤون الداخلية للاردن، وفي الوقت الذي اعتبر فيه التقرير ان الضمانات الدستورية لا قيمة لها أكثر من الحبر الذي كتبت به، يشدد المركز على ان الظروف الاقليمية والازمات المتوالية التي تحاصر المملكة منذ 4 سنوات لم تستغل من قبل النظام لتعليق مسيرة الاصلاح بل ان رأس النظام كان سباقا في التأكيد على ان الاصلاح غير مرتبط بالظروف وبأنه ضرورة وليس خيارا.
ودعا المركز المنظمات والهيئات والمؤسسات الدولية التي تعنى بحقوق الانسان والحريات الى ضرورة توخي الدقة والموضوعية في اعداد التقارير ، وان تستند الى روايات حقيقية وواقعية وان لا تلتفت الى روايات مدفوعة الثمن يسعى رواتها الى تحقيق مصالح شخصية على حساب الحقيقة ، مشيرا الى ان ثمة انتهاكات وتجاوزات في امريكا ودول اوروبية اكثر قيمة وخطورة من القضايا التي ذكرها تقرير هيومن رايتس ووتش .
واوضح المركز ان منظمة هيومن رايتس ووتش فقدت مصداقيتها في السنوات الاخيرة من خلال تقاريرها مدفوعة الثمن والموجهة ضد دول بعينها ما يؤكد بأنها تقارير سياسية بالدرجة الاولى.
ومن جانب اخر، رأى المركز أن الحكومة الاردنية ومجلس النواب يتحملان جزء من المسؤولية عن حملة التشويه التي تستهدف المملكة، من خلال التباطؤ في اجراء الاصلاحات التشريعية واتخاذ خطوات تنفيذية لتحقيق العدالة واشاعة الحريات وتكريس حقوق الانسان ، ما يتسبب باحداث ثغرة تستغلها جهات مشبوهة لتحقيق مآرب ومخططات مسمومة تضرب الوحدة الوطنية وتعمق الخلافات وتدفع البلاد نحو الفوضى .
ودعا المركز الحكومة الاردنية الى معالجة كافة الثغرات التي تعكس صورة سلبية غير واقعية عن حالة الحريات في المملكة لقطع الطريق امام تجار حقوق الانسان والحريات في الداخل والخارج.