طعن في دستورية قانون القضاء الإداري بقضية الملقي
جو 24 : عقدت المحكمة الإدارية اليوم الأحد (15/2/2015) ثاني جلساتها برئاسة رئيس المحكمة القاضي جهاد العتيبي وعضوية القاضيين نشأت الأخرس وسعد اللوزي للنظر في الطعن المقدم من المحامي إسلام الحرحشي وكيل الباحث القانوني مؤيد المجالي في قرار مجلس الوزراء القاضي بتعيين الدكتور هاني الملقي رئيساً لمجلس مفوضي سلطة منطقة العقبة الاقتصادية.
وفي هذه الجلسة قدم المحامي إسلام الحرحشي وكيل المستدعي وفي سابقة هي الأولى من نوعها دفعاً بعدم دستورية البند (هـ) من الفقرة (ب) من المادة (5) من (قانون القضاء الإداري رقم 27 لعام 2014) الذي ينص على ما يلي:
(لا تقبل الدعوى المقدمة ممن ليس له مصلحة شخصية)
وقد قدم المحامي الحرحشي هذا الدفع بعدم الدستورية رداً على الدفع المقدم من قبل النيابة العامة الإدارية ممثل مجلس الوزراء لرد الدعوى شكلاً لانتفاء المصلحة الشخصية، حيث قالت أنه لا يوجد مصلحة شخصية للمستدعي مؤيد المجالي في رفع هذه الدعوى حيث أنه لم يكن منافساً للدكتور هاني الملقي الذي تم تعيينه رئيساً لمجلس مفوضي سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، ولم يشترك معه في مسابقة وظيفية ونال علامة أكثر منه، وبالتالي لم يكن في مركز قانوني مماثل مع الدكتور الملقي.
إلى ذلك قررت المحكمة رفع الجلسة إلى يوم الأحد الموافق (22/2/2015) لإمهال رئيس النيابة الإدارية القاضي محمد المبيضين لتقديم رده على هذا الدفع بعدم الدستورية.
وتالياً نص الدفع بعدم الدستورية كما ورد:
لدى المحكمة الادارية الموقرة
مذكرة دفع بعدم الدستورية
في الدعوى رقم (250/2014)
أصحاب الشرف والعدالة،،
يقدم المستدعي لمحكمتكم الموقرة هذه المذكرة للدفع بعدم الدستورية وفق أحكام المادة (11) من قانون المحكمة الدستورية، وهو دفع من الدفوع المتعلقة بالنظام العام التي تقدم في أية مرحلة من مراحل الدعوى، أو أي دور من أدوارها، ويؤكد المستدعي أن هذا الدفع الذي يقدمه بعدم الدستورية هو دفع جدي وتتوافر فيه أسبابه والشروط الشكلية والموضوعية، وهو دفع حقيق بالإجابة، بوقف السير في هذه الدعوى مؤقتاً، وإحالته إلى المحكمة الدستورية وفق القانون والأصول.
أصحاب الشرف والعدالة،،
أولاً: قدم المستدعي هذه الدعوى لدى المحكمة الإدارية الموقرة للطعن في قرار مجلس الوزراء رقم (6441) تاريخ (9/11/2014) المتضمن الموافقة على تعيين معالي الدكتور هاني الملقي رئيساً لمجلس مفوضي سلطة منطقة العقبة الاقتصادية، المنشور في الجريدة الرسمية العدد (5311) تاريخ (16/11/2014)، وقد بين المستدعي في لائحة استدعائه وقائعها وأسباب الطعن في القرار الطعين، وتختص المحكمة الإدارية بموجب قانونها بنظر هذا الطعن والفصل فيه.
ثانياً: قدمت الجهة المستدعى ضدها في لائحتها الجوابية دفعاً شكلياً مفاده أن دعوى المستدعي مردودة شكلاً لفقدانها أحد شروط قبول الدعوى وهو شرط توافر المصلحة الشخصية في رافع الدعوى، وقد استندت الجهة المستدعى ضدها في إثارة هذا الدفع على نص البند (هـ) من الفقرة (ب) من المادة (5) من (قانون القضاء الإداري رقم 27 لعام 2014) الذي ينص على ما يلي: (لا تقبل الدعوى المقدمة ممن ليس له مصلحة شخصية).
ثالثاً: لقد بَيَّن المستدعي للمحكمة الإدارية الموقرة (في رده على جواب الجهة المستدعى ضدها) أن له مصلحة شخصية مباشرة في تقديم هذه الدعوى وهذا الطعن، وبَيَّن لها أن المستدعي ومن تم تعيينه (د. هاني الملقي) كانا في مركزين قانونيين متماثلين، وبَيَّن لها أن المستدعى ضده لم يفتح باب الترشيح والمنافسة على هذه الوظيفة خلافاً لمقتضى المادة (22) من الدستور، والمادة (7) من اتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة الفساد المصادق عليها بالقانون رقم 28 لسنة 2004، لكن المحكمة الموقرة –مع التحفظ- قررت في جلستها المنعقدة بتاريخ (27/1/2015) عدم إجازة سماع البينة الشخصية (شهادة رئيس الوزراء) التي بَيَّن المستدعي أنه من خلالها سيثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن للمستدعي مصلحة شخصية مباشرة في تقديم هذه الدعوى وهذا الطعن، فالمستدعى ضده لم يفتح باب الترشيح والمنافسة على هذه الوظيفة، وبالتالي يكون المستدعي ومن تم تعيينه (د. هاني الملقي) في مركزين قانونيين متماثلين، كما أن المحكمة الموقرة –مع التحفظ- قررت في ذات الجلسة رفض طلب المستدعي بتسطير كتاب للمستدعى ضده لتزويد المحكمة والمستدعي بمشروحات الغاية منها ذات الغاية من إجازة وسماع البينة الشخصية أي إثبات المصلحة الشخصية المباشرة للمستدعي.
رابعاً: رغم أن للمستدعي مصلحة شخصية ومباشرة في تقديم هذه الدعوى وهذا الطعن كما تم بيانه في البند (ثالثاً) أعلاه، وكما تم بيانه في رد المستدعي على جواب الجهة المستدعى ضدها وفي محضر جلسة المحكمة المنعقدة بتاريخ (27/1/2015)، بالرغم من ذلك (وعلى سبيل التناوب) فإن اشتراط توافر المصلحة الشخصية شرطاً لقبول الدعوى لدى المحكمة الإدارية بموجب البند (هـ) من الفقرة (ب) من المادة (5) من (قانون القضاء الإداري رقم 27 لعام 2014)، -وهو الدفع الذي أثارته الجهة المستدعى ضدها في جوابها- هو شرط غير دستوري مستند إلى نص غير دستوري؛ فالمصلحة وإن كانت شرطاً أساسياً لقبول الدعوى وفق المبادئ الفقهية والقضائية (لا مصلحة لا دعوى)، لكن لا يشترط أن تكون هذه المصلحة شخصية بل يكفي أن تكون هناك مصلحة عامة من الممكن تحققها من خلال دعوى الإلغاء، حيث تتساوى المصلحة الشخصية مع المصلحة العامة في دعوى الإلغاء وفق أحكام الدستور الأردني وهذا ما سَيُبَيِّنُه المستدعي تفصيلاً فيما يلي:
أصحاب الشرف والعدالة،،
تنص المادة (11) من (قانون المحكمة الدستورية رقم 15 لعام 2012) على ما يلي:
أ- لأي من أطراف دعوى منظورة أمام المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها الدفع بعدم دستورية أي قانون أو نظام واجب التطبيق على موضوع الدعوى.
ب- يقدم الدفع بعدم الدستورية أمام المحكمة الناظرة للدعوى بموجب مذكرة يبين فيها الطاعن اسم القانون أو النظام الذي أثير الدفع بعدم دستوريته ورقمه ونطاق الدفع بصورة واضحة ومحددة وما يؤيد ادعاءه بان ذلك القانون أو النظام واجب التطبيق على موضوع الدعوى ووجه مخالفته للدستور، ويجوز لأي طرف آخر في الدعوى تقديم رده خلال المدة التي تحددها تلك المحكمة على أن لا تزيد على خمسة عشر يوما من تاريخ تقديم مذكرة الدفع بعدم الدستورية.
ج- 1- مع مراعاة أحكام الفقرة (د) من هذه المادة، إذا وجدت المحكمة الناظرة للدعوى أن القانون أو النظام الذي أثير الدفع بعدم دستوريته واجب التطبيق على موضوع الدعوى وأن الدفع بعدم الدستورية جدي توقف النظر في الدعوى وتحيل الدفع إلى محكمة التمييز لغايات البت في أمر إحالته الى المحكمة، ويكون قرار المحكمة الناظرة للدعوى بعدم الاحالة قابلا للطعن مع موضوع الدعوى.
2- لكل طرف في الدعوى أن يقدم مذكرة الى محكمة التمييز بشأن أمر الإحالة إلى المحكمة خلال خمسة عشر يوما من تاريخ صدور قرار المحكمة الناظرة للدعوى بإحالة الدفع الى محكمة التمييز.
3- لغايات البت في أمر الإحالة، تنعقد محكمة التمييز بهيئة من ثلاثة أعضاء على الأقل، وتصدر قرارها خلال ثلاثين يوما من تاريخ ورود الدعوى إليها، وإذا وافقت على الإحالة تقوم بتبليغ أطراف الدعوى بذلك.
د- إذا أثير الدفع بعدم الدستورية أمام محكمة التمييز أو محكمة العدل العليا فتتولى مباشرة أمر البت في الإحالة وفق أحكام هذه المادة.
يُبَيِّن المستدعي فيما يلي لمحكمتكم الموقرة أن الشروط الشكلية والموضوعية التي تتطلبها المادة (11) من (قانون المحكمة الدستورية رقم 15 لعام 2012) في الدفع بعدم دستورية (نص البند (هـ) من الفقرة (ب) من المادة (5) من قانون القضاء الإداري رقم 27 لعام 2014) كلها متوافرة ومتحققة، وأنه دفع حقيق بإجابته وإحالته إلى المحكمة الدستورية وفق أحكام القانون والأصول.
ونوضح توافر هذه الشروط كما يلي:
الفرع الأول: قدم المستدعي هذا الدفع بعدم دستورية البند (هـ) من الفقرة (ب) من المادة (5) من (قانون القضاء الإداري رقم 27 لعام 2014) بموجب هذه المذكرة الخطية وقد قام المستدعي بدفع الرسوم القانونية وفق القانون والأصول، وبذلك يكون ما تشترطه المادة (11) من (قانون المحكمة الدستورية رقم 15 لعام 2012) متحققاً من هذه الناحية.
الفرع الثاني: إن البند (هـ) من الفقرة (ب) من المادة (5) من (قانون القضاء الإداري رقم 27 لعام 2014) هو نص واجب التطبيق في هذه الدعوى حيث قدمت الجهة المستدعى ضدها في جوابها دفعاً شكلياً استناداً على هذا النص مفاده طلب رد الدعوى شكلاً لعدم توافر المصلحة الشخصية للمستدعي في هذه الدعوى، وبناءاً على هذا الدفع الشكلي تكون محكمتكم الموقرة ملزمة بالبحث والفصل فيه قبل البحث في أسباب الطعن الموضوعية، وعليه تكون المحكمة الموقرة ملزمة بالبحث والفصل في الدفع بعدم الدستورية المقدم من قبل المستدعي لتعلقه بصلاحية المحكمة التي أثير شبهة في دستوريتها أو عدم دستوريتها من هذه الناحية؛ فالمستدعي له مصلحة شخصية في تقديم هذا الدفع بعدم دستورية البند (هـ) من الفقرة (ب) من المادة (5) من (قانون القضاء الإداري رقم 27 لعام 2014)، فالمستدعي يرد الدفع المقدم من الجهة المستدعى ضدها المستند لهذا النص المخالف للدستور، وقد تصدر المحكمة الإدارية قراراً نهائياً برد دعوى المستدعي استناداً على هذا النص أيضاً المخالف للدستور على نحو ما سيبين المستدعي وجه مخالفته للدستور في هذه المذكرة.
وبذلك يَتَبَيَّن لمحكمتكم الموقرة أن البند (هـ) من الفقرة (ب) من المادة (5) من (قانون القضاء الإداري رقم 27 لعام 2014) هو نص قانوني واجب التطبيق في هذه الدعوى، وبذلك يكون ما تشترطه المادة (11) من (قانون المحكمة الدستورية رقم 15 لعام 2012) متحققاً من هذه الناحية.
الفرع الثالث: إن النص القانوني الذي أثار المستدعي الدفع بعدم دستوريته على وجه التحديد هو نص البند (هـ) من الفقرة (ب) من المادة (5) من (قانون القضاء الإداري رقم 27 لعام 2014) الذي ينص على ما يلي:
(لا تقبل الدعوى المقدمة ممن ليس له مصلحة شخصية)
وبذلك يكون ما تشترطه المادة (11) من (قانون المحكمة الدستورية رقم 15 لعام 2012) متحققاً من هذه الناحية. (من جهة تحديد النص المطعون في دستوريته).
الفرع الرابع: إن نطاق الدفع بعدم دستورية نص البند (هـ) من الفقرة (ب) من المادة (5) من (قانون القضاء الإداري رقم 27 لعام 2014) يقتصر على إيراد كلمة (شخصية) في هذا النص؛ أي أن اقتصار المصلحة في المصلحة الشخصية فقط دون المصلحة العامة هو أمر مخالف للدستور، وتوضيح ذلك فيما يلي:
أولاً: يدرك المستدعي أن المصلحة شرط من شروط دعوى الإلغاء الإدارية (فحيث لا مصلحة لا دعوى)؛ أي أن دعوى الإلغاء يجب أن تجر منفعة حتى تكون مقبولة.
ثانياً: إن المخالف للدستور هو أن يتضمن القانون نصاً يشترط فيه لقبول دعوى الإلغاء أن تكون هذه المصلحة مصلحة شخصية فقط أي أن تجر منفعة خاصة لشخص رافعها، وأما إذا كانت دعوى الإلغاء الإدارية مقامة للمصلحة العامة أي أن تجر مصلحة للعموم فلا تكون مقبولة.
وبذلك يكون ما تشترطه المادة (11) من (قانون المحكمة الدستورية رقم 15 لعام 2012) متحققاً من هذه الناحية.
الفرع الخامس: ويُبَيِّن المستدعي فيما يلي وجه مخالفة نص البند (هـ) من الفقرة (ب) من المادة (5) من (قانون القضاء الإداري رقم 27 لعام 2014) للدستور.
النص الدستوري الذي تم مخالفته:
1- نص المادة (17) من الدستور الأردني التي تنص على ما يلي:
(للأردنيين الحق في مخاطبة السلطات العامة فيما ينوبهم من أمور شخصية أو فيما له صلة بالشؤون العامة بالكيفية والشروط التي عينها القانون).
2- نص الفقرة (1) من المادة (128) التي تنص على ما يلي:
(لا يجوز أن تؤثر القوانين التي تصدر بموجب هذا الدستور لتنظيم الحقوق والحريات على جوهر هذه الحقوق أو تمس أساسياتها).
ونوضح لمحكمتكم الموقرة أوجه المخالفة للدستور كما يلي:
أولاً: يقضي نص المادة (17) من الدستور أن حق مخاطبة السلطات العامة هو حق دستوري ثابت لكل أردني وأن هذا الحق يحميه الدستور، فالأردني هو من يحمل الجنسية الأردنية وفق احكام قانون الجنسية؛ أي أن علاقة المواطن بالدولة هي علاقة قانونية، تنشئ له مركزاً قانونياً، يكون له حقوق على الدولة، وعليه واجبات لها، وقد كفل الدستور بمقتضى المادة (17) لكل أردني الحق في مخاطبة السلطات العامة.
ثانياً: إن مفهوم السلطات العامة الوارد في نص المادة (17) من الدستور يشمل جمع السلطات العامة في الدولة الأردنية لا سيما السلطات الدستورية الثلاث (السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية)؛ فالمواد (107 - 109) من (النظام الداخلي لمجلس الأعيان لعام 2014) قضت بأنه يحق لكل أردني أن يرفع إلى (مجلس الأعيان) عريضة فيما له صلة بالشؤون العامة أو شكوى فيما ينوبه من أمور شخصية، أي أن مجلس الاعيان الذي هو سلطة عامة وسلطته جزء من السلطة التشريعية قد عمل بمقتضى المادة (17) من الدستور فقرر الحق لكل أردني أن يرفع إلى المجلس عريضة فيما له صلة بالشؤون العامة أو شكوى فيما ينوبه من أمور شخصية، وكذلك فعل مجلس النواب، فالمواد (154 - 158) من (النظام الداخلي لمجلس النواب لعام 2013) قضت أيضاً بأنه يحق لكل أردني أن يرفع إلى (مجلس النواب) عريضة فيما له صلة بالشؤون العامة أو شكوى فيما ينوبه من أمور شخصية، أي أن مجلس النواب أيضاً الذي هو سلطة عامة وسلطته جزء من السلطة التشريعية قد عمل بمقتضى المادة (17) من الدستور فقرر الحق لكل أردني أن يرفع إلى المجلس عريضة فيما له صلة بالشؤون العامة أو شكوى فيما ينوبه من أمور شخصية، وكذلك فعلت السلطة التنفيذية، فجميع الدوائر والمؤسسات التابعة للسلطة التنفيذية تتلقى الشكاوى والبلاغات والعرائض وتقبلها من الأردنيين وغير الأردنيين في أمور شخصية أو أمور ذات صلة بالمصلحة العامة بدون قيد أو شرط.
ثالثاً: إن محكمتكم الموقرة (المحكمة الادارية) هي سلطة عامة وهي جزء من السلطة القضائية وينطبق عليها مفهوم (السلطات العامة) الوارد في المادة (17) من الدستور، ويتوجب عليها بموجب المادة (17) من الدستور أن تقبل الدعاوى والطعون الإدارية إذا كانت الغاية منها الدفاع عن المصلحة العامة مثلما تقبل الدعاوى والطعون الإدارية إذا كانت الغاية منها الدفاع عن المصلحة الشخصية لرافعها أو مقدمها.
وعليه يكون نص البند (هـ) من الفقرة (ب) من المادة (5) من (قانون القضاء الإداري رقم 27 لعام 2014) الذي يقضي بأن (لا تقبل الدعوى المقدمة ممن ليس له مصلحة شخصية) هو نص مخالف للمادة (17) من الدستور، لأن هذا النص القانوني يشترط لقبول الدعوى لدى المحكمة الإدارية أن يكون لمقدمها مصلحة شخصية، وأما إذا قدمها حماية للمصلحة العامة فلا تقبل، في حين أن المادة (17) من الدستور قررت أن لكل أردني الحق في مخاطبة السلطات العامة -ومنها محكمتكم الموقرة (المحكمة الادارية) التي تعتبر جزءاً من السلطة القضائية- في أي أمر شخصي أو أي أمر له صلة بالمصلحة العامة، ويترتب على نص البند (هـ) من الفقرة (ب) من المادة (5) من (قانون القضاء الإداري رقم 27 لعام 2014) مخالفته للمادة (17) من الدستور وعدم دستورية البند (هـ) المشار إليه وبطلانه بطلاناً مطلقاً لا ترد عليه إجازة في دولة القانون الملتزمة بمبدأ المشروعية ومبدأ سمو الدستور.
رابعاً: إن الأدوات القانونية التي يخاطب بها الأردني السلطات العامة يجب أن تتناسب مع وظيفة هذه السلطة، وبما أن محكمتكم الموقرة هي سلطة قضائية تقبل الدعاوى الإدارية فإن الأداة القانونية التي تتناسب مع وظيفتها هي الدعوى أو الطعن على نحو ما قدمه المستدعي.
خامساً: تقضي الفقرة (1) من المادة (128) بأنه لا يجوز أن تؤثر القوانين التي تصدر بموجب هذا الدستور لتنظيم الحقوق والحريات على جوهر هذه الحقوق أو تمس أساسياتها، وبما أن حق المستدعي بصفته أردني ثابت بمخاطبة محكمتكم الموقرة (المحكمة الادارية) بالأداة القانونية المناسبة لها وهي الدعوى أو الطعن فيما ينوبه من أمور شخصية أو أمور ذات صلة بالمصلحة العامة، وعليه لا يجوز أن يتضمن قانون القضاء الإداري نصاً يوثر ويهدر حق المستدعي في تقديم دعوى أو طعن في القرار الإداري الطعين حماية للمصلحة العامة بدعوى أن البند (هـ) المطعون في دستوريته يقضي بأن الدعوى لا تقبل ما لم يكن لرافعها مصلحة شخصية، فهذا هدر لحق المستدعي في اللجوء للقضاء الإداري للطعن في قرار إداري يمس المصلحة العامة.
سادساً: مع تمسك المستدعي بأن له مصلحة شخصية مباشرة في الدعوى على نحو ما قد بَيَّن إلا أنه له الحق أيضاً في رفع الدعوى للطعن في القرار الطعين حماية للمصلحة العامة المتمثلة في حماية حقه وحق الأردنيين في التعيين والمنافسة على التعيين على الوظائف العامة لا سيما الوظيفة موضوع الدعوى (وظيفة رئيس سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة)، فالمستدعى ضده هدر حق المستدعي وهدر حق الأردنيين في التعيين والمنافسة على التعيين على هذه الوظيفة حيث لم يفتح باب الترشيح والمنافسة على هذه الوظيفة العامة خلافاً لأحكام المادة (22) من الدستور وخلافاً لأحكام المادة (7) من اتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة الفساد على نحو ما قد بين المستدعي في لائحة استدعائه وفي رده على جواب الجهة المستدعى ضدها، وبالتالي يحق للمستدعي أن يدافع عن مصلحته الشخصية وعن المصلحة العامة للأردنيين وفق أحكام المادة (17) من الدستور، والقول بخلاف ذلك يخالف أحكام المادة (17) والمادة (22) والفقرة (1) من المادة (128) من الدستور.
وبهذا يكون المستدعي قد بَيَّن وجه مخالفة نص البند (هـ) المشار إليه للدستور، وبذلك يكون ما تشترطه المادة (11) من (قانون المحكمة الدستورية رقم 15 لعام 2012) متحققاً من هذه الناحية. (أي من ناحية وجه مخالفة الدستور ووجود شبهة بعدم الدستورية)
الفرع السادس: بموجب قرار محكمة العدل العليا الموقرة رقم (138/2013) وبموجب ما استقر عليه اجتهاد محكمة التمييز الموقرة (تصدر محكمة الموضوع قرارها بإحالة الدفع بعدم الدستورية إلى المحكمة الدستورية متى كان للطاعن مصلحة في طعنه وكانت أسباب الطعن جدية في ظاهرها توحي بوجود شبهة دستورية الأمر الذي يقتضي معه أن تبدي المحكمة الدستورية رأيها فيه).
وقد بَيَّن المستدعي لمحكمتكم الموقرة في هذه المذكرة أن له مصلحة في هذا الدفع بعدم الدستورية، كما بَيَّن لمحكمتكم الموقرة أسباب الطعن في النص القانوني بشكل واضح ومفصل وهذه الأسباب جدية وتؤكد وجود شبهة دستورية الأمر الذي يقتضي معه أن تبدي المحكمة الدستورية رأيها في هذا الدفع الحقيق بالقبول وإحالته من قبل محكمتكم الموقرة إلى المحكمة الدستورية وفق القانون والأصول.
لطفاً أنظر قرارات محكمة التمييز حقوق ذوات الأرقام ((2373/2013) و (1106/2014) و (913/2014))
الطلب:
يلتمس المستدعي من المحكمة الموقرة قبول هذا الدفع بعدم الدستورية ووقف السير في الدعوى وإحالة الدفع إلى المحكمة الدستورية وفق أحكام القانون والأصول.
وتقبلوا وافر الاحترام،،،
والله ولي التوفيق
وكيل المستدعي
المحامي إسلام الحرحشي
وفي هذه الجلسة قدم المحامي إسلام الحرحشي وكيل المستدعي وفي سابقة هي الأولى من نوعها دفعاً بعدم دستورية البند (هـ) من الفقرة (ب) من المادة (5) من (قانون القضاء الإداري رقم 27 لعام 2014) الذي ينص على ما يلي:
(لا تقبل الدعوى المقدمة ممن ليس له مصلحة شخصية)
وقد قدم المحامي الحرحشي هذا الدفع بعدم الدستورية رداً على الدفع المقدم من قبل النيابة العامة الإدارية ممثل مجلس الوزراء لرد الدعوى شكلاً لانتفاء المصلحة الشخصية، حيث قالت أنه لا يوجد مصلحة شخصية للمستدعي مؤيد المجالي في رفع هذه الدعوى حيث أنه لم يكن منافساً للدكتور هاني الملقي الذي تم تعيينه رئيساً لمجلس مفوضي سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، ولم يشترك معه في مسابقة وظيفية ونال علامة أكثر منه، وبالتالي لم يكن في مركز قانوني مماثل مع الدكتور الملقي.
إلى ذلك قررت المحكمة رفع الجلسة إلى يوم الأحد الموافق (22/2/2015) لإمهال رئيس النيابة الإدارية القاضي محمد المبيضين لتقديم رده على هذا الدفع بعدم الدستورية.
وتالياً نص الدفع بعدم الدستورية كما ورد:
لدى المحكمة الادارية الموقرة
مذكرة دفع بعدم الدستورية
في الدعوى رقم (250/2014)
أصحاب الشرف والعدالة،،
يقدم المستدعي لمحكمتكم الموقرة هذه المذكرة للدفع بعدم الدستورية وفق أحكام المادة (11) من قانون المحكمة الدستورية، وهو دفع من الدفوع المتعلقة بالنظام العام التي تقدم في أية مرحلة من مراحل الدعوى، أو أي دور من أدوارها، ويؤكد المستدعي أن هذا الدفع الذي يقدمه بعدم الدستورية هو دفع جدي وتتوافر فيه أسبابه والشروط الشكلية والموضوعية، وهو دفع حقيق بالإجابة، بوقف السير في هذه الدعوى مؤقتاً، وإحالته إلى المحكمة الدستورية وفق القانون والأصول.
أصحاب الشرف والعدالة،،
أولاً: قدم المستدعي هذه الدعوى لدى المحكمة الإدارية الموقرة للطعن في قرار مجلس الوزراء رقم (6441) تاريخ (9/11/2014) المتضمن الموافقة على تعيين معالي الدكتور هاني الملقي رئيساً لمجلس مفوضي سلطة منطقة العقبة الاقتصادية، المنشور في الجريدة الرسمية العدد (5311) تاريخ (16/11/2014)، وقد بين المستدعي في لائحة استدعائه وقائعها وأسباب الطعن في القرار الطعين، وتختص المحكمة الإدارية بموجب قانونها بنظر هذا الطعن والفصل فيه.
ثانياً: قدمت الجهة المستدعى ضدها في لائحتها الجوابية دفعاً شكلياً مفاده أن دعوى المستدعي مردودة شكلاً لفقدانها أحد شروط قبول الدعوى وهو شرط توافر المصلحة الشخصية في رافع الدعوى، وقد استندت الجهة المستدعى ضدها في إثارة هذا الدفع على نص البند (هـ) من الفقرة (ب) من المادة (5) من (قانون القضاء الإداري رقم 27 لعام 2014) الذي ينص على ما يلي: (لا تقبل الدعوى المقدمة ممن ليس له مصلحة شخصية).
ثالثاً: لقد بَيَّن المستدعي للمحكمة الإدارية الموقرة (في رده على جواب الجهة المستدعى ضدها) أن له مصلحة شخصية مباشرة في تقديم هذه الدعوى وهذا الطعن، وبَيَّن لها أن المستدعي ومن تم تعيينه (د. هاني الملقي) كانا في مركزين قانونيين متماثلين، وبَيَّن لها أن المستدعى ضده لم يفتح باب الترشيح والمنافسة على هذه الوظيفة خلافاً لمقتضى المادة (22) من الدستور، والمادة (7) من اتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة الفساد المصادق عليها بالقانون رقم 28 لسنة 2004، لكن المحكمة الموقرة –مع التحفظ- قررت في جلستها المنعقدة بتاريخ (27/1/2015) عدم إجازة سماع البينة الشخصية (شهادة رئيس الوزراء) التي بَيَّن المستدعي أنه من خلالها سيثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن للمستدعي مصلحة شخصية مباشرة في تقديم هذه الدعوى وهذا الطعن، فالمستدعى ضده لم يفتح باب الترشيح والمنافسة على هذه الوظيفة، وبالتالي يكون المستدعي ومن تم تعيينه (د. هاني الملقي) في مركزين قانونيين متماثلين، كما أن المحكمة الموقرة –مع التحفظ- قررت في ذات الجلسة رفض طلب المستدعي بتسطير كتاب للمستدعى ضده لتزويد المحكمة والمستدعي بمشروحات الغاية منها ذات الغاية من إجازة وسماع البينة الشخصية أي إثبات المصلحة الشخصية المباشرة للمستدعي.
رابعاً: رغم أن للمستدعي مصلحة شخصية ومباشرة في تقديم هذه الدعوى وهذا الطعن كما تم بيانه في البند (ثالثاً) أعلاه، وكما تم بيانه في رد المستدعي على جواب الجهة المستدعى ضدها وفي محضر جلسة المحكمة المنعقدة بتاريخ (27/1/2015)، بالرغم من ذلك (وعلى سبيل التناوب) فإن اشتراط توافر المصلحة الشخصية شرطاً لقبول الدعوى لدى المحكمة الإدارية بموجب البند (هـ) من الفقرة (ب) من المادة (5) من (قانون القضاء الإداري رقم 27 لعام 2014)، -وهو الدفع الذي أثارته الجهة المستدعى ضدها في جوابها- هو شرط غير دستوري مستند إلى نص غير دستوري؛ فالمصلحة وإن كانت شرطاً أساسياً لقبول الدعوى وفق المبادئ الفقهية والقضائية (لا مصلحة لا دعوى)، لكن لا يشترط أن تكون هذه المصلحة شخصية بل يكفي أن تكون هناك مصلحة عامة من الممكن تحققها من خلال دعوى الإلغاء، حيث تتساوى المصلحة الشخصية مع المصلحة العامة في دعوى الإلغاء وفق أحكام الدستور الأردني وهذا ما سَيُبَيِّنُه المستدعي تفصيلاً فيما يلي:
أصحاب الشرف والعدالة،،
تنص المادة (11) من (قانون المحكمة الدستورية رقم 15 لعام 2012) على ما يلي:
أ- لأي من أطراف دعوى منظورة أمام المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها الدفع بعدم دستورية أي قانون أو نظام واجب التطبيق على موضوع الدعوى.
ب- يقدم الدفع بعدم الدستورية أمام المحكمة الناظرة للدعوى بموجب مذكرة يبين فيها الطاعن اسم القانون أو النظام الذي أثير الدفع بعدم دستوريته ورقمه ونطاق الدفع بصورة واضحة ومحددة وما يؤيد ادعاءه بان ذلك القانون أو النظام واجب التطبيق على موضوع الدعوى ووجه مخالفته للدستور، ويجوز لأي طرف آخر في الدعوى تقديم رده خلال المدة التي تحددها تلك المحكمة على أن لا تزيد على خمسة عشر يوما من تاريخ تقديم مذكرة الدفع بعدم الدستورية.
ج- 1- مع مراعاة أحكام الفقرة (د) من هذه المادة، إذا وجدت المحكمة الناظرة للدعوى أن القانون أو النظام الذي أثير الدفع بعدم دستوريته واجب التطبيق على موضوع الدعوى وأن الدفع بعدم الدستورية جدي توقف النظر في الدعوى وتحيل الدفع إلى محكمة التمييز لغايات البت في أمر إحالته الى المحكمة، ويكون قرار المحكمة الناظرة للدعوى بعدم الاحالة قابلا للطعن مع موضوع الدعوى.
2- لكل طرف في الدعوى أن يقدم مذكرة الى محكمة التمييز بشأن أمر الإحالة إلى المحكمة خلال خمسة عشر يوما من تاريخ صدور قرار المحكمة الناظرة للدعوى بإحالة الدفع الى محكمة التمييز.
3- لغايات البت في أمر الإحالة، تنعقد محكمة التمييز بهيئة من ثلاثة أعضاء على الأقل، وتصدر قرارها خلال ثلاثين يوما من تاريخ ورود الدعوى إليها، وإذا وافقت على الإحالة تقوم بتبليغ أطراف الدعوى بذلك.
د- إذا أثير الدفع بعدم الدستورية أمام محكمة التمييز أو محكمة العدل العليا فتتولى مباشرة أمر البت في الإحالة وفق أحكام هذه المادة.
يُبَيِّن المستدعي فيما يلي لمحكمتكم الموقرة أن الشروط الشكلية والموضوعية التي تتطلبها المادة (11) من (قانون المحكمة الدستورية رقم 15 لعام 2012) في الدفع بعدم دستورية (نص البند (هـ) من الفقرة (ب) من المادة (5) من قانون القضاء الإداري رقم 27 لعام 2014) كلها متوافرة ومتحققة، وأنه دفع حقيق بإجابته وإحالته إلى المحكمة الدستورية وفق أحكام القانون والأصول.
ونوضح توافر هذه الشروط كما يلي:
الفرع الأول: قدم المستدعي هذا الدفع بعدم دستورية البند (هـ) من الفقرة (ب) من المادة (5) من (قانون القضاء الإداري رقم 27 لعام 2014) بموجب هذه المذكرة الخطية وقد قام المستدعي بدفع الرسوم القانونية وفق القانون والأصول، وبذلك يكون ما تشترطه المادة (11) من (قانون المحكمة الدستورية رقم 15 لعام 2012) متحققاً من هذه الناحية.
الفرع الثاني: إن البند (هـ) من الفقرة (ب) من المادة (5) من (قانون القضاء الإداري رقم 27 لعام 2014) هو نص واجب التطبيق في هذه الدعوى حيث قدمت الجهة المستدعى ضدها في جوابها دفعاً شكلياً استناداً على هذا النص مفاده طلب رد الدعوى شكلاً لعدم توافر المصلحة الشخصية للمستدعي في هذه الدعوى، وبناءاً على هذا الدفع الشكلي تكون محكمتكم الموقرة ملزمة بالبحث والفصل فيه قبل البحث في أسباب الطعن الموضوعية، وعليه تكون المحكمة الموقرة ملزمة بالبحث والفصل في الدفع بعدم الدستورية المقدم من قبل المستدعي لتعلقه بصلاحية المحكمة التي أثير شبهة في دستوريتها أو عدم دستوريتها من هذه الناحية؛ فالمستدعي له مصلحة شخصية في تقديم هذا الدفع بعدم دستورية البند (هـ) من الفقرة (ب) من المادة (5) من (قانون القضاء الإداري رقم 27 لعام 2014)، فالمستدعي يرد الدفع المقدم من الجهة المستدعى ضدها المستند لهذا النص المخالف للدستور، وقد تصدر المحكمة الإدارية قراراً نهائياً برد دعوى المستدعي استناداً على هذا النص أيضاً المخالف للدستور على نحو ما سيبين المستدعي وجه مخالفته للدستور في هذه المذكرة.
وبذلك يَتَبَيَّن لمحكمتكم الموقرة أن البند (هـ) من الفقرة (ب) من المادة (5) من (قانون القضاء الإداري رقم 27 لعام 2014) هو نص قانوني واجب التطبيق في هذه الدعوى، وبذلك يكون ما تشترطه المادة (11) من (قانون المحكمة الدستورية رقم 15 لعام 2012) متحققاً من هذه الناحية.
الفرع الثالث: إن النص القانوني الذي أثار المستدعي الدفع بعدم دستوريته على وجه التحديد هو نص البند (هـ) من الفقرة (ب) من المادة (5) من (قانون القضاء الإداري رقم 27 لعام 2014) الذي ينص على ما يلي:
(لا تقبل الدعوى المقدمة ممن ليس له مصلحة شخصية)
وبذلك يكون ما تشترطه المادة (11) من (قانون المحكمة الدستورية رقم 15 لعام 2012) متحققاً من هذه الناحية. (من جهة تحديد النص المطعون في دستوريته).
الفرع الرابع: إن نطاق الدفع بعدم دستورية نص البند (هـ) من الفقرة (ب) من المادة (5) من (قانون القضاء الإداري رقم 27 لعام 2014) يقتصر على إيراد كلمة (شخصية) في هذا النص؛ أي أن اقتصار المصلحة في المصلحة الشخصية فقط دون المصلحة العامة هو أمر مخالف للدستور، وتوضيح ذلك فيما يلي:
أولاً: يدرك المستدعي أن المصلحة شرط من شروط دعوى الإلغاء الإدارية (فحيث لا مصلحة لا دعوى)؛ أي أن دعوى الإلغاء يجب أن تجر منفعة حتى تكون مقبولة.
ثانياً: إن المخالف للدستور هو أن يتضمن القانون نصاً يشترط فيه لقبول دعوى الإلغاء أن تكون هذه المصلحة مصلحة شخصية فقط أي أن تجر منفعة خاصة لشخص رافعها، وأما إذا كانت دعوى الإلغاء الإدارية مقامة للمصلحة العامة أي أن تجر مصلحة للعموم فلا تكون مقبولة.
وبذلك يكون ما تشترطه المادة (11) من (قانون المحكمة الدستورية رقم 15 لعام 2012) متحققاً من هذه الناحية.
الفرع الخامس: ويُبَيِّن المستدعي فيما يلي وجه مخالفة نص البند (هـ) من الفقرة (ب) من المادة (5) من (قانون القضاء الإداري رقم 27 لعام 2014) للدستور.
النص الدستوري الذي تم مخالفته:
1- نص المادة (17) من الدستور الأردني التي تنص على ما يلي:
(للأردنيين الحق في مخاطبة السلطات العامة فيما ينوبهم من أمور شخصية أو فيما له صلة بالشؤون العامة بالكيفية والشروط التي عينها القانون).
2- نص الفقرة (1) من المادة (128) التي تنص على ما يلي:
(لا يجوز أن تؤثر القوانين التي تصدر بموجب هذا الدستور لتنظيم الحقوق والحريات على جوهر هذه الحقوق أو تمس أساسياتها).
ونوضح لمحكمتكم الموقرة أوجه المخالفة للدستور كما يلي:
أولاً: يقضي نص المادة (17) من الدستور أن حق مخاطبة السلطات العامة هو حق دستوري ثابت لكل أردني وأن هذا الحق يحميه الدستور، فالأردني هو من يحمل الجنسية الأردنية وفق احكام قانون الجنسية؛ أي أن علاقة المواطن بالدولة هي علاقة قانونية، تنشئ له مركزاً قانونياً، يكون له حقوق على الدولة، وعليه واجبات لها، وقد كفل الدستور بمقتضى المادة (17) لكل أردني الحق في مخاطبة السلطات العامة.
ثانياً: إن مفهوم السلطات العامة الوارد في نص المادة (17) من الدستور يشمل جمع السلطات العامة في الدولة الأردنية لا سيما السلطات الدستورية الثلاث (السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية)؛ فالمواد (107 - 109) من (النظام الداخلي لمجلس الأعيان لعام 2014) قضت بأنه يحق لكل أردني أن يرفع إلى (مجلس الأعيان) عريضة فيما له صلة بالشؤون العامة أو شكوى فيما ينوبه من أمور شخصية، أي أن مجلس الاعيان الذي هو سلطة عامة وسلطته جزء من السلطة التشريعية قد عمل بمقتضى المادة (17) من الدستور فقرر الحق لكل أردني أن يرفع إلى المجلس عريضة فيما له صلة بالشؤون العامة أو شكوى فيما ينوبه من أمور شخصية، وكذلك فعل مجلس النواب، فالمواد (154 - 158) من (النظام الداخلي لمجلس النواب لعام 2013) قضت أيضاً بأنه يحق لكل أردني أن يرفع إلى (مجلس النواب) عريضة فيما له صلة بالشؤون العامة أو شكوى فيما ينوبه من أمور شخصية، أي أن مجلس النواب أيضاً الذي هو سلطة عامة وسلطته جزء من السلطة التشريعية قد عمل بمقتضى المادة (17) من الدستور فقرر الحق لكل أردني أن يرفع إلى المجلس عريضة فيما له صلة بالشؤون العامة أو شكوى فيما ينوبه من أمور شخصية، وكذلك فعلت السلطة التنفيذية، فجميع الدوائر والمؤسسات التابعة للسلطة التنفيذية تتلقى الشكاوى والبلاغات والعرائض وتقبلها من الأردنيين وغير الأردنيين في أمور شخصية أو أمور ذات صلة بالمصلحة العامة بدون قيد أو شرط.
ثالثاً: إن محكمتكم الموقرة (المحكمة الادارية) هي سلطة عامة وهي جزء من السلطة القضائية وينطبق عليها مفهوم (السلطات العامة) الوارد في المادة (17) من الدستور، ويتوجب عليها بموجب المادة (17) من الدستور أن تقبل الدعاوى والطعون الإدارية إذا كانت الغاية منها الدفاع عن المصلحة العامة مثلما تقبل الدعاوى والطعون الإدارية إذا كانت الغاية منها الدفاع عن المصلحة الشخصية لرافعها أو مقدمها.
وعليه يكون نص البند (هـ) من الفقرة (ب) من المادة (5) من (قانون القضاء الإداري رقم 27 لعام 2014) الذي يقضي بأن (لا تقبل الدعوى المقدمة ممن ليس له مصلحة شخصية) هو نص مخالف للمادة (17) من الدستور، لأن هذا النص القانوني يشترط لقبول الدعوى لدى المحكمة الإدارية أن يكون لمقدمها مصلحة شخصية، وأما إذا قدمها حماية للمصلحة العامة فلا تقبل، في حين أن المادة (17) من الدستور قررت أن لكل أردني الحق في مخاطبة السلطات العامة -ومنها محكمتكم الموقرة (المحكمة الادارية) التي تعتبر جزءاً من السلطة القضائية- في أي أمر شخصي أو أي أمر له صلة بالمصلحة العامة، ويترتب على نص البند (هـ) من الفقرة (ب) من المادة (5) من (قانون القضاء الإداري رقم 27 لعام 2014) مخالفته للمادة (17) من الدستور وعدم دستورية البند (هـ) المشار إليه وبطلانه بطلاناً مطلقاً لا ترد عليه إجازة في دولة القانون الملتزمة بمبدأ المشروعية ومبدأ سمو الدستور.
رابعاً: إن الأدوات القانونية التي يخاطب بها الأردني السلطات العامة يجب أن تتناسب مع وظيفة هذه السلطة، وبما أن محكمتكم الموقرة هي سلطة قضائية تقبل الدعاوى الإدارية فإن الأداة القانونية التي تتناسب مع وظيفتها هي الدعوى أو الطعن على نحو ما قدمه المستدعي.
خامساً: تقضي الفقرة (1) من المادة (128) بأنه لا يجوز أن تؤثر القوانين التي تصدر بموجب هذا الدستور لتنظيم الحقوق والحريات على جوهر هذه الحقوق أو تمس أساسياتها، وبما أن حق المستدعي بصفته أردني ثابت بمخاطبة محكمتكم الموقرة (المحكمة الادارية) بالأداة القانونية المناسبة لها وهي الدعوى أو الطعن فيما ينوبه من أمور شخصية أو أمور ذات صلة بالمصلحة العامة، وعليه لا يجوز أن يتضمن قانون القضاء الإداري نصاً يوثر ويهدر حق المستدعي في تقديم دعوى أو طعن في القرار الإداري الطعين حماية للمصلحة العامة بدعوى أن البند (هـ) المطعون في دستوريته يقضي بأن الدعوى لا تقبل ما لم يكن لرافعها مصلحة شخصية، فهذا هدر لحق المستدعي في اللجوء للقضاء الإداري للطعن في قرار إداري يمس المصلحة العامة.
سادساً: مع تمسك المستدعي بأن له مصلحة شخصية مباشرة في الدعوى على نحو ما قد بَيَّن إلا أنه له الحق أيضاً في رفع الدعوى للطعن في القرار الطعين حماية للمصلحة العامة المتمثلة في حماية حقه وحق الأردنيين في التعيين والمنافسة على التعيين على الوظائف العامة لا سيما الوظيفة موضوع الدعوى (وظيفة رئيس سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة)، فالمستدعى ضده هدر حق المستدعي وهدر حق الأردنيين في التعيين والمنافسة على التعيين على هذه الوظيفة حيث لم يفتح باب الترشيح والمنافسة على هذه الوظيفة العامة خلافاً لأحكام المادة (22) من الدستور وخلافاً لأحكام المادة (7) من اتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة الفساد على نحو ما قد بين المستدعي في لائحة استدعائه وفي رده على جواب الجهة المستدعى ضدها، وبالتالي يحق للمستدعي أن يدافع عن مصلحته الشخصية وعن المصلحة العامة للأردنيين وفق أحكام المادة (17) من الدستور، والقول بخلاف ذلك يخالف أحكام المادة (17) والمادة (22) والفقرة (1) من المادة (128) من الدستور.
وبهذا يكون المستدعي قد بَيَّن وجه مخالفة نص البند (هـ) المشار إليه للدستور، وبذلك يكون ما تشترطه المادة (11) من (قانون المحكمة الدستورية رقم 15 لعام 2012) متحققاً من هذه الناحية. (أي من ناحية وجه مخالفة الدستور ووجود شبهة بعدم الدستورية)
الفرع السادس: بموجب قرار محكمة العدل العليا الموقرة رقم (138/2013) وبموجب ما استقر عليه اجتهاد محكمة التمييز الموقرة (تصدر محكمة الموضوع قرارها بإحالة الدفع بعدم الدستورية إلى المحكمة الدستورية متى كان للطاعن مصلحة في طعنه وكانت أسباب الطعن جدية في ظاهرها توحي بوجود شبهة دستورية الأمر الذي يقتضي معه أن تبدي المحكمة الدستورية رأيها فيه).
وقد بَيَّن المستدعي لمحكمتكم الموقرة في هذه المذكرة أن له مصلحة في هذا الدفع بعدم الدستورية، كما بَيَّن لمحكمتكم الموقرة أسباب الطعن في النص القانوني بشكل واضح ومفصل وهذه الأسباب جدية وتؤكد وجود شبهة دستورية الأمر الذي يقتضي معه أن تبدي المحكمة الدستورية رأيها في هذا الدفع الحقيق بالقبول وإحالته من قبل محكمتكم الموقرة إلى المحكمة الدستورية وفق القانون والأصول.
لطفاً أنظر قرارات محكمة التمييز حقوق ذوات الأرقام ((2373/2013) و (1106/2014) و (913/2014))
الطلب:
يلتمس المستدعي من المحكمة الموقرة قبول هذا الدفع بعدم الدستورية ووقف السير في الدعوى وإحالة الدفع إلى المحكمة الدستورية وفق أحكام القانون والأصول.
وتقبلوا وافر الاحترام،،،
والله ولي التوفيق
وكيل المستدعي
المحامي إسلام الحرحشي