وجهة نظر | هل أصبح حائط الصد عالة على الحراس في الكرات الثابتة ؟؟
جو 24 : رقد يكون من الغريب أن نطرح مثل هذا السؤال حيث اصبحا مصطلحا "كرة ثابتة" و "حائط الصد" مرتبطين ببعضهما لدرجة أصبح من الصعب تصور تنفيذ أي كرة ثابتة من دون حائط صد، لا بل أصبح بناء حائط الصد المثالي أمراً يقتضي تدريباً وجهداً كبيرين !! لكن مجلة FourFourTwo الانكليزية الشهيرة لديها بعض المعطيات التي قد تغير رأيكم. حيث نشرت المجلة في عددها الصادر في شهر كانون الأول من العام 2013 مقالاً من 4 صفحات بعنوان: "هل حان وقت التخلص من الحائط؟" ومنه ترجمنا لكم أهم ما جاء فيه:
بداية لنعود الى البدايات وسبب ظهور حائط الصد؛ ففي الأيام الأولى لكرة القدم، والتي بدأت في انكلترا كلعبة للرجال المحترمين، لم يأخذ المشرعون الأوائل في الحسبان احتمالية عرقلة أحد هؤلاء الرجال المحترمين لخصمه وبالتالي فإن مفهوم الخطأ لم يدخل كرة القدم سوى في العام 1873 ولكن جميع المخالفات كانت تنفذ بشكل غير مباشر وكان يسمح للمدافعين بالوقوف على مسافة 6 ياردات (5.5 متر تقريباً). هذه القاعدة استمرت حتى موسم 1903-1904 حين سُمح للاعبين بالتسجيل مباشرة من الركلات الثابتة مع الإبقاء على مسافة الستة ياردات والتي ازدادت بعدها بعشر سنوات لتصبح 10 ياردات (9 متر تقريباً). وبالرغم من أن مفهوم حائط الصد لم يكن قد تبلور بشكل كامل لكن بعض الصور لمباريات من تلك الحقبة تظهر بعض اللقطات للاعبين ينظمون انفسهم في حائط صد ولكن معظمها كان يتشكل من لاعبين فقط.
أما الظهور الرسمي الأول لحائط الصد في سجلات الاتحاد الانكليزي فكان في العام 1970 حين ذكر احد كتيبات التدريب التي كان يصدرها الاتحاد أن معظم اللاعبين اليوم يستطيعون التسجيل مباشرة من مسافة 20 متراً تقريباً إن منحوا رؤية واضحة للمرمى وبالتالي فإنه من الضروري أن ينظم المدافعون أنفسهم في حائط صد لمنع المسدد من التسجيل. وبالتالي فإن السبب الرئيسي لظهور حائط الصد هو مجرد وسيلة لحرمان المهاجمين من التسديد مباشرة باتجاه المرمى والتي كانت الطريقة الأكثر شيوعاً لتنفيذ الركلات الثابتة في تلك الفترة.
لكن، وعلى غرار كل التطورات في عالم كرة القدم، فإن المهاجمين استطاعوا التحايل عليها. فانتشرت تقنيات اخرى لتنفيذ الركلات الثابتة كتهيئة الكرة الى لاعب اخر يملك زاوية أفضل للتسديد أو وضع لاعب ضمن الجدار والتمرير له أو محاولة الهاء المدافعين والحراس (لكن بطرق أفضل من التي اتبعها لاعبو منتخب المانيا في كأس العالم الأخيرة امام منتخب الجزائر). ومع دخول الكرات الخفيفة والمغلفة بطبقة بلاستيكية عالم كرة القدم أصبح الحراس يواجهون خطراً أكبر، حيث ساهمت خفة الكرة الى ظهور طرق جديدة في التسديد تعتمد إما على تسديد الكرة بطريقة ملتفة كدايفيد بيكهام، أو تسديد كرة صاروخية عالية تتجاوز الحائط وتنخفض في الوقت المناسب كجونينيو أو زرع الكرة في زاوية مستحيلة كأندريا بيرلو.
تطور تقنيات تنفيذ الركلات الحرة مازال مستمراً الى اليوم حيث بلغ عدد الأهداف المسجلة في البريميرليج من الركلات الثابتة 6.8% من عدد الأهداف الكلية المسجلة في النصف الأول من موسم 2013/2014 مقارنة بمعدل 2.8% على مدار المواسم الخمسة السابقة. بينما وصلت نسبة نجاح الركلات الحرة الى 10% خلال نفس الموسم (اي ان واحدة من كل عشر ركلات ثابتة مباشرة يسجل منها هدف) مقارنة بمعدل نسبة نجاح 5% على مدار المواسم الخمسة السابقة.
ولكن، وبالنسبة لعلماء كرة القدم، فإن الخطر الأكبر الذي يواجه حراس المرمى اليوم ليس براعة المسددين فقط بل هو الوقت الذي لا يتسنى لهم رؤية الكرة فيه بسبب حائط الصد. حيث تستغرق الكرة المسددة من ركلة ثابتة من مسافة 20 متراً حوالي 0.9 ثانية للوصول الى المرمى ولكن لا يتسنى لحارس المرمى رؤية الكرى سوى بعد مرور ستة اعشار من الثانية، أي أن الكرة محجوبة عنه لستين بالمائة من الوقت، وبالتالي فقد أصبح حائط الصد يلعب دوراً سلبياً خصوصاً وأن معظم لاعبي الجيل الحالي اصبح بإمكانهم تسديد الكرة من فوق الحائط وزرعها في الشباك بسهولة. وبالتالي أصبح التصدي لركلة ثابتة كالتصدي لركلة الجزاء معتمداً على توقع الحارس للزاوية التي سيسدد فيها المهاجم. وليس على مهارة الحارس وسرعة رد فعله ولذلك فقد بدأ بعض حراس المرمى إما بإنقاص عدد اللاعبين في الحائط ليمنحهم ذلك مجالاً أوسع للرؤية، الأمر الذي اشتهر ادوين فان دير سار بالقيام به في أواخر مسيرته مع اياكس، أو بالتخلص من الحائط كلياً !!
كذلك قام توني وايترز (الحارس السابق لمنتخب انكلترا) بنفس الشيء حين تولى تدريب فريق فانكوفر وايتكابس ومنتخب كندا وقاده للوصول لنهائيات كأس العالم 1986، حيث اقنع مدافعيه بعدم تشكيل حائط صد ضد الكرات الثابتة ويؤكد بأن فرقه لم تتلقى أي هدف بسبب عدم وجود حائط صد، وبسبب عدم وجود الفيديوهات لتأكيد ذلك علينا أن نصدق كلام الرجل !! قرار وايترز بالتخلي عن حائط الصد جاء بعد أن سمع حراس المرمى يقسمون بأنه كان بإمكانهم التصدي للركلة الحرة لو أنهم تمكنوا من رؤية مسار الكرة بشكل ابكر. قرار التخلي عن حائط الصد لا يعني عدم تقديم أي حماية للحارس لكن شكل الحماية يصبح مختلفاً: حيث يقوم اللاعبون بالتراجع الى خط المرمى بينما يتقدم الحارس بضع خطوات الى الأمام. لكن وكما ذكرنا سابقاً فإن المهاجمين دائماً ما يجدون طريقة لجعل الأمور اصعب على المدافعين، حيث يذكر فان دير سار أن لاعبي الفريق الخصم كانوا يرسلون لاعباً ليقف في مكان اللاعب الذي أزاحه هو من الجدار أو ان يشكلوا حائطاً اخراً لحجب الرؤية عنه.
إذاً قد يكون من المبكر الكلام عن الاستغناء عن حائط الصد بشكل كامل لكن ظهور طريقة جديدة لمنح حارس المرمى فترة أطول من الرؤية يبدو أمراً وشيكاً لا بل ضرورياً.
goal
بداية لنعود الى البدايات وسبب ظهور حائط الصد؛ ففي الأيام الأولى لكرة القدم، والتي بدأت في انكلترا كلعبة للرجال المحترمين، لم يأخذ المشرعون الأوائل في الحسبان احتمالية عرقلة أحد هؤلاء الرجال المحترمين لخصمه وبالتالي فإن مفهوم الخطأ لم يدخل كرة القدم سوى في العام 1873 ولكن جميع المخالفات كانت تنفذ بشكل غير مباشر وكان يسمح للمدافعين بالوقوف على مسافة 6 ياردات (5.5 متر تقريباً). هذه القاعدة استمرت حتى موسم 1903-1904 حين سُمح للاعبين بالتسجيل مباشرة من الركلات الثابتة مع الإبقاء على مسافة الستة ياردات والتي ازدادت بعدها بعشر سنوات لتصبح 10 ياردات (9 متر تقريباً). وبالرغم من أن مفهوم حائط الصد لم يكن قد تبلور بشكل كامل لكن بعض الصور لمباريات من تلك الحقبة تظهر بعض اللقطات للاعبين ينظمون انفسهم في حائط صد ولكن معظمها كان يتشكل من لاعبين فقط.
أما الظهور الرسمي الأول لحائط الصد في سجلات الاتحاد الانكليزي فكان في العام 1970 حين ذكر احد كتيبات التدريب التي كان يصدرها الاتحاد أن معظم اللاعبين اليوم يستطيعون التسجيل مباشرة من مسافة 20 متراً تقريباً إن منحوا رؤية واضحة للمرمى وبالتالي فإنه من الضروري أن ينظم المدافعون أنفسهم في حائط صد لمنع المسدد من التسجيل. وبالتالي فإن السبب الرئيسي لظهور حائط الصد هو مجرد وسيلة لحرمان المهاجمين من التسديد مباشرة باتجاه المرمى والتي كانت الطريقة الأكثر شيوعاً لتنفيذ الركلات الثابتة في تلك الفترة.
لكن، وعلى غرار كل التطورات في عالم كرة القدم، فإن المهاجمين استطاعوا التحايل عليها. فانتشرت تقنيات اخرى لتنفيذ الركلات الثابتة كتهيئة الكرة الى لاعب اخر يملك زاوية أفضل للتسديد أو وضع لاعب ضمن الجدار والتمرير له أو محاولة الهاء المدافعين والحراس (لكن بطرق أفضل من التي اتبعها لاعبو منتخب المانيا في كأس العالم الأخيرة امام منتخب الجزائر). ومع دخول الكرات الخفيفة والمغلفة بطبقة بلاستيكية عالم كرة القدم أصبح الحراس يواجهون خطراً أكبر، حيث ساهمت خفة الكرة الى ظهور طرق جديدة في التسديد تعتمد إما على تسديد الكرة بطريقة ملتفة كدايفيد بيكهام، أو تسديد كرة صاروخية عالية تتجاوز الحائط وتنخفض في الوقت المناسب كجونينيو أو زرع الكرة في زاوية مستحيلة كأندريا بيرلو.
تطور تقنيات تنفيذ الركلات الحرة مازال مستمراً الى اليوم حيث بلغ عدد الأهداف المسجلة في البريميرليج من الركلات الثابتة 6.8% من عدد الأهداف الكلية المسجلة في النصف الأول من موسم 2013/2014 مقارنة بمعدل 2.8% على مدار المواسم الخمسة السابقة. بينما وصلت نسبة نجاح الركلات الحرة الى 10% خلال نفس الموسم (اي ان واحدة من كل عشر ركلات ثابتة مباشرة يسجل منها هدف) مقارنة بمعدل نسبة نجاح 5% على مدار المواسم الخمسة السابقة.
ولكن، وبالنسبة لعلماء كرة القدم، فإن الخطر الأكبر الذي يواجه حراس المرمى اليوم ليس براعة المسددين فقط بل هو الوقت الذي لا يتسنى لهم رؤية الكرة فيه بسبب حائط الصد. حيث تستغرق الكرة المسددة من ركلة ثابتة من مسافة 20 متراً حوالي 0.9 ثانية للوصول الى المرمى ولكن لا يتسنى لحارس المرمى رؤية الكرى سوى بعد مرور ستة اعشار من الثانية، أي أن الكرة محجوبة عنه لستين بالمائة من الوقت، وبالتالي فقد أصبح حائط الصد يلعب دوراً سلبياً خصوصاً وأن معظم لاعبي الجيل الحالي اصبح بإمكانهم تسديد الكرة من فوق الحائط وزرعها في الشباك بسهولة. وبالتالي أصبح التصدي لركلة ثابتة كالتصدي لركلة الجزاء معتمداً على توقع الحارس للزاوية التي سيسدد فيها المهاجم. وليس على مهارة الحارس وسرعة رد فعله ولذلك فقد بدأ بعض حراس المرمى إما بإنقاص عدد اللاعبين في الحائط ليمنحهم ذلك مجالاً أوسع للرؤية، الأمر الذي اشتهر ادوين فان دير سار بالقيام به في أواخر مسيرته مع اياكس، أو بالتخلص من الحائط كلياً !!
كذلك قام توني وايترز (الحارس السابق لمنتخب انكلترا) بنفس الشيء حين تولى تدريب فريق فانكوفر وايتكابس ومنتخب كندا وقاده للوصول لنهائيات كأس العالم 1986، حيث اقنع مدافعيه بعدم تشكيل حائط صد ضد الكرات الثابتة ويؤكد بأن فرقه لم تتلقى أي هدف بسبب عدم وجود حائط صد، وبسبب عدم وجود الفيديوهات لتأكيد ذلك علينا أن نصدق كلام الرجل !! قرار وايترز بالتخلي عن حائط الصد جاء بعد أن سمع حراس المرمى يقسمون بأنه كان بإمكانهم التصدي للركلة الحرة لو أنهم تمكنوا من رؤية مسار الكرة بشكل ابكر. قرار التخلي عن حائط الصد لا يعني عدم تقديم أي حماية للحارس لكن شكل الحماية يصبح مختلفاً: حيث يقوم اللاعبون بالتراجع الى خط المرمى بينما يتقدم الحارس بضع خطوات الى الأمام. لكن وكما ذكرنا سابقاً فإن المهاجمين دائماً ما يجدون طريقة لجعل الأمور اصعب على المدافعين، حيث يذكر فان دير سار أن لاعبي الفريق الخصم كانوا يرسلون لاعباً ليقف في مكان اللاعب الذي أزاحه هو من الجدار أو ان يشكلوا حائطاً اخراً لحجب الرؤية عنه.
إذاً قد يكون من المبكر الكلام عن الاستغناء عن حائط الصد بشكل كامل لكن ظهور طريقة جديدة لمنح حارس المرمى فترة أطول من الرؤية يبدو أمراً وشيكاً لا بل ضرورياً.
goal