الاحتلال يحرم 100 ألف مقدسي الخدمات
ناشدت شخصيات مقدسية سياسية وحقوقية المجتمع الدولي ممارسة الضغوطات على إسرائيل وثنيها عن مخططها القاضي بالتنازل عن الأحياء السكنية المقدسية التي عزلها وسلخها جدار الفصل العنصري والامتناع عن تقديم أي خدمات لنحو مائة ألف مقدسي يقطنون ضاحية ألرام، والعيزرية، ومخيم شعفاط للاجئين، وحي السلام، وسمير أميس، ورأس خميس، وكفر عقب، على اعتبار أنهم أصبحوا خارج نفوذ بلدية الاحتلال، وبالتالي ستنقل الصلاحيات لإدارة شؤونهم إلى "الإدارة المدنية" التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي.
وتحولت الأحياء السكنية التي عزلها وحاصرها الجدار إلى مخيمات للاجئين تعاني الاكتظاظ السكاني وتنعدم بها أبسط الخدمات، وبموجب الخطة التي تتطلع إسرائيل لتنفيذها سيتم تحويل جميع الصلاحيات من بلدية القدس المحتلة إلى الإدارة المدنية دون أن يسمح للسلطة الفلسطينية بالنشاط والوجود بهذه المناطق أو تقديم الخدمات للسكان.
وعقدت العديد من الاجتماعات بين قيادات من الجيش و"الإدارة المدنية" ومسؤولين كبار من بلدية الاحتلال بحضور منسق الحكومة الإسرائيلية بالأراضي الفلسطينية المحتلة، وتم التباحث بطلب البلدية بنقل الصلاحيات عن السكان بهذه الأحياء لسلطات الجيش التي أبدت ملاحظاتها حول ارتهان مثل هذا المشروع لقرار سياسي يلزم تطبيقه من قبل حكومة بنيامين نتنياهو.
تطهير عرقي
أتى الجدار، يقول النائب أحمد عطون المبعد عن القدس، ليعمق من معاناة هؤلاء السكان الذي يواجهون صراع البقاء ويتحدون مشاريع التطهير العرقي التي تستهدفهم من قبل مؤسسات الاحتلال الرامية إلى الإعلان عن "القدس الكبرى" كعاصمة للشعب اليهودي، ويأتي هذا الإجراء الاحتلالي في سياق تهويد القدس وتعزيز الاستيطان.
وأكد عطون في حديثه للجزيرة نت أن إسرائيل ولتحقيق مخططاتها تعتمد سياسة الطرد الجماعي وسحب الإقامة المقدسية بالجملة من السكان الأصليين البالغ تعدادهم حاليا نحو ثلاثمائة ألف فلسطيني.
ويأتي هذا الإجراء لتحقيق الخلل بالميزان الديموغرافي كي لا يتجاوز التعداد السكاني للفلسطينيين بحلول عام 2020 ما نسبته 12% لتكون القدس ذات أغلبية ساحقة يهودية تضم الكتل الاستيطانية لنفوذ وصلاحيات بلدية الاحتلال التي ستقدم خدماتها لنحو 350 ألف مستوطن.
ووجه انتقادات شديدة اللهجة إلى المجتمع الدولي، واتهم دول العالم كونها تلتزم الصمت حيال ممارسات الاحتلال التي تتنافى والمواثيق الدولية بالمشاركة في جرائم التطهير العرقي التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني وسكان القدس على وجه الخصوص.
ودعا عطون الدول العربية والإسلامية لوضع إستراتيجيات لمواجهة مخططات الاحتلال بالقدس من خلال مخططات بديلة لدعم صمود الفلسطينيين بالمدينة، مبينا أن العالم العربي يمتلك الكثير من البطاقات الضاغطة كبترول والأرصدة المالية لكنه يمتنع عن استعمالها في ظل غياب إرادة سياسية حقيقة تجاه القدس.
الخطر الديموغرافي
وبدوره، استبعد الباحث بجمعية "عير عميم" والمختص بشؤون الاستيطان بالقدس أحمد صب لبن، نجاح الاحتلال بتنفيذ مخططه وأن سلخ الجدار هذه الأحياء عن المدينة الأم.
وأوضح بأنه لا يمكن جغرافيا التنازل عن هذه المناطق باعتبارها امتدادا طبيعيا للقدس وبالتالي فإن إسرائيل ملزمة بالانسحاب من القدس الشرقية المحتلة، حيث توحي مشاريعها الاحتلالية بعمق الأزمة التي تعيشها الحكومة الإسرائيلية التي باتت تعجز عن التعامل مع السكان الفلسطينيين وتسعى للاحتفاظ بأكبر رقعة أرض فلسطينية خالية من السكان لفرض أمر واقع.
وبين في حديثه للجزيرة نت بأن أهداف دولة الاحتلال تتلخص بسلب وانتزاع المقدسيين أراضيهم وطردهم من المدينة ليتحولوا إلى أقلية، حيث تتطلع إسرائيل لحسم ما تسميه معركة "الخطر الديموغرافي" لصالحها.
ومثل هذا الإجراء في حال شرعت إسرائيل بتطبيقه سيؤدي إلى ردة عكسية ونزوح قرابة مائة ألف مقدسي من هذه الأحياء إلى داخل أسوار البلدة القديمة خشية أن يفقدوا هويتهم المقدسية، مما سيؤدي لخلل بالاستقرار والميزان الاجتماعي والاقتصادي واكتظاظ سكاني بالقدس الشرقية ينذر بالانفجار. الجزيرة