شقمان: مشكلة الملكية في طريقة ادارتها ونهج تشكيل المجلس
أكد نقيب الطيارين الأردنيين، الكابتن أسامة شقمان، ان المشكلة الأساسية في الملكية الأردنية تكمن بطريقة ادارة الشركة من قبل مجلس الادارة.
واعتبر شقمان في مقابلة صحفية ان ما حدث من محاولة اصلاح أوضاع الشركة تمثل بتغيير رئيس مجلس الادارة فقط، دون اي اجراءات كثيرة اخرى.
وأكد شقمان على ضرورة ان يكون مجلس ادارة الشركة منتخبا من قبل أعضاء الهيئة العامة، وان يكون المجلس الجديد ذو رؤية اقتصادية ومالية مميزة.
وتاليا نص المقابلة:
* كيف تنظر للتغييرات الادارية التي شهدتها الملكية الاردنية؟!
- عندما نتحدث عن التغيير واعادة الهيكله وأسلوب جديد في الإدارة ومنهجية جديدة في اتخاذ القرارات الإستراتيجية من قبل من ومن صاغها؟ فهل يعقل أن كياناً مؤسسياً يعاني من "خلل هو ذاته" يستيقظ على الخلل ثم يقوم بتوصيف ذاته وتقييم ذاته ثم يضع برنامجاً لتجاوز الخلل بأدواته هو؟ هذا ما يحدث الان نفس اعضاء مجلس الاداره فقط الذي حصل هو تغيير رئيس المجلس.
إن العمل الإصلاحي في اعادة هكيلة الملكية يحتاج لرؤية شاملة وفكر جديد، واعادة هكيلة الشركة يجب أن يكون جزءا من عملية اصلاح شامل وهو الإصلاح الذي يأخذ بعداً اجتماعياً وثقافياً وأخلاقياً وسياسياً؛ فالمنظومة متكاملة ولا يمكن الاحتكام لإصلاح أحد أجزائها وترك الأجزاء الأخرى.
* أين المشكلة؟
- المشكلة الأساسية هي في طريقة إدارة الشركة، فمجلس الإدارة يجب ان يكون ذو رؤية اقتصادية بحتة، ويجب أن يكون منتخباً من قبل أعضاء الهيئة العامة وليس كما هو الحال الآن حيث يتم تعيينه من قبل الحكومة، المدير العام بعد أن تحولت الخطوط الجوية الملكية إلى شركة تحول مسماه إلى المدير العام/الرئيس التنفيذي، وهذا المسمى -أي الرئيس التنفيذي- جاء بهدف الحد من تدخل مجلس الإدارة في قرارات المدير العام، وهو بالمناسبة متطلب من متطلبات هيئة الطيران المدني لتحديد المسؤول عن الشركة، إلا ان ذلك لم يحصل وبقي مجلس الإدارة هو من يدير الشركة.
* ماذا عن سبل تغيير الواقع؟
- مجلس الإدارة الحالي تخطى المدة القانونية وهي دورتين، بواقع 4 سنوات لكل دورة، وفي كل الدنيا عندما تكون سياسات مجلس الإدارة خاطئة في الدورة الأولى يتم استبداله عبر الانتخاب في الدورة التالية، فكيف يستقيم أن يستمر مجلس الإدارة لدورتين والشركة مستمرة في الخسائر؟! حين تكون الحركة المالية للشركة نحو 900 مليون وتخسر 40 مليون، حين تقول انها تساهم في اقتصاد الدولة بنحو 3% وهي خاسرة فهناك خلل ما ينبغي تصويبه.
في بلد مثل الأردن يصدر الخبرات إلى كل دول العالم لماذا لا يكون المدير العام من أصحاب الخبرة والكفاءة من أبناء الشركة، كما كان في بعض السنوات السابقة؟ الشركة شهدت بعض المدراء العامين من أبنائها الذين عملوا فيها سنوات طويلة وأثبتوا كفاءة واقتداراً في إدارتها، ولكن للأسف هؤلاء الأشخاص لو لم يكونوا يتمتعون بـ"نفوذ أسري" لما تمكنوا من الوصول إلى منصب المدير العام، مع أنهم شكلوا تجارب ناجحة في إدارة الملكية، ولذلك يجب تعميم هذه التجربة والتقيد بها بحيث يكون المدير العام من أبناء الشركة اللذين يتمتعون بالخبرة والحنكة الإدارية والمهارات اللازمة لإدارة شركة بهذا الحجم والتي من أبرزها "القيادة"، إضافة إلى القدرة على اتخاذ القرار بعيداً عن الأسس والمصالح الشخصية، خاصة في ظل تغول مجلس الإدارة الحالي على صلاحيات المدير العام والعمل على الحد منها.
* هل تريد ان تبقى ادارة الشركة حكرا على ابنائها؟! ماذا لو توفر الكفؤ؟!
- طبعا يمكن لشخص من خارج الملكية أن يديرها بشكل جيد إن تمتع بالمواصفات سابقة الذكر، ولكن هناك متطلب آخر سيكون بحاجة إليه، وهو فريق عمل متعاون، بحيث تكون الإدارات العليا تعمل بروح الفريق وتقدم له النصيحة الصادقة، لا أن يبعثوا له برسائل خاطئة لإفشاله، كما حصل مع المدير العام السابق، الذي ساهم مدراء تنفيذيون بفشله رغم أنه كان مثقفاً وذكياً، خاصة وأنه لم يكن صاحب القرار في الشركة، ولذلك فإبن الشركة أكثر معرفة بوضع الشركة بشكل تفصيلي، وأكثر قدرة على التمييز بين الأشخاص الذين يمكنهم إعطاء النصيحة الصادقة، وبين أولئك الذين يتعمدون إيصال رسائل خاطئة بهدف إفشاله.
* تقصد ان المشكلة ليست في شخص المدير او رئيس مجلس الادارة فقط؟
- بالطبع، مجلس الإدارة والمدير العام ليسا وحدهما المسؤولان عن الخلل في الشركة -وإن كان لهما الدور الأكبر- هناك الإدارات العليا التي تتبع المدير العام تعاني من خلل كبير، التوزيع الإداري وصلاحيات المدراء التنفيذيين سبب رئيسي في المشاكل التي تواجهها الملكية حيث أن التنسيق بين هذه الإدارات مفقود تماماً وكل مدير يعمل ضمن إدارته وكأنه كيان مستقل أو شركة قائمة بحد ذاتها، ولا وجود لمفهوم الفريق الواحد سوى على الورق.
* ماذا عن الكوادر البشرية العاملة في الشركة؟!
- موضوع التوظيف سبب آخر من أسباب تدهور أوضاع الملكية، حيث يتم التعيين عبر الواسطة والعلاقات الشخصية، يتم إجراء امتحان قبول بسيط جداً يمكن لأي شخص اجتيازه، وفوق ذلك لا يتم تأهيلهم، بل يطلب منهم مباشرة العمل دون أن يتلقوا تدريباً من أي نوع ولو بالحد الأدنى، الطيارون والمضيفون الجويون وبعض موظفي أقسام الصيانة هم وحدهم من يتلقون التدريب، مع أن هناك أقساماً أخرى لا تقل أهمية يحتاج الموظفون فيها إلى تدريب وتأهيل، ناهيك عن أن من يتلقون التدريب يتلقونه خارج الملكية بعد أن تم بيع شركة التدريب التابعة للملكية، وهو أمر ينطبق على موضوع الصيانة، إذ إن الملكية تقوم بصيانة الطائرات في شركات صيانة خارجية حققت أرباحاً سنوية تصل ملايين الدنانير سنوياً من وراء عقود صيانة طائرات الملكية بعد أن باعت الأخيرة شركات الصيانة التابعة لها.
* سمعنا أخبارا كثيرة حول استقالات مستمرة لموظفين في الشركة، كيف تعلق على ذلك وما أثره؟
- افتقاد الأمن الوظيفي عند موظفي الملكية ساهم فيما وصلت إليه الملكية الآن، على سبيل المثال إذا كانت لدى المدير مشكلة شخصية مع أحد الموظفين يستطيع إخراجه من الشركة بطريقة أو بأخرى، خاصة في ظل قوانين عمالية لا تحمي الموظفين، وموظفو الملكية ليست لديهم الحرية في الانتقاد وكتابة تقارير بحق مسؤوليهم ولا حتى القدرة على إبداء آرائهم، وهذا سبب رئيسي في تراجع الأداء، والمعروف أن نظام الجودة في العالم يعتمد بشكل أساسي على التغذية الراجعة ونظام التقارير، وهذا أمر غير موجود إطلاقاً في الملكية، كما أنه لا تتم محاسبة المخطئ عن خطأه، ونظام "مؤشرات الأداء الرئيسية" (KPI) غير مطبق إلا في موضوع تأخير الرحلات، أما في بقية الأمور فلا فعالية له أبداً، والتي قد تكون أكثر أهمية من موضوع التأخير؛ مثل تجاوز عدد ساعات الطيران للطائرة الواحدة وغيرها من الأمور التي ينبغي مراقبتها عبر هذا النظام.
كما ان هنالك موظفون في الصفين الثاني والثالث مبدعون بكل معنى الكلمة، ولكن للأسف لا يتم منحهم الفرصة لتقديم ما لديهم من إبداع ولا حتى للظهور، وتجد ترقيات غير معقولة وغير منطقية تحدث فجأة في الملكية نتيجة خلل في نظام الموارد البشرية الذي تتبعه الملكية.
* ما الحل لمشاكل الملكية الكثيرة؟
- الشركة بحاجة إلى إعادة هيكلة و"إعادة تكوين" بفكر جديد، يجب عليها إعادة النظر بنظام استئجار الطائرات ونظام قطع الغيار ونظام الصيانة واستعمال الطائرات، ونظام القيادة والسيطرة، ووضع خطط جديدة لاستغلال الطائرات إلى أقصى مدى.
عملية افتتاح الخطوط أيضا، فقد شابها الكثير من الغموض، حيث يتم فجأة فتح خط جديد ثم يـُكتشف بعد سنة أنه خط خاسر فيتم إغلاقه! الأمر الذي يدل على عدم وجود تخطيط ليس في موضوع فتح خطوط جديدة فقط وإنما في عمليه استئجار الطائرات أيضاُ، طائرة"بوينغ- طائرة الأحلام" على سبيل المثال أنا كنت ضد استئجارها، فالملكية باستئجارها لطائرة "بوينغ- طائرة الأحلام" تعيد قصة طائرات (تراي ستار) عام 1985 التي قمنا بشرائها بينما كان العالم في ذلك الوقت يتخلى عنها، وكلفت الملكية مبالغ طائلة لأن مصانعها كانت مغلقة، "بوينغ- طائرة الأحلام" طائرة ناجحة ولكنها لا تناسب وضع الملكية، فطائرة بهذا الحجم وبهذا السعر المرتفع لا تناسب شركة طيران صغيرة كالملكية، ومن الخطأ أن يتم استئجارها فقط لأنها توفر في الوقود، خاصة بعد انخفاض أسعار النفط، هذه الطائرة صنعت من أجل شركات عملاقة لديها إمكانات مالية عالية، أنا كان رأيي أنه طالما لدينا (إيرباص 320) وهي طائرة تقطع مسافات قصيرة ومتوسطة، كان ينبغي أن نعززها بطائرات (إيرباص 330) لأنها طائرة اقتصادية وتقطع مسافات طويلة وتكلفة استئجارها منخفضة، فتوحيد الطائرات يخفف من الكلف التشغيلية سواء في الطيارين أو المضيفين أو الصيانة وقطع الغيار، أما إحضار طائرات (إمبراير) و(إيرباص 340) و"بوينغ- طائرة الأحلام" في شركة طيران صغيرة كالملكية الأردنية فهو يشكل عبئاً كبيراً عليها فيما يتعلق بالطيارين والصيانة وغيرها.
* هناك أحاديث كثيرة حول عقود استجئار الطائرات، ما رأيك بتلك العقود؟!
- العقود الطويلة التي يتم من خلالها استئجار الطائرات عليها علامات استفهام كبيرة، إذ ينبغي أن تكون العقود سنوية للاستفادة من المنافسة في تخفيض الأسعار سنة بعد أخرى، إلا أن العقود الطويلة التي تمتد لعشرات السنوات تحرم الملكية من التمتع بهذه الميزة، وهو أمر ينطبق على عقود أخرى؛ مثل عقود الصيانة وتزويد الطعام وغيرها، وللأسف لا أحد يعرف كيف تتم عقود استئجار الطائرات، أنا كنت رئيس دائرة العمليات الجوية في الملكية الأردنية وسألت عن العقود ولم أحصل على جواب، ولا أبالغ إن قلت لك أنه حتى المدير العام للشركة لا يعرف كيف تبرم هذه العقود.
من السياسات الخاطئة التي تنتهجها الملكية هي سياسة (الترانزيت)، فالملكية تركز على فكرة أن يستمر المسافر القادم من لندن على سبيل المثال الى الخليج دون توقف، وهذا أمر خطأ لأنه يحرم البلد من العملة الصعبة التي تتأتى من المسافرين فيما لو أمضوا ليلة في عمان قبل إكمال رحلتهم، وهو ما تفعله كبرى شركات الطيران في العالم.
هناك موضوع غاية في الأهمية وهو مدراء المحطات الخارجية، والذين بعضهم موجود في منصبه منذ أكثر من عشرين سنة، هؤلاء يكلفون الملكية مبالغ طائلة، مع أنه يمكن الاستعاضة عنهم عبر تعيين موظفين من البلد التي توجد المحطة بها وهذا من شأنه تخفيف الكلفة المالية، علاوة على أن الشركة تستأجر مكاتب فاخرة في مناطق تعجز بعض الشركات الكبرى عن الاستئجار فيها نظراً لارتفاع أسعارها، ناهيك عن وجود (مدير محطة) و (مدير منطقة) في كل دولة، أحدهما موجود في المطار والآخر في المدينة، وكل منهما يعمل معه طاقم كبير، مع أن أعمال الشركة يتولاها وكيل موجود في كل دولة.! فما الداعي لوجود مدير ومكتب وطاقم عمل يكلفون الشركة مبالغ طائلة سنوياً.
يجب على إدارة الملكية إذا أرادت إصلاح الوضع أن تحسن من الوضع المعيشي وعمل التدريب الازم لموظفيها الذين يتقاضون غالبيتهم رواتب دون 500 دينار في ظل وجود إدارات عليا تتقاضى عشرات الألوف شهرياً، فلا يعقل أن يتقاضى (المرحّل الجوي) الذي يجهز رحلة تكلفتها مئات الاف من الدنانير راتباً شهرياً أقل من 500 دينار، وهو يقوم ببرمجة طائرة تقلع من عمان إلى نيويورك ويختار الوقت والطقس والوزن والارتفاع وغيرها من الأمور التي من شأنها توفير ملايين الدنانير على الشركة.!
الزيادة في عدد الموظفين سبب آخر في مشاكل الشركة، فهناك نحو ألف موظف فائضين عن الحاجة، ونحن بالطبع لا نطالب بالاستنغاء عنهم، خاصة وأنهم لا يشكلون نسبة مرتفعة من الكلف التشغيلية للشركة، لكن على الأقل ألا تستمر الشركة سياسية التعيين المتبعة حالياً والتي تعتمد على التنفيع واسترضاء بعض الأطراف.
* كلمة أخيرة كابتن أسامة شقمان؟
- خلاصة الموضوع المطلوب هو طريقة جديدة في التفكير و أسلوب جديد في الإدارة ومنهجية جديدة في اتخاذ القرارات الإدارية الإستراتيجية مع الاخذ بعين الاعتبار في وضع منهج علمي واضح وديناميكي في عملية واتخاذ القرارات الإستراتيجية لشركه التي تؤدي إلى تحقيق الربحيه مع ضمان الجودة, إن من اهم المهام الحيوية للإدارة العليا في كل شركه او مؤسسة, العمل من أجل صياغة رسالة واضحة ومحددة للشركه وتحديد الأهداف الإستراتيجية لها وتحليل الخيارات أو المسارات الإستراتيجية المتاحة والمفاضلة فيما بينها في ضوء تحليل البيئتين الداخلية وهو من الاوليات والخارجية وخاصة في منطقتنا وبالتالي اختيار وتطبيق ومراقبة تنفيذ الإستراتيجية الملائمة للشركه, وعليه فإن الغايات المرجوة من عملية اعادة الهيكله الإستراتيجية هي, وضع و صياغة رؤيا استراتيجية جديدة للشركه و اعادة صياغة رسالة الشركه و من ثما تقويم الأداء الكلي للشركه, والبحث الجدي للدخول في تحالفات استراتيجية دولية والعمل على الدخول في إستراتيجيات الاندماج إلى جانب هذه الأهداف, فإن أهمية القدرة على التغير الإستراتيجية تتجلى من خلال قدرة الادارة العليا لشركة على تحليل ومواجهة التحديات التي تواجه الشركة وهي على سبيل المثال: كونية الأعمال وكونية المنافسة, والتقدم النوعي الهائل والمتسارع في حقل المعلوماتية وتأثيراتها الجذرية على أنشطة الشركة, و تصاعد وتيرة المنافسة محلياّ وإقليمياّ وعالمياّ , و التغير المستمر بقواعد لعبة االمنافسة العالميه و الااقليميه في مجال الطيران.
أن أهمية وجود التطوير المستمر, لأنه يعتبر سبيل البقاء في إستمرارية الشركة في عالم التقنيات الجديدة المعاصر والمنافسه الهائله, وما تتيحه من إمكانيات وتفرضه من تحديات, حيث يشمل التطوير المستمر لكل المجالات, وأهمها مجال نشاط الموارد البشرية, لانه التتطور والتتغير والمتغيرات والتحولات التي يشهدها عالم الطيران, حيث أدت إلى المزيد من التغيير في الإهتمامات ومناطق التركيز في عمل الإدارة المعاصرة والتحول الى الاهتمام و التركيز على قضايا الحاضر وإستثمار إنجازات الماضي إلى الإنطلاق للمستقبل وإبتكار الجديد في كل مجال وكيفية تسيير الناج للموظفين.