2024-09-02 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

فوبيا التوجيهي ومافيات الغش وأخلاقنا الاجتماعية

فوبيا التوجيهي ومافيات الغش وأخلاقنا الاجتماعية
جو 24 : صدر حديثاً للدكتور راضي محمد عيد النواصرة كتاب جديد بعنوان فوبيا التوجيهي ومافيات الغش وأخلاقنا الاجتماعية، عن دار عالم الكتب للنشر والتوزيع- الأردن/ إربد- شارع الجامعة، الطبعة الأولى، ضم 77 صفحة من الحجم المتوسط.

وأشار الدكتور النواصره في مقدمة كتابه إلى ما دفعه بالكتابة في هذا العنوان، فقال "عندما كنت أشاهد الطلبة ينهكون أنفسهم ويسهرون الليالي الطوال خلال السنوات الماضية، وهم يدرسون بجدٍ واجتهاد وتعب مُضنٍ، كنت أرثي لحالهم، ونفسي تتفطر أسىً عليهم، لأن غيرهم يحصل على علامات أعلى منهم في امتحان التوجيهي دون عناء، ودون تعب، بل وعن طريق الغش وسرقة الأسئلة وتسريبها إليهم، وبالطرق الملتوية، وعندما تأملت نتائج شهادة الدراسة الثانوية العامة لعام 2014، تلك النتائج المتدنية كثيراً، والتي ظهر فيها أن بضع مئات من المدارس لم ينجح فيها أحد، وبضع مئات أخرى كانت نسبة النجاح فيها لا تتجاوز الـ 50%، قلت في نفسي إلى أين مجتمعنا يمضي، بعد أن دب الفساد، واستشرى الكذب والنفاق عند الكثيرين، وانتشرت الخبائث، وتفشى الغش بمختلف أنواعه وفنونه، فانتشر الغش في البيع والتجارة، والغش في العمل، والغش في الزراعة، والغش في كل مناحي الحياة، إلى أن وصل الغش إلى العلم والتعليم، وهذا أخطر أنواع الغش، فصممت أن أكتب بحثي هذا حول موضوع الغش في امتحانات التوجيهي الأردني، أو امتحانات شهادة الدراسة الثانوية العامة، والتي بموجبها يحصل الطالب على شهادة (التوجيهي)، هذه الشهادة التي تُعد مفتاحاً لحياته، ليتمكن بموجبها من متابعة دراساته العليا، وفي الاتجاه والمنحى الذي يريده في دراسته، أي أن مقدار علاماته في الشهادة يحدد مسير دراسته، وبموجب هذه الدراسة تتحدد حياته العملية المستقبلية.
ومن منطلق حبي لطالب العلم واهتمامي بمن يذوقون مرارة التعب في دراستهم وخوفي عليهم من أن يعتدي غيرهم ممن لا يتعب ولا يدرس، ويسلك سبل الغش والخداع والفساد، ليحصل على علامات أكثر، ويفوز بمقعد في الجامعات أفضل ممّن يكد ويجتهد، ومن منطلق غيرتي على وطني وانتمائي لأُمّتي، قمت بكتابة هذا البحث، وجعلت عنوانه الخوف من التوجيهي، وربطت الخوف بمافيات الغش والخداع، وكيف يؤثر ذلك على أخلاقنا وعاداتنا، وكيف أن الغش والفساد يهدم القيم والمثل والأخلاق القويمة، وكيف تسعى إلى خراب الأجيال وخراب عقولهم وتجهيلهم وتبعدهم عن إِعمال العقل وبذل الجهد من أجل التعلّم والوصول إلى المعرفة وابتكار النظريات العلمية، حيث أن مساعي هذه الفئات الضالة تؤدي بالوطن والمجتمع إلى الهلاك والدمار.
وقد اعتمدت في بحثي على ما سمعته وقرأته من الصحف والمجلات والمقالات في وسائل وأجهزة الاتصال والتواصل الاجتماعي والإذاعة وأجهزة التلفاز والفضائيات والمقابلات واللقاءات العلمية والمؤتمرات، كما عدت إلى القرآن الكريم وكتب الأحاديث النبوية الشريفة وما جاء في المصادر والمراجع الأخرى للأديان السماوية".
وأشار الدكتور النواصرة بان نتاجه العلمي الجديد قد انتهجه وفق تقسيمه إلى خمسة فصول، وقال:-
"لقد قسمت بحثي هذا إلى خمسة فصول : ففي الفصل الأول: قمت بوضع تعريف لكلمة (التوجيهي) التي حولها يدور البحث، والغش في امتحاناته، وأوضحت أن التوجيهي هو مفتاح الحياة العلمية أو العملية للطالب، وأن حياته هذه توجهها علاماته، وفي ضوء العلامات ومقدارها يتوجه في دراسته إما إلى الطب أو الهندسة أو العلوم الأخرى أو الإنسانيات أو مجالات العمل الأخرى في الحياة، والعلامات هي معيار نجاحه. ثم تطرقت إلى عامل الخوف من الامتحان من حيث خوف الأهل أو خوف الطالب نفسه، خوفه من الإخفاق أو خوفه من تدني العلامات. ثم تطرقت إلى الغش وفساده في التوجيهي وأنواع الغش والطرق التي يسلكها الغشاشون، وضربت أمثلة وألوانا ونماذج لأنواع الغش التي يمارسها الطلبة في الامتحان.
وفي الفصل الثاني: كشفت عن هذا المرض الخطير الذي يصل إلى درجة الوباء، وكيف أنه يهدم المجتمع إذا فتك به ونخر أطيافه، وكيف إذا استفحلت خطورته لدرجة تصل إلى مستوى الجريمة التي يجب أن يعاقب عليها القانون كما يعاقب على بقية الجرائم الأخرى، ثم إن الغش لا يقل خطورة عن المخدرات في المجتمع.
وفي الفصل الثالث: تعرضت إلى امتحانات التوجيهي في السنوات الماضية بعد أن كان يسمى في عقد الخمسينات (مترك)، وقد انتهى نظام الامتحانات في (المترك) عام 1958 – 1959، وبدأ العمل بامتحان التوجيهي عام 1960 – 1961، وكيف كانت تعقد الامتحانات بعد إقرارها منذ عام 1961، وقارنت ذلك مع الامتحانات في عشر السنوات الماضية وحتى الآن، وكيف أن الغش قد بدأ ينخر في التوجيهي، الذي كاد أن يصبح لا طعم له بسبب أعمال الغش البذيئة، وانتهيت في هذا الفصل إلى الأسباب التي جعلت المعدلات تنخفض وتتدنّى إلى هذا الحدِّ الذي لاحظناه في نتائج الدورتين لهذا العام (2014).
وفي الفصل الرابع: أوضحت كيف أن النظام التعليمي تحدق به الأخطار، وأكثرها خطورة آفة الغش المستشرية في التوجيهي وفي مرافق التعليم والبحوث العلمية في الجامعات، وإذا لم تكافح هذه الآفة من قبل من يهمهم الأمر من رجالات الوطن المخلصين، كما يفعل وزير التربية والتعليم الحالي، الذي يعد مثالاً للتضحية من أجل رد الاعتبار للتوجيهي الذي هو (أي التوجيهي) أحد أركان هيبة الدولة، حيث أن هذه الآفة ستفتك بالمؤسسات العلمية، وكيف يمكن لهذه الأجيال أو الأجيال المقبلة أن تفيد من علماء فاسدين نشأوا على الفساد. ثم ختمت هذا الفصل بالتنويه بجهود وزير التربية والتعليم الحالي، الذي أخذ يضع حداً للفساد في امتحانات التوجيهي، وأهيب بكل من يهمه الوطن، وبكل صاحب ضمير أن يأخذ بيد هذا الوزير ويشد على يده لإنجاح مهمته في ضرب الفساد واقتلاع جذوره. وليت أن الوزارات والمؤسسات الأخرى تنهج نهج هذا الوزير بمكافحة الغش والفساد.
ثم انتقلت إلى الفصل الخامس وهو الأخير، بخصوص معالجة الغش، من باب أن معالجته هي مسؤولية وطنية، يجب أن تتضافر الجهود لمكافحته والقضاء عليه، وبينت في ذلك دور الأسرة ودور المدرسة ووزارة التربية والتعليم ودور الجامعات، ودور المسجد والكنيسة، لتوضيح وبيان خطورة الغش وازدراء من يقومون بأعمال الغش والفساد، وذلك في الخطب الدينية ودروس الوعظ والإرشاد، وأخيراً دور مجلس الأمة".
وخلال الفصل الأخير أشار الباحث إلى وسائل معالجة الغش كمسؤولية وطنية، وقال "إن انتشار الغش في الامتحان، كما غير ذلك من أنواع الغش في البيع والشراء والتجارة، والمعاملات اليومية، والغش في العمل والجهد والصناعة والزراعة وغيرها، هي أمور خطيرة جداً في حياتنا اليومية، وخطيرة على مجتمعنا العربي والإسلامي، وقد انتشر الغش، انتشار النار في الهشيم، وأخطر هذه الأنواع من الغش، هو الغش في الامتحان، الذي لم يقتصر على امتحان التوجيهي، بل امتد هذا النوع من الغش في التوجيهي وانتقل مع الطالب الذي نهج هذا النهج المقيت، إلى امتحاناته في الجامعة، وعندما يتقلد وظيفة أكاديمية، فإنه يقوم بسرقة البحوث العلمية لغايات الترقية في المناصب الأكاديمية.
وقد أصبح الغش ظاهرة اجتماعية تفشَّت وانتشرت بين طلبة التوجيهي في الامتحانات، كما تفشَّت في مختلف فئات المجتمع وأفراده، فانتشرت عند المزارع، حيث يقوم بخلط الثمار التالف والرديء في العبوات، ويضع على سطح العبوة طبقة من النوع الجيد، كما انتشرت عند المعلم في المدرسة، فقد يقوم بإعطاء الحصة الدراسية غير كاملة لطلابه، كما انتشرت عند أصحاب الصناعات، فيقومون بأعمال الغش في صناعاتهم، وانتشرت عند العامل الذي يغش صاحب العمل عندما يغيب عنه، وانتشرت في الوزارات والمؤسسات والدوائر والمرافق الأخرى، فيقوم الموظف أو المسؤول بتأجيل المعاملات أو لا يكترث بها ولا يأبه لها إذا فقدت المعاملة أو ضاعت، وهذه أمور لا يجوز السكوت عنها، لأن استمرارها وتمادي الغشاشين والفاسدين فيها يفتك بالمجتمع، ويهدد بانهياره ودماره، لأن المؤسسات هي ملك للوطن كله وملك للمجتمع كله، وليست ملكاً لشخص لوحده، ولا لفئة دون فئة وليس من حق أحد أن يخرج للاعتصام أو للمظاهرات، احتجاجا على إجراءات وزير التربية التي قام بها ضد أعمال الغش، مثل الإجراءات الأمنية وحرمان الطلبة الذين ألقي القبض عليهم متلبسين بجريمة الغش، ونقل قاعات ومراكز الامتحانات إلى مناطق أخرى، بل يجب التصدي لهذه الفئات الضالة الذين يشكلون خطراً على المجتمع والوطن، اللَّذيْن أصبحا ضحية لجرائم الغش والفساد، نتيجة تهاون المسؤولين في تطبيق الأنظمة والقوانين على كافة الطلبة وذويهم الذين يقترفون هذه الجرائم أو يشاركون في اقترافها، وعلى كل مؤسسات الدولة، وكذا جميع المواطنين من أصحاب الضمائر الحرة الذي يهمهم شأن الوطن، أن يشدُّوا على يد الوزير ويؤازروه ويقفوا إلى جانبه في محاربة الغش وأصحاب الغش، ونظراً لأن الغش هو في حقيقة الأمر تجهيل للأجيال، لأن الطالب إذا غش في الامتحان، فإنه ينقل المعلومات عن طريق الغش دون أن يقرأ ما في الكتاب، فيبقى جاهلاً لجميع ما فيه من معلومات، وبهذه الطريقة ينجح الطلاب بالغش، وهم جاهلون، يدمرون الوطن ويسعون لخرابه، ولهذا فإنه يجب علينا أن تتضافر جهودنا جميعاً للقضاء على هذه الآفة الخطيرة، والتي لا تقل خطراً عن تعاطي المخدرات والتعامل بها، ويجب على جميع مؤسسات الوطن أن تكثف جهودها للمشاركة في مكافحة هذا الخطر الجسيم، وبخاصة المؤسسات الأمنية، والمؤسسات التعليمية والثقافية، وكذا وزارة الأوقاف: المساجد والكنائس عن طريق الخطب الدينية والإرشادية والوعظية، وبيان الحرام فيها والاعتداء على حقوق الآخرين، وتوضيح ذلك بأنه تخريب لكيان الوطن عدا عن أنه أي الغش هو عادة ذميمة وخلق قبيح وشر مستطار، ولذلك يجب أن تتضافر جهود الخيّرين من أبناء المجتمع على اختلاف فئاته، مع جهود الوزارات والمؤسسات وأجهزة الدولة، من أجل مكافحة هذا المرض العضال، واجتثاثه من جذوره، وأن يبدأ معالجته بدءاً من الأسرة في البيت، ثم في المدرسة، كما يكون لكل من الجامعة، ووزارة التربية دورها أيضاً، كما أقترح ذلك فيما يلي:
أ- مهمة الأسرة:
يجب على الأب والأم أن يعلموا الطفل منذ بداية طفولته التمييز بين الحلال والحرام، والطيب والخبيث، وما له وما عليه، لينشأ نشأة طيبة حسنة، ويعلموه السبيل المستقيم والأخلاق الفاضلة والحميدة، ويبعدوه عن الخبائث والطرق الشريرة، كما أن على الوالدين أن يتابعوه في الروضة وفي المدرسة، كي يستمر في نشأته على المبادئ السليمة الفاضلة التي جاء بها الإسلام، ويعلموه قول الصدق وعدم الكذب وعدم الأذى، والابتعاد عن الغش والخداع والعدوان والإضرار بزملائه، ويعلموه الابتعاد عن الأفلام السيئة التي يشاهدوها في التلفزيون والتي تَبُث الرعب والغش والعدوانية والكذب والعنف، لأن كل هذه الأمور تحدث لدى الطفل ردة فعل، تراوده نفسه أن يمارسها خارج البيت وخارج الروضة أو المدرسة، وتجعل منه طفلاً متمرداً عنيفاً قاسياً، تنزع نفسه إلى الكذب والغش والخداع، وتبقى آثارها الذميمة في نفسه، وحتى عندما يكبر.
ب- مهمة المدرسة:
إن الأفعال الذميمة التي يشاهدها الطفل في البيت، ويمارسها أبواه وإخوانه أمامه، يكتسبها الطفل، وتنتقل معه إلى المدرسة، كما أنه يتعلمها من زملائه في المدرسة، إذا شاهد زميلاً له يقوم بمثل هذه الأفعال من غش وكذب وعنف، فإن هذه الصفات تقوى لديه، وتلتصق في نفسيته، وتنغرس أكثر عنده، وهنا يأتي دور المعلم في التربية إلى جانب دوره في التعليم، إذ يجب على المعلم أن يقوم بتوجيه الطلاب وإرشادهم بالابتعاد عن سبل الغش والفساد والخداع والكذب، وتوضيح مساوئ هذه الرذائل من حيث أن الدين الإسلامي والأديان السماوية الأخرى تحرم ذلك، وتودي هذه الصفات بصاحبها إلى طرق الشر والرذيلة والهلاك، وينشأ الطالب نشأة سيئة، يفقد احترامه وقيمته في المجتمع إذا سلك مثل هذه الطرق الذميمة.
وإنني أؤكد بإلحاح، على ضرورة وجود مرشد أو أكثر في المدرسة يكون دوره دائماً بإرشاد الطلبة إلى الأخلاق الحميدة، ويهديهم إلى الطرق الرشيدة، ويقوم بتوجيههم إذا ما نشب بين الطلبة نزاع أو انحرف شخص عن جادة الصواب، يقوم بإرشاده وتوجيهه وزرع الأخلاق الفاضلة في نفسه، وأن يستغل المرشد حصص الفراغ أو النشاط، أو تخصص المدرسة حصة واحدة كل شهر لإشغالها بأمور الإرشاد والتوجيه.
ج- مهمة وزارة التربية والتعليم:
إن مهمة الوزارة في محاربة الغش هي مهمة صعبة وجسيمة، نظراً لأن من يمارسون هذه الجريمة أصبحوا ذوي خبرة، ولهم أوكار ووسائل مبتذلة، وربما يصعب معرفتها، ولذلك يجب على الجميع من الشرفاء أن تتضافر جهودهم مع جهود الوزارة والأجهزة الأمنية من أجل محاربة هذا الوحش الكاسر (الغش)، لإحقاق الحق وإزهاق الباطل، لأن الغش باطل، يتمادى على الحق، ويغمط حقوق الآخرين لكن الباطل كان زهوقا، بحول الله ومشيئته .
ولما كان الغش جريمة، وتشكل هذه الجريمة خطراً على المجتمع، فإن من الضروري جداً ان تضع الوزارة قانوناً لهذه الجريمة، يعاقب بموجبه المجرم لاقترافه الجرم، وذلك بالإضافة إلى الإجراءات التي تتبعها الوزارة في قاعات الامتحانات، للحد من الغش، كما أن على الوزارة أن تقوم بتدريس المبادئ القانونية في الصفوف الأساسية الأولى في المدارس، وكذلك في أثناء المرحلة الثانوية، ليتفهم الطالب أن هذه العادة المبتذلة يعاقب عليها القانون، كما أن على الوزارة أن تُضمِّنَ في محتوى مادة التربية الوطنية التي تقررها في المنهاج الدراسي، أن مثل هذه العادات السيئة، يجب الابتعاد عنها وتركها، وعلى الطالب أن يتحلى بالعادات الحميدة والأخلاق الحسنة، وأن يبتعد عن الغش وعن كل طالب يمارس عادة الغش.
وحبذا لو أن الوزارة تقوم بتعيين مرشد اجتماعي أو أكثر من مرشد في كل مدرسة، يقوم بتوجيه الطلبة إلى اتباع السلوك القويم والطرق السليمة التي تقودهم إلى التحلّي بالأخلاق الفاضلة والحميدة، ومن ناحية أخرى يقوم المرشد بمعالجة الطلبة المنحرفين أو الضالين أو الذين يعانون من مشكلات اجتماعية أو سلوكية.
د- مجلس الأمة:
والأمل معقود على مجلس الأمة ( نواب الوطن والأمة) أن يشدوا على يدي هذا الوزير ويقفوا إلى جانبه لمحاربة هذا الوباء الخطير الذي يفتك بالمجتمع، ويحاربوا الغش والفساد والمفسدين لإنقاذ هذا الوطن من ويلات الغش وأهله.

جوائز المعلم المتميز:
إن الخطوة الرائدة التي قامت بها جلالة الملكة رانيا العبد الله بتأسيس جائزة المعلم المتميز، لهي خطوة جديرة بالإعجاب والتقدير والثناء، وحريّ بنا الاقتداء بها، وليت أن الوزارة تقوم بتأسيس جائزة للطالب المثالي في الأخلاق والآداب واحترام المعلم واحترام المدرسة، والأمانة العلمية، والعزوف عن الغش وكراهيته، والمحافظة على نظافة كتابة ونظافة مدرسته، وأن يخصص لكل شأن من هذه الأمور علامة، يكون ملخصها ومجموعها نتيجة لقرار حصوله على جائزة أفضل طالب في المدرسة، وحبذا أن تكون لأفضل عشرة طلاب في كل مدرسة، لكي يكون حافز التنافس متاحاً أمام أكبر عدد ممكن من الطلبة ، يتنافسون على الفضيلة وعلى الأخلاق الحميدة والسلوك المستقيم.
د- مهمة الجامعة:
طالما أن رسالة الجامعة (أي جامعة) هي رسالة مُثْلى، تقوم على نشر العلم وابتكار النظريات والبحث العلمي، إلى جانب نشر الفضيلة والقيم والمُثُل العليا، وخلق أجيال يعتمد عليها الوطن والأمة، والتحلي بالرجولة والشجاعة والفضيلة والصدق والأمانة، كما العلم والمعلومات والأفكار البناءة، ولهذا كله، فإنا نربأ بالمعلم في الجامعة أن يكون أهلاً لذلك، وأهلاً لتربية الأجيال وزرع القيم والمثل العليا في نفوس أبنائه، وأن لا ينحاز في عمله لجهة أو لأحد، وأن يأخذ في اعتباره، أن قضية الغش هي قضية خطيرة تهدد المجتمع بأكمله، وعلى المدرس في الجامعة أن يعامل الطلبة سواسية ودون تمييز، وأن يقوم بإرشاد الطلبة وتوجيههم نحو القيم والمثل العليا، وأن يشد اهتمامهم لمحاضرته من أجل استيعاب مضمونها، كما أن على المدرس أو أستاذ الجامعة، أن لا يقصر تدريسه على المادة التي يؤلفها هو، بل يرشد طلبته ويوجههم إلى مصادر ومراجع أخرى للمادة من أجل أن يوسِّع مداركهم ومفاهيمهم.
كما يتوجب على الجامعة أن تعيد النظر في سياسة القبول، وتعيد النظر بالقبول عن طريق الاستثناءات والكوتات وقوائم أبناء العشائر وقوائم المدارس الأقل حظاً.
كما يتوجب على الجامعة أن تقرر دراسة مبادئ في القانون، لتعريف الطالب بالعقوبة التي تترتب على الغش والعقوبة التي تترتب على العنف، وعلى من يرتكب الخطأ والعدوان، وحتى على من يشتم أحداً أو يؤذيه.
وعلى الجامعة أن تلتزم بسياسة ثابتة في تعيين أعضاء هيئة التدريس، فلا تقوم الا بتعيين أصحاب الكفاءات والخبرات العالية، وممن تخرجوا في جامعات ذات سمعة رفيعة وممتازة.
وعلى الجامعة أن تقوم بتعيين مرشدين اجتماعيين يوجهون الطلبة نحو المثل والقيم العليا، ويساعدونهم في حل المشكلات التي تعترض سبيلهم.
وعلى الجامعة أن تقوم بعقد محاضرات وندوات عامة في الإرشاد والتوجيه للطلبة في بداية كل عام جامعي أو بداية كل فصل دراسي، حول العنف الجامعي، وحول الغش، تتضمن النصح والإرشاد والتوجيه.
وعلى الجامعة أن تقوم بإصدار العقوبات التي تترتب على مخالفات الطلبة في الغش والعنف وغير ذلك من المخالفات، وأن لا تسمح لأحد من وجهاء العشائر أو النواب أو المتنفذين وأصحاب النفوذ، بأن يتدخلوا في القرارات أو العقوبات الصادرة عنها.
وعلى الجامعة أن تقوم بتطبيق قرارات الحاكمية الجامعية، تلك الحاكمية التي تنظم أعمال الجامعة الإدارية والقانونية والمالية والأكاديمية، حيث أن الجامعة تقوم على هدي تلك الحاكمية بتسيير الأمور فيها بحكمة وانتظام واقتدار، وتصبح الأعمال فيها فوضى بدونها، بل عليها أن لا تحابي ولا تداري، وأن تطبق النظام والقوانين على كلٍ سواء.
هـ- مهمة المسجد والكنيسة:
نظراً لما لظاهرة الغش من خطورة على المجتمع وعلى الوطن والأمة، ولأن خطورتها لا تقل عن خطورة المخدرات، ولأن ديننا الحنيف والديانات السماوية الأخرى نهت عن ارتكاب هذه الجريمة الشنعاء، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من غشنا فليس منا)، أي أنه ليس مسلماً، وأن الإسلام بريءٌ ممن يرتكب جريمة الغش، كما هو مفهوم الحديث النبوي الشريف، ولذلك، والحالة هذه، فإنه يتوجب على وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، أن تقوم بالتعميم على مديريات الأوقاف، بأن يقوم خطباء المساجد والوعاظ بإلقاء خطبهم الدينية أو تضمينها بالنصح والإرشاد لنبذ أعمال الغش والابتعاد عن أهل الغش ومرتكبيه، نظراً لما له من خطورة على الدين والمجتمع، وكذلك يتوجب على الكنيسة، أن تقوم بالتوعية والنصح والإرشاد للابتعاد عن هذه الجريمة القبيحة.
وخلص الدكتور نواصرة بنهاية كتابه إلى التوصيات التالية إلى وزارة التربية والتعليم:
1- إن من الضروري وضع قانون لجريمة الغش، لحماية التوجيهي وحماية مستقبل الأجيال المقبلة من الاعتداء على حقوقهم في العلامات من عدوان الغشاشين وعلى مستقبل مقاعدهم في الجامعات والدراسات العليا، ولحماية الوطن من أن يتقلد قياداته والمناصب العليا فيه من أهل الغش ومن يمارسونه.
2- إن من الضروري استمرار الوزارة في محاربة الغش بالوسائل التي استعملتها، وبالطرق الحاسمة التي دأبت عليها خلال العام (2014)، وضرورة عدم التهاون مع مرتكبي جرائم الغش، ومن الضروري جداً أن تستمر هذه الوزارة بجهودها في محاربة الغش والفساد بنفس الأساليب والوسائل.
3- ضرورة تعاون المؤسسات والوزارات ومختلف فئات المجتمع، مع وزارة التربية والتعليم، لمكافحة ظاهرة الغش.
4- أن تتضمن أسئلة التوجيهي سؤالاً واحداً على الأقل في كل مادة، من منهاج السنة التي تسبق التوجيهي، وذلك من أجل الاهتمام بالمعلومات التي درسوها في السنوات السابقة.
5- أن تركز وزارة التربية والتعليم على موضوع المطالعة والكتب اللامنهجية والاهتمام بها، وذلك لتوسيع ثقافة الطالب.
6- أن تولي الوزارة اهتماماً أكثر بموضوع الإنشاء، وأن يسمى: (الإنشاء والمطالعة)، وأن يعطي الطلبة في التوجيهي سؤالان: أحدهما للإنشاء والثاني للمطالعة، وذلك لبيان سعة اطلاع الطالب وثقافته.
7- تدريس مادة تتعلق بغرس القيم والمثل والأخلاق عند الطالب، وتُكافح الغش والفساد والكذب والعنف في المدارس والجامعات، وذلك ضمن مادة (التربية الوطنية).
8- تدريس مادة تتعلق بمبادئ القانون، كتعريف للطالب بالعقوبات التي تترتب على من يرتكب جريمة الغش، أو من يقترف أسلوب العنف أو أي نوع من الأعمال اللأخلاقية، مع بيان وتوضيح نوع العقوبة القانونية المناسبة لكل مخالفة، وذلك من أجل إعادة الهيبة للتوجيهي، والذي هو جزء من هيبة الدولة.
9- ضرورة إعادة النظر في المناهج المدرسية لجميع المراحل، وتشكيل لجنة موسعة لهذه الغاية.
10- ضرورة التركيز على نشيد وطني في أثناء الطابور الصباحي للطلبة حول الوطن والذود عن الوطن.
11- من الضروري عقد دورات تدريبية للمعلمين حديثي التعيين لتعريفهم وتدريبهم بكيفية التعامل مع الطلبة على مختلف مستوياتهم وذكائهم، على غرار الدورات التدريبية لأعضاء الهيئات التدريسية التي تعقد في الجامعات الرسمية.
12- من الضروري أن تقوم وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، بالتعميم على مديريات الأوقاف والمساجد والكنائس، لتضمين الخطب الدينية، ودروس الوعظ والإرشاد، بالابتعاد عن الغش وضرورة مكافحته ومكافحة كل أشكال الفساد.
13- من الضروري عقد ورش عمل في كل محافظة، أو مؤتمر وطني عام حول الغش والفساد ومحاربته.
14- من الضروري منح شهادة حسن سلوك لمن يستحقها في نهاية المرحلة الدراسية، وعند التحاقه بالدراسة في الجامعة.
15- من الضروري منح جائزة لأفضل عشرة طلاب في المدرسة في نهاية كل عام دراسي وكذلك في نهاية المرحلة الثانوية لأفضل الطلبة سلوكاً وأخلاقاً، وتحديد عدد الطلبة بعشرة مثلا من أجل خلق التنافس بينهم على سلوك الأخلاق الفاضلة والحميدة.
16- كما أن وزارة التربية والتعليم دأبت على إقامة مخيمات كشفية في العطلة الصيفية، أتمنى على الوزارة أن تعقد مخيماً كشفياً مميزاً وذا طابع مميز للطلبة المميزين أخلاقياً والمميزين بسلوكهم الممتاز ولو لمدة أسبوع واحد، وذلك تقديراً لأخلاقهم ولآدابهم.
وكذلك خلص الدكتور نواصرة بنهاية كتابه إلى التوصيات التالية إلى المعلم ونقابة المعلمين:
1- من الضروري جداً وضع قانون يحمي المعلم من تغول الطلبة وأهليهم، وتغليظ العقوبات التي تتعلق بالاعتداء على المعلم في أثناء وظيفته وعمله الرسمي، وإسبال الهيبة على المعلم كموظف دولة، لأن هيبة المعلم من هيبة الدولة.
2- ضرورة تحسين أوضاع المعلم المادية والاجتماعية والقانونية، ليشعر بالعيش الكريم، وليتمكن من خلال شعوره بالطمأنينة من جميع متطلبات معيشته، ليتمكن من البذل والعطاء بشكل أفضل.
3- ضرورة عزوف المعلم عن فكرة إعطاء الدروس الخصوصية خارج أوقات دوامه الرسمي، بل يبذل جهوده بإخلاص الضمير، لملء وقت الحصة الدراسية كاملاً، من أجل إفهام الطالب بشكل أفضل.
4- ضرورة إشراك أحد أعضاء النقابة في لجنة وضع المناهج الدراسية.
5- ضرورة إشراك النقابة في مجلس التربية والتعليم.
6- من الضروري أن تراعي نقابة المعلمين، الظروف التي يمر بها وطننا العزيز، عند اتخاذ القرارات العامة التي تتعلق بالمعلمين، وأن تكون مصلحة الوطن هي العليا وفوق كل اعتبار، وأن لا يجوز مساواة النقابة بالوزارة، أي بمعنى آخر، لا يجوز أن تكون هناك دولة داخل دولة.
وأشار الباحث إلى أنه قد قدم بحثه وخصه كإهداء في بداية كتابه إلى كل طالب مجتهد نقي الضمير، طاهر السيرة والسريرة، نجح بجدّه واجتهاده، والذي لا تعرف نفسه إلى الغش والفساد طريقاً، وإلى كل شخص يكفر بالفساد ويحارب الغش وأهله، ويمقت الكذب والخداع وأنصاره، وإلى الذين وصلوا إلى مقاعد الجامعة بكدهم وعنائهم وعرق جبينهم، وليس بالغش وطرق الفساد، وإلى معالي وزير التربية والتعليم الأستاذ الدكتور محمد ذنيبات تقديراً لجهده المقدام في محاربته للغش المدرسي.

ويشار إلى أنه قد صدر للمؤلف المنشورات التالية:

1. القراءات القرآنية.
2. الدراسات النحوية عند السيوطي.
3. أثر فتح مكة في أدب صدر الإسلام.
4. لهجات القبائل العربية في القرآن الكريم.
5. الفصاحة والبيان وبلاغة الكلام عند سيدنا الإمام.
6. ديوان رؤبة بن العجاج / دراسة وتحقيق.
7. موقف جلال الدين السيوطي من المدارس النحوية والقضايا اللغوية.
8. العنف الجامعي والعنف المجتمعي وجذور البلاء.
9. البلاغة والبيان وفصاحة الكلام عند سيدنا الإمام.
10. ابن بابشاذ وجهوده النحوية (تحت الطبع).
11. علم العروض والقوافي (تحت الطبع).
تابعو الأردن 24 على google news