ماذا أضاف إنريكي لبرشلونة؟
جو 24 : حقق برشلونة فوزاً هاماً وثميناً للغاية على حساب غريمه التقليدي ريال مدريد في الكلاسيكو الأخير، ابتعد من خلاله بصدارة الليجا الإسبانية بفارق 4 نقاط عن الميرينجي وصار المرشح الأبرز لنيل اللقب.
فبعد شوط أول متوسط من جانب برشلونة، تفوق فيه رفاق كريستيانو رونالدو نسبياً، انقلب الحال تماماً في الشوط الثاني، شوط المدربين، بقراءة صحيحة وإدارة سليمة من جانب الفني الإسباني لويس إنريكي، الذي استطاع أن يقود فريقه لخطف النقاط الثلاث في النهاية ليواصل قطار برشلونة سيره على الطريق الصحيح نحو التتويج بالألقاب.
ومن هنا بدأ الجمهور البرشلوني يُدرك أن على رأس العارضة الفنية لفريقه مدرب كفء بعد أن كان أنصار الكتلان ساخطين على مدرب روما الأسبق بسبب اهتزاز النتائج في فترة سابقة وخسارة مباريات مهمة مثل كلاسيكو الدور الأول ومقابلة ملعب الأمراء ضد باريس سان جيرمان في دور مجموعات دوري الأبطال.
أتصور أن إنريكي استحق النقد في تلك المرحلة، بسبب قراراته السيئة خصوصاً في كلاسيكو الدور الأول، والذي قرر فيه فجأة الاعتماد على ماتيو في الظهير الأيسر بدلاً من ألبا ودفع بتشافي أساسياً بدلاً من راكيتيتش الأساسي في الارتكاز المساند منذ بداية الموسم !.
إلا أن إنريكي بدأ يعود إلى صوابه منذ خسارة سوسييداد، واستطاع أن يقود سفينة برشلونة بهدوء وحكمة للوصول إلى نهائي كأس الملك ضد بلباو، والعبور إلى ربع نهائي دوري الأبطال لمواجهة سان جيرمان، وانتزاع صدارة لا ليجا من ريال مدريد بل والابتعاد بها عن اللوس بلانكوس.
عندما أخطأ الرجل انتقدناه وانتقدته شخصياً بشكل لاذع، ولكن عندما يُصيب ويُدير الفريق بالشكل الصحيح، لابد وأن نثني عليه بل ونسلط الضوء على ما أضافه صاحب الـ 44 ربيعاً لفريق برشلونة.
الدولي الإسباني الأسبق استلم الفريق وهو في حالة سيئة .. موسم خالٍ من البطولات والفريق يعاني الكثير من المشاكل .. تراجع مستوى بيكى وألفيش وانخفاض شديد في مستوى خط الوسط بكبر عمر تشافي وافتقار الفريق إلى العمق الهجومي.
برشلونة كان بحاجة إلى ثورة حقيقية يقودها رجل ذو شخصية قوية، قادر على اتخاذ قرارات فريدة من نوعها وصارمة. إنريكي بالفعل أحدث ثورة شاملة ببرشلونة بدأ مع الوقت يجني ثمارها، ولكن ما هي ملامح هذه الثورة؟ وماذا تغير في برشلونة مع لويس إنريكي؟ .. هذا ما سوف نتعرف عليه من خلال هذا التحليل ..
* ميسي محور الفريق وتحجيم ألفيش
من أكثر الأمور التي يستحق عليها إنريكي كل الثناء والإشادة والمديح هي تغييره لمحور صناعة اللعب في برشلونة.
الرجل واجه حقيقة مرة عند مجيئه وهي تراجع مستوى تشافي البدني بالتزامن مع انخفاض مستوى إنييستا الفني في الوقت الذي يعد فيه الثنائي محور صناعة اللعب في الفريق الكتلوني بالإضافة إلى ميسي.
صحيح أن راكيتيتش قد انضم لصفوف الفريق وهو صانع لعب جيد ولكنه ليس بنفس كفاءة تشافي بالتأكيد علاوة على أنه لا يتمتع بنفس التناغم والتجانس الذي يتمتع به المايسترو الكتلوني مع إنييستا نتيجة سنوات اللعب الطوال معاً في برشلونة ومنتخب إسبانياً، مما دفع إنريكي لتغيير محور صناعة اللعب إلى ليونيل ميسي.
ومنذ أن أصبح البرغوث الأرجنتيني هو محور فريق برشلونة، عاد ميسي السفاح، جلاد الجلادين وسيد اللاعبين وعنصر صناعة الفارق للبرسا، مثلما كان حاله مع بيب ، ولكن الفارق أنه كان محور برشلونة كمهاجم وهمي مع جوارديولا، أما مع إنريكي فهو محور الفريق كصانع لعب.
تغيير مركز ميسي للجناح الأيمن بدلاً من المهاجم الوهمي أفاد الفريق بطريقة أخرى عن طريق تحجيم دور ألفيش الهجومي لأن البرسا صار يعتمد أكثر على الكرات الساقطة من ميسي في العمق أو إلى جهة اليسار لنيمار أو للقادمين من الخلف سواء ألبا أو حتى راكيتيتش في لقطة هدف مباراة السيتي، ومن هنا بدأ برشلونة يتعافى من أزمة ثغرة ألفيش في الجانب الأيمن بعدما لم يعد "الدراجة" محوراً أساسياً من محاور صناعة اللعب في البرسا.
* إضافة سلاح الهجمة المرتدة
من أهم الإيجابيات بالنسبة للويس إنريكي مع برشلونة أنه أضاف سلاح الهجمة المرتدة إلى خزانة الفريق مستغلاً سرعة سواريز ونيمار وقدرة ميسي على تقديم التمريرة الحاسمة بشكل ممتاز، وهذا الأمر ساعد الفريق على أن يكون أخطر وأشرس وأكثر واقعية وأقوى تكتيكياً من ذي قبل، لأنه لم يعد بإمكان خصوم برشلونة أن يتركوا مساحات في الخلف لمهاجمي البرسا، ففي السابق لم يكن ذلك الأمر يشكل خطورة عليهم لأنهم عندما يخسرون الكرة سيمنح البلاوجرانا لاعبيهم الوقت الكافي للعودة لأخذ مواقعهم الدفاعية المثالية، أما الآن فبمجرد استعادة برشلونة للكرة يمكنه استغلال المساحات الشاغرة في دفاعات المنافسين لشن هجماته المرتدة السريعة.
لم يكن مقبولاً أبداً أن فريقاً بحجم وطموحات برشلونة، ينافس على كل الجبهات، لا يستعمل ذلك السلاح الناجع الذي يستثمره كل فرق العالم وعلى رأسها منافسه المباشر وغريمه التقليدي ريال مدريد !.
* استعادة هيبة الدفاع
التحدي الأكبر الذي كان يواجه لويس إنريكي هو استعادة برشلونة لهيبته الدفاعية. البرسا كان يعاني بشدة من اهتزاز مستوى دفاعه نتيجة تراجع مستوى جيرارد بيكى وكبر سن بويول وقلة خبرة بارترا ومشاركة ماسكيرانو في غير مركزه. هذا الوضع تغير تماماً مع لاعب الوسط المتقاعد، الذي طور من المنظومة الدفاعية الكتلونية بالإضافة إلى قيامه بعمل كبير من أجل استعادة بيكى لمستواه الكبير مع البلاوجرانا، حتى صار الآن أبو ميلان وساشا واحداً من أفضل المدافعين في أوروبا إن لم يكن الأفضل على الإطلاق.
* سواريز والعمق الهجومي
ما من شك في أن سواريز قد أضاف الكثير والكثير لفريق برشلونة منذ قدومه من ليفربول الصيف الماضي، ليس فقط على مستوى تسجيل الأهداف أو حتى هدفه الحاسم في كلاسيكو الكامب نو المنقضي منذ أيام ولكن اللويزيتو يقوم بعمل تكتيكي رائع، أضاف لبرشلونة بُعداً هجومياً كان يفتقده لسنوات منذ رحيل إبراهيموفيتش.
كنتُ واحداً من المحللين الذين ينادون بحاجة برشلونة إلى مهاجم صريح يخلق عمقاً هجومياً للفريق في المباريات المعقدة التي تكون فيها المساحات مغلقة، وأعتقد أن الكلاسيكو الأخير كان خير شاهد على أهمية مركز المهاجم الصريح وعلى قيمة لاعب بحجم وإمكانيات سواريز ليكون اللاعب الأمثل لأداء ذلك الدور في صفوف برشلونة.
* استغلال الضربات الثابتة
بشكل مفاجئ لنا جميعاً، صار برشلونة واحداً من أفضل الفرق في أوروبا استغلالاً للكرات الثابتة حيث سجل البرسا 12 هدفاً هذا الموسم من كرات ثابتة ما بين ضربات ركنية ومخالفات، والملفت للنظر أنه بنفس العناصر باستثناء إضافة سواريز وماتيو، وهذا يعكس العمل الكبير من قبل المدرب، الذي عرف كيف يلقن لاعبيه بعض الجمل التكتيكية التي نجحوا في تنفيذها في بعض المباريات، وخير دليل على ذلك هدف ميسي الثاني في إيبار، والذي يوضح الجملة التكتيكية المتفق عليها بتقدم كل اللاعبين طوال القامة وتأخر لاعب آخر في غفلة من مدافعي الخصم، هو من تُمرر إليه الكرة ليضعها برأسه في الشباك.
* الصلابة في الدفاع ضد الكرات الثابتة
كثيراً ما عانى برشلونة من دخول أهداف في شباكه عن طريق الضربات الثابتة والكرات الرأسية، هذا الأمر تغير تماماً مع لويس إنريكي حيث شاهدنا مدى صلابة الفريق في الدفاع ضد مثل هذه اللعبات خصوصاً ضد فريق يُجيدها إجادة تامة مثل أتلتيكو مدريد سواء في لقاء الليجا أو في مباراتي ربع نهائي كأس الملك، والمثير في الأمر أن برشلونة ظهر بتلك الصلابة بنفس العناصر وبلاعبين قصار القامة مثل ماسكيرانو في قلب الدفاع، مما يعني أنه عمل مدرب عرف كيف يحفظ لاعبيه كيف يتمركزون ويراقبون لاعبي الخصم بطريقة صحيحة في مثل هذه الكرات.
* عودة ماسكيرانو للوسط وإمكانية شراكته مع بوسكتس
من أبرز محاسن عمل إنريكي مع برشلونة هذا الموسم هي عودة ماسكيرانو لشغل مركزه الأصلي كارتكاز الدفاعي بالإضافة إلى لعبه كقلب دفاع، هذا الأمر ساعد بوسكتس كثيراً على محورين: الأول: الضغط عليه وجعله يقدم أفضل ما لديه حيث أصبح هنالك من هو قادر على إزاحته من مكانه إن قصّر في أدائه، وهو ما تحقق بالفعل حيث ارتفع مردود صاحب القميص رقم 5 بشكل ملحوظ، والثاني منحه قسطاً من الراحة وعدم إلقاء عبء الارتكاز الدفاعي لبرشلونة على كاهله بمفرده.
كذلك من أبرز ملامح ثورة إنريكي في برشلونة أنه صار يعتمد على ثنائي في الارتكاز في بعض المباريات مثل لقاء الكلاسيكو الأخير. كان جمهور برشلونة يتعجب في السابق من عدم اعتماد أي مدرب للبرسا على ثنائي في الارتكاز مهما كانت حاجة الفريق إلى هذا الأمر، وكأنه شئ مُحرم أو بدعة شيطانية !، ولكن ثار إنريكي على هذا الشئ وبات يعتمد على شراكة بوسكتس وماسكي في الوقت الذي يحتاج فيه الفريق لذلك، وهي نقطة إيجابية جداً في مسيرة إنريكي مع البلاوجرانا حتى الآن.
* حارس للدوري وحارس للأبطال
في رأيي تعامل إنريكي بشكل ذكي مع هديتي زوبيزاريتا في الصيف الماضي: برافو وتير شتيجن في حراسة المرمى، فحسناً فعل بالاعتماد على برافو في الليجا وتير شتيجن في كأس الملك ودوري الأبطال، فلم يكن مقبولاً أن يحصل حارس بإمكانيات تير شتيجن كواحد من أبرز الحراس الواعدين على مستوى العالم على الصفة الأساسية في الكأس فقط، وكان من المؤكد أنه لن يرضَ بتهميش دوره بهذا الشكل وكان سيسأل الرحيل في يناير أو على الأقل يُحدث المشاكل داخل الفريق، وفي نفس الوقت، هذا الأمر منح بعض الراحة لبرافو، فبدلاً من أن يلعب مباراتين في أسبوع واحد، يلعب مباراة واحدة في الأسبوع، وبالتالي يحصل على المزيد من الوقت للتعافي ذهنياً من المباراة السابقة والتحضير للمباراة التالية.
- أخيراً .. هذا التحليل استهدف تسليط الضوء على العمل الكبير الذي قام به لويس إنريكي مع برشلونة هذا الموسم، وليس الهدف منه تمجيد إنريكي أو القول أنه مدرب عظيم، فالحكم النهائي على مدرب سيلتا الأسبق سيكون من خلال الألقاب التي سيحققها الفريق الكتلوني بعد نهاية الموسم. البعض بدأ يُرشح البرسا لسداسية جديدة ويقارن برسا إنريكي ببرسا جوارديولا، ولكني شخصياً ورغم رضاي عن برسا إنريكي، أرفض هذه المقارنة لأن جوارديولا امتلك كتيبة من اللاعبين جميعهم في أوج عطائهم وصنع منهم فريقاً صلباً تكتيكياً وفنياً جنباً إلى جنب إلى فلسفة الاستحواذ والمتعة الكروية، أما إنريكي فتعامل بواقعية مع ظروف فريقه وحاول إخراج أفضل منتج من خلال الخامات المتوفرة لديه ونجح في ذلك حتى الآن. لا داعي للنظر بعيداً نحو السداسية من الآن، فالفريق ما زالت لديه تحديات صعبة، كل ما هو مطلوب الآن من إنريكي ولاعبيه هو مواصلة نتائجهم الإيجابية والتنافس بشكل قوي يليق باسم برشلونة في جميع البطولات وفي النهاية سنرى كيف ستسير الأمور بالنسبة للبرسا وما إذا كان سيحالفهم التوفيق أو لا.
جول
فبعد شوط أول متوسط من جانب برشلونة، تفوق فيه رفاق كريستيانو رونالدو نسبياً، انقلب الحال تماماً في الشوط الثاني، شوط المدربين، بقراءة صحيحة وإدارة سليمة من جانب الفني الإسباني لويس إنريكي، الذي استطاع أن يقود فريقه لخطف النقاط الثلاث في النهاية ليواصل قطار برشلونة سيره على الطريق الصحيح نحو التتويج بالألقاب.
ومن هنا بدأ الجمهور البرشلوني يُدرك أن على رأس العارضة الفنية لفريقه مدرب كفء بعد أن كان أنصار الكتلان ساخطين على مدرب روما الأسبق بسبب اهتزاز النتائج في فترة سابقة وخسارة مباريات مهمة مثل كلاسيكو الدور الأول ومقابلة ملعب الأمراء ضد باريس سان جيرمان في دور مجموعات دوري الأبطال.
أتصور أن إنريكي استحق النقد في تلك المرحلة، بسبب قراراته السيئة خصوصاً في كلاسيكو الدور الأول، والذي قرر فيه فجأة الاعتماد على ماتيو في الظهير الأيسر بدلاً من ألبا ودفع بتشافي أساسياً بدلاً من راكيتيتش الأساسي في الارتكاز المساند منذ بداية الموسم !.
إلا أن إنريكي بدأ يعود إلى صوابه منذ خسارة سوسييداد، واستطاع أن يقود سفينة برشلونة بهدوء وحكمة للوصول إلى نهائي كأس الملك ضد بلباو، والعبور إلى ربع نهائي دوري الأبطال لمواجهة سان جيرمان، وانتزاع صدارة لا ليجا من ريال مدريد بل والابتعاد بها عن اللوس بلانكوس.
عندما أخطأ الرجل انتقدناه وانتقدته شخصياً بشكل لاذع، ولكن عندما يُصيب ويُدير الفريق بالشكل الصحيح، لابد وأن نثني عليه بل ونسلط الضوء على ما أضافه صاحب الـ 44 ربيعاً لفريق برشلونة.
الدولي الإسباني الأسبق استلم الفريق وهو في حالة سيئة .. موسم خالٍ من البطولات والفريق يعاني الكثير من المشاكل .. تراجع مستوى بيكى وألفيش وانخفاض شديد في مستوى خط الوسط بكبر عمر تشافي وافتقار الفريق إلى العمق الهجومي.
برشلونة كان بحاجة إلى ثورة حقيقية يقودها رجل ذو شخصية قوية، قادر على اتخاذ قرارات فريدة من نوعها وصارمة. إنريكي بالفعل أحدث ثورة شاملة ببرشلونة بدأ مع الوقت يجني ثمارها، ولكن ما هي ملامح هذه الثورة؟ وماذا تغير في برشلونة مع لويس إنريكي؟ .. هذا ما سوف نتعرف عليه من خلال هذا التحليل ..
* ميسي محور الفريق وتحجيم ألفيش
من أكثر الأمور التي يستحق عليها إنريكي كل الثناء والإشادة والمديح هي تغييره لمحور صناعة اللعب في برشلونة.
الرجل واجه حقيقة مرة عند مجيئه وهي تراجع مستوى تشافي البدني بالتزامن مع انخفاض مستوى إنييستا الفني في الوقت الذي يعد فيه الثنائي محور صناعة اللعب في الفريق الكتلوني بالإضافة إلى ميسي.
صحيح أن راكيتيتش قد انضم لصفوف الفريق وهو صانع لعب جيد ولكنه ليس بنفس كفاءة تشافي بالتأكيد علاوة على أنه لا يتمتع بنفس التناغم والتجانس الذي يتمتع به المايسترو الكتلوني مع إنييستا نتيجة سنوات اللعب الطوال معاً في برشلونة ومنتخب إسبانياً، مما دفع إنريكي لتغيير محور صناعة اللعب إلى ليونيل ميسي.
ومنذ أن أصبح البرغوث الأرجنتيني هو محور فريق برشلونة، عاد ميسي السفاح، جلاد الجلادين وسيد اللاعبين وعنصر صناعة الفارق للبرسا، مثلما كان حاله مع بيب ، ولكن الفارق أنه كان محور برشلونة كمهاجم وهمي مع جوارديولا، أما مع إنريكي فهو محور الفريق كصانع لعب.
تغيير مركز ميسي للجناح الأيمن بدلاً من المهاجم الوهمي أفاد الفريق بطريقة أخرى عن طريق تحجيم دور ألفيش الهجومي لأن البرسا صار يعتمد أكثر على الكرات الساقطة من ميسي في العمق أو إلى جهة اليسار لنيمار أو للقادمين من الخلف سواء ألبا أو حتى راكيتيتش في لقطة هدف مباراة السيتي، ومن هنا بدأ برشلونة يتعافى من أزمة ثغرة ألفيش في الجانب الأيمن بعدما لم يعد "الدراجة" محوراً أساسياً من محاور صناعة اللعب في البرسا.
* إضافة سلاح الهجمة المرتدة
من أهم الإيجابيات بالنسبة للويس إنريكي مع برشلونة أنه أضاف سلاح الهجمة المرتدة إلى خزانة الفريق مستغلاً سرعة سواريز ونيمار وقدرة ميسي على تقديم التمريرة الحاسمة بشكل ممتاز، وهذا الأمر ساعد الفريق على أن يكون أخطر وأشرس وأكثر واقعية وأقوى تكتيكياً من ذي قبل، لأنه لم يعد بإمكان خصوم برشلونة أن يتركوا مساحات في الخلف لمهاجمي البرسا، ففي السابق لم يكن ذلك الأمر يشكل خطورة عليهم لأنهم عندما يخسرون الكرة سيمنح البلاوجرانا لاعبيهم الوقت الكافي للعودة لأخذ مواقعهم الدفاعية المثالية، أما الآن فبمجرد استعادة برشلونة للكرة يمكنه استغلال المساحات الشاغرة في دفاعات المنافسين لشن هجماته المرتدة السريعة.
لم يكن مقبولاً أبداً أن فريقاً بحجم وطموحات برشلونة، ينافس على كل الجبهات، لا يستعمل ذلك السلاح الناجع الذي يستثمره كل فرق العالم وعلى رأسها منافسه المباشر وغريمه التقليدي ريال مدريد !.
* استعادة هيبة الدفاع
التحدي الأكبر الذي كان يواجه لويس إنريكي هو استعادة برشلونة لهيبته الدفاعية. البرسا كان يعاني بشدة من اهتزاز مستوى دفاعه نتيجة تراجع مستوى جيرارد بيكى وكبر سن بويول وقلة خبرة بارترا ومشاركة ماسكيرانو في غير مركزه. هذا الوضع تغير تماماً مع لاعب الوسط المتقاعد، الذي طور من المنظومة الدفاعية الكتلونية بالإضافة إلى قيامه بعمل كبير من أجل استعادة بيكى لمستواه الكبير مع البلاوجرانا، حتى صار الآن أبو ميلان وساشا واحداً من أفضل المدافعين في أوروبا إن لم يكن الأفضل على الإطلاق.
* سواريز والعمق الهجومي
ما من شك في أن سواريز قد أضاف الكثير والكثير لفريق برشلونة منذ قدومه من ليفربول الصيف الماضي، ليس فقط على مستوى تسجيل الأهداف أو حتى هدفه الحاسم في كلاسيكو الكامب نو المنقضي منذ أيام ولكن اللويزيتو يقوم بعمل تكتيكي رائع، أضاف لبرشلونة بُعداً هجومياً كان يفتقده لسنوات منذ رحيل إبراهيموفيتش.
كنتُ واحداً من المحللين الذين ينادون بحاجة برشلونة إلى مهاجم صريح يخلق عمقاً هجومياً للفريق في المباريات المعقدة التي تكون فيها المساحات مغلقة، وأعتقد أن الكلاسيكو الأخير كان خير شاهد على أهمية مركز المهاجم الصريح وعلى قيمة لاعب بحجم وإمكانيات سواريز ليكون اللاعب الأمثل لأداء ذلك الدور في صفوف برشلونة.
* استغلال الضربات الثابتة
بشكل مفاجئ لنا جميعاً، صار برشلونة واحداً من أفضل الفرق في أوروبا استغلالاً للكرات الثابتة حيث سجل البرسا 12 هدفاً هذا الموسم من كرات ثابتة ما بين ضربات ركنية ومخالفات، والملفت للنظر أنه بنفس العناصر باستثناء إضافة سواريز وماتيو، وهذا يعكس العمل الكبير من قبل المدرب، الذي عرف كيف يلقن لاعبيه بعض الجمل التكتيكية التي نجحوا في تنفيذها في بعض المباريات، وخير دليل على ذلك هدف ميسي الثاني في إيبار، والذي يوضح الجملة التكتيكية المتفق عليها بتقدم كل اللاعبين طوال القامة وتأخر لاعب آخر في غفلة من مدافعي الخصم، هو من تُمرر إليه الكرة ليضعها برأسه في الشباك.
* الصلابة في الدفاع ضد الكرات الثابتة
كثيراً ما عانى برشلونة من دخول أهداف في شباكه عن طريق الضربات الثابتة والكرات الرأسية، هذا الأمر تغير تماماً مع لويس إنريكي حيث شاهدنا مدى صلابة الفريق في الدفاع ضد مثل هذه اللعبات خصوصاً ضد فريق يُجيدها إجادة تامة مثل أتلتيكو مدريد سواء في لقاء الليجا أو في مباراتي ربع نهائي كأس الملك، والمثير في الأمر أن برشلونة ظهر بتلك الصلابة بنفس العناصر وبلاعبين قصار القامة مثل ماسكيرانو في قلب الدفاع، مما يعني أنه عمل مدرب عرف كيف يحفظ لاعبيه كيف يتمركزون ويراقبون لاعبي الخصم بطريقة صحيحة في مثل هذه الكرات.
* عودة ماسكيرانو للوسط وإمكانية شراكته مع بوسكتس
من أبرز محاسن عمل إنريكي مع برشلونة هذا الموسم هي عودة ماسكيرانو لشغل مركزه الأصلي كارتكاز الدفاعي بالإضافة إلى لعبه كقلب دفاع، هذا الأمر ساعد بوسكتس كثيراً على محورين: الأول: الضغط عليه وجعله يقدم أفضل ما لديه حيث أصبح هنالك من هو قادر على إزاحته من مكانه إن قصّر في أدائه، وهو ما تحقق بالفعل حيث ارتفع مردود صاحب القميص رقم 5 بشكل ملحوظ، والثاني منحه قسطاً من الراحة وعدم إلقاء عبء الارتكاز الدفاعي لبرشلونة على كاهله بمفرده.
كذلك من أبرز ملامح ثورة إنريكي في برشلونة أنه صار يعتمد على ثنائي في الارتكاز في بعض المباريات مثل لقاء الكلاسيكو الأخير. كان جمهور برشلونة يتعجب في السابق من عدم اعتماد أي مدرب للبرسا على ثنائي في الارتكاز مهما كانت حاجة الفريق إلى هذا الأمر، وكأنه شئ مُحرم أو بدعة شيطانية !، ولكن ثار إنريكي على هذا الشئ وبات يعتمد على شراكة بوسكتس وماسكي في الوقت الذي يحتاج فيه الفريق لذلك، وهي نقطة إيجابية جداً في مسيرة إنريكي مع البلاوجرانا حتى الآن.
* حارس للدوري وحارس للأبطال
في رأيي تعامل إنريكي بشكل ذكي مع هديتي زوبيزاريتا في الصيف الماضي: برافو وتير شتيجن في حراسة المرمى، فحسناً فعل بالاعتماد على برافو في الليجا وتير شتيجن في كأس الملك ودوري الأبطال، فلم يكن مقبولاً أن يحصل حارس بإمكانيات تير شتيجن كواحد من أبرز الحراس الواعدين على مستوى العالم على الصفة الأساسية في الكأس فقط، وكان من المؤكد أنه لن يرضَ بتهميش دوره بهذا الشكل وكان سيسأل الرحيل في يناير أو على الأقل يُحدث المشاكل داخل الفريق، وفي نفس الوقت، هذا الأمر منح بعض الراحة لبرافو، فبدلاً من أن يلعب مباراتين في أسبوع واحد، يلعب مباراة واحدة في الأسبوع، وبالتالي يحصل على المزيد من الوقت للتعافي ذهنياً من المباراة السابقة والتحضير للمباراة التالية.
- أخيراً .. هذا التحليل استهدف تسليط الضوء على العمل الكبير الذي قام به لويس إنريكي مع برشلونة هذا الموسم، وليس الهدف منه تمجيد إنريكي أو القول أنه مدرب عظيم، فالحكم النهائي على مدرب سيلتا الأسبق سيكون من خلال الألقاب التي سيحققها الفريق الكتلوني بعد نهاية الموسم. البعض بدأ يُرشح البرسا لسداسية جديدة ويقارن برسا إنريكي ببرسا جوارديولا، ولكني شخصياً ورغم رضاي عن برسا إنريكي، أرفض هذه المقارنة لأن جوارديولا امتلك كتيبة من اللاعبين جميعهم في أوج عطائهم وصنع منهم فريقاً صلباً تكتيكياً وفنياً جنباً إلى جنب إلى فلسفة الاستحواذ والمتعة الكروية، أما إنريكي فتعامل بواقعية مع ظروف فريقه وحاول إخراج أفضل منتج من خلال الخامات المتوفرة لديه ونجح في ذلك حتى الآن. لا داعي للنظر بعيداً نحو السداسية من الآن، فالفريق ما زالت لديه تحديات صعبة، كل ما هو مطلوب الآن من إنريكي ولاعبيه هو مواصلة نتائجهم الإيجابية والتنافس بشكل قوي يليق باسم برشلونة في جميع البطولات وفي النهاية سنرى كيف ستسير الأمور بالنسبة للبرسا وما إذا كان سيحالفهم التوفيق أو لا.
جول